بفضل مبادرات تطوعية شباب «يعيدون الحياة» إلى مقابر بالدارالبيضاء

استطاع عدد من المواطنين، من مختلف الأعمار، خاصة منهم الشباب أثناء شهر رمضان المبارك، من خلال جمعيات أو مجموعات «فيسبوكية» فقط، بمبادرات اجتماعية، أن «يعيدوا الحياة «إلى عدد من مقابر الدارالبيضاء كما هو الشأن بالنسبة لمقبرة الغفران، أو الشهداء، أو سيدي مسعود. مقابر حكم عليها البعض الآخر من منعدمي الضمير والإرادة على حدّ سواء، بأن تكون فضاء للموت المفتوح قسرا على كل الممارسات المخجلة التي تتم بعيدا عن الأعين، منتهكين حرمتها، ومتسببين في خرابها وتخريبها، وتحويلها إلى أوكار لكل الممارسات الشائنة، وإلى مطارح للنفايات بمختلف أنواعها!
مقابر تاهت القبور وشواهدها بين أرجائها، وتحولت ممراتها إلى أدغال موحشة بسبب انتشار «الطفيليات»، وطويت صفحات موتاها وتُركت للنسيان، طالها الإهمال، وعبثت بها أيدي العابثين، حتى بات مشهد الأزبال فيها عاديا شأنها في ذلك شان قنينات خمر وليس «الزهر»، وتلك التي تخص «الدوليو» ولصاق «السلسيون» وغيرها من المخلفات غير الطبيعية، التي انتشرت في فضاءات هي أهل لكل احترام وتوقير، وبأن تحفظ كرامة أهاليها حتى وإن ووريت أجسامهم الثرى.
مبادرات على غرار تلك التي جرى تنظيمها بشكل متفرق يوم الأحد 10 يونيو، سواء بمقبرة الغفران التي شهدت تنظيم مبادرتين متفرقتين، الأولى لمجموعة فيسبوكية تدعى «مبادرة كازا» والثانية لشباب ينتمون لجمعية التحدي للمساواة والمواطنة، أو تلك التي شهدتها مقبرة سيدي معروف بدعوة من صفحة على موقع الفضاء الأزرق تحمل إسم «مستجدات سيدي معروف»، وهي الأشكال المواطناتية التي جاءت قبل يومين من حدث «الزيارة»، هذا الطقس الذي تعارف عدد من الأشخاص على القيام به، ي غياب أي أساس «شرعي» له، حيث تحج خلالها أفواج كبيرة من المواطنين صوب المقابر سعيا لزيارة موتاهم ورفع وحشتهم ومجالستهم ومؤانستهم والترحم عليهم.
حملة «الغفران» التي قام بها فريقين اثنين، لا صلة لهما ببعضهما البعض، جمعتهما المقبرة في مبادرة إنسانية مدنية جديرة بكل التنويه، شأنها في ذلك شأن حملة «سيدي مسعود»، شمّر خلال المتطوعون عن سواعدهم وحملوا الرفوش والمعاول، واستعانوا بعربات يدوية للدفع وبأكياس بلاستيكية لجمع «تلال» الأعشاب والمخلّفات باعتماد قفازات بلاستيكية، وفي جو تضامني إنساني متميز أمكن لهم خلال ساعات من العمل التطوعي من إعادة لحياة والدفء إلى بعض أرجاء هذه المقابر، وساهموا في فكّ «العزلة» عنها، واستطاع فريق من المتطوعين طلاء القبور وتوحيد لونها في مشهد يسرّ الناظرين، ويجسّد الحياة في بعدها الأخر، في انتظار مزيد من المبادرات بمقابر أخرى وضعها لا يقلّ وحشة عما كان سائدا في التي عاشت المبادرات التطوعية، وهي الخطوات التي من شأنها المساهمة في سدّ الخصاص في هذا الباب نتيجة لإكراهات متعددة تتخبّط فيها عدد من المقابر.


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 14/06/2018