بمناسبة انتخابه نائبا أول لرئيس اللجنة الثامنة بالاتحاد الإفريقي : بنعبد القادر يوضح الرهانات الأساسية لإدماج البعد الإفريقي في السياسات القطاعية

بمناسبة انتخابه نائبا أول لرئيس اللجنة الثامنة بالاتحاد الإفريقي، التقت جريدة «الاتحاد الاشتراكي» محمد بنعبد القادر، الوزير المكلف بإصلاح الإدارة والوظيفة العمومية، وأجرت معه حوارا حول عدد من القضايا المتعلقة بانتخابه في هذا المنصب والأهمية التي تكتسيها هذه المسؤولية داخل مكتب اللجنة التقنية الإفريقية لوزراء الوظيفة العمومية والجماعات الترابية والتنمية الحضرية واللامركزية، كما تناول الوزير بالدراسة والتحليل عددا من القضايا المرتبطة بتواجد المغرب داخل أجهزة وهياكل الاتحاد الإفريقي.
p انتخبتم السيد الوزير في منصب النائب الأول للجنة التقنية الإفريقية لوزراء الوظيفة العمومية والجماعات الترابية والتنمية الحضرية واللامركزية، في اجتماع لهذه اللجنة يوم الأربعاء المنصرم في مقر الاتحاد الإفريقي بأديس أبابا، ما هو سياق انعقاد هذا الاجتماع وماهي أهمية تولي المملكة المغربية لهذه المسؤولية في مكتب هذه اللجنة؟
n أولا، يتعين التذكير بأن الاجتماع المذكور يندرج ضمن الدورة الثالثة للجنة التقنية المختصة لوزراء الوظيفة العمومية والجماعات الترابية والتنمية الحضرية واللامركزية، والتي انعقدت يومي 3و4 دجنبر على مستوى الخبراء ويوم 6 دجنبر على مستوى الوزراء، وذلك تحت إشراف المكتب الإداري ومفوضة الشؤون السياسية للاتحاد الإفريقي السيدة ‍ميناتا ساماتي سيسوما، وبمشاركة الوزراء ورؤساء الوفود الممثلة للدول الأعضاء.
سياق انعقاد هذه اللجنة يرتبط بالسير العادي والمنتظم للأجهزة المتفرعة عن الاتحاد الإفريقي وفق الأنظمة الداخلية للمنظمة، واللجنة المعروفة باللجنة الثامنة هي واحدة من اللجن التقنية المختصة الأربعة عشرة التي تعتبر بمثابة هيئات بيوزارية موضوعاتية تضطلع بإعداد التصورات وصياغة الاقتراحات والبرامج التنموية المتعلقة بالاندماج الإفريقي في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية قبل عرضها على المجلس التنفيذي للمنظمة.
ومعلوم أن قسم الشؤون السياسية لمفوضية الاتحاد الافريقي بصفته سكرتارية دائمة للجنة التقنية المتخصصة للوظيفة العمومية والجماعات الترابية والتنمية الحضرية واللامركزية، كان دعا إلى هذا الاجتماع الثالث بالعاصمة الأثيوبية طبق جدول أعمال محدد يقتضي انتخاب مكتب جديد للجنة وتقييم حصيلة المكتب المنتهية ولايته ومناقشة سبل تعبئة الموارد والإمكانيات اللازمة لتفعيل مهام اللجنة وتطوير أدائها.

p وأين تكمن أهمية المشاركة المغربية في أشغال هذا الاجتماع؟
n منذ عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي في شهر يناير من السنة المنصرمة وهو لايدخر أي جهد في الوفاء بالتزاماته تجاه المنظمة والعمل الدؤوب من أجل تطوير أدائها وإصلاح آليات اشتغالها، وذلك وفق المقاربة الاستراتيجية لجلالة الملك التي تتوخى من جهة، الانخراط الجاد لبلادنا في إيجاد الحلول الموضوعية للتحديات التي تواجه القارة السمراء، وذلك بما يراعي المصالح الحيوية للشعوب الإفريقية، ومن جهة ثانية تعبئة الطاقات الدبلوماسية والقدرات القيادية للمملكة المغربية في إسماع صوت القارة في المحافل الدولية.
من هذا المنظور تشكل الاجتماعات التي تعقدها مؤسسات وأجهزة الاتحاد الإفريقي مناسبة لتفعيل هذه الاستراتيجية ولتقاسم الخبرة المغربية في العمل الإفريقي المشترك والتعاون الإقليمي المتعدد الأطراف، وقد كانت الدورة الثالثة للجنة التقنية المتخصصة للوظيفة العمومية والجماعات الترابية والتنمية الحضرية واللامركزية، فرصة بالنسبة لي شخصيا وللوفد الذي رافقني من وزارة إصلاح الإدارة والوظيفة العمومية لكي أقف، عن كثب، على المهمة الجسيمة التي تضطلع بها البعثة المغربية لدى الاتحاد الإفريقي تحت إشراف السيد السفير، وما يميز أداءها من احترافية عالية وكفاءة دبلوماسية مشهودة.
أما أهمية الاجتماع فتكمن في مجمل النقط المدرجة في جدول أعماله، والتي اعتبرت في الكلمة التي ألقيتها أمام المشاركين في الاجتماع من الدول الأعضاء، أنها تندرج في صلب الراهنية الوطنية والدولية وتشكل أولويات استراتيجية بالنسبة لرهانات التنمية البشرية ولتطلعات الشعوب في القارة الإفريقية، سواء تعلق الأمر بتكوين وتأهيل الموارد البشرية في القطاع العام أو بتحديث منظومات الوظيفة العمومية أو بتفعيل مسارات اللامركزية وتجويد أنماط الحكامة المحلية، وبطبيعة الحال لا يمكن أن ننكر الأهمية التي تكتسيها النقطة المتعلقة بتجديد مكتب اللجنة بالنظر إلى الاعتبارات التي لا تخفى على البال، والتي استدعت منا كوفد مغربي في الاجتماع، الاشتغال بمنهجية محكمة من أجل إحباط المناورات الرامية إلى تمييع عملية تجديد المكتب، حيث أثمرت الجهود المبذولة توجها عاما نحو التوافق بشأن ممثلي الجهات الإفريقية الخمس، الشمالية والشرقية والغربية والوسطى والجنوبية، على أن يتم توزيع المهام بين الأعضاء في المكتب الجديد للسنتين المقبلتين، وفق تشكيلة أسندت منصب رئيس اللجنة لمملكة ليسوتو، ومنصب النائب الأول للرئيس للمملكة المغربية، والنائب الثاني لتانزانيا والثالث لبوروندي ومنصب المقرر للنيجر.

p أوردت بعض التعاليق الصحفية أن انتخابكم السيد الوزير نائبا لرئيس اللجنة التقنية المتخصص CTS-8، هو أول مهمة يضطلع بها المغرب في أجهزة الاتحاد الإفريقي؟
n في الحقيقة هو أول تكليف للمملكة المغربية في مكاتب اللجان التقنية المتخصصة الأربعة عشرة التابعة للمجلس التنفيذي منذ عودة المغرب إلى المنظمة، لكنه ثاني تكليف لبلادنا في أجهزة الاتحاد بعد انتخاب المغرب في شهر يناير المنصرم عضوا في مجلس السلام والأمن للاتحاد الافريقي، هذا على مستوى الأجهزة التسييرية للمنظمة، أما على صعيد المؤسسات المتفرعة عنها فلا ننسى أن المغرب انتخب كذلك نائبا لرئيس المجلس الإفريقي للبحث العلمي والابتكار التابع للاتحاد الإفريقي، خلال المؤتمر التأسيسي لهذه الهيئة المنعقد أواخر نونبر الماضي بأبوجا. كل هذا التتويج وهذه الثقة في أقل من سنتين منذ عودة بلادنا الى أسرته الإفريقية المؤسساتية بعد 34 سنة من الانسحاب، يعكسان المكانة المتميزة للمغرب لدى الدول الإفريقية، باعتباره شريكا جادا وموثوقا في الجهود القارية لتحقيق التنمية المستدامة ولإرساء السلام ولمحاربة التطرف والإرهاب، كما يؤكدان بالملموس أن قرار العودة كان قرارا حكيما، متبصرا وضروريا.

p قبل شهر انتخبتم رئيسا مساعدا للجمعية الإفريقية للإدارة العمومية خلال المنتدى 39 للجمعية الذي انعقد بغابورون عاصمة بوتسوانا، وأنتم أيضا رئيسا للمجلس الإداري للمركز الإفريقي للتدريب والبحث الإداري للإنماء، لماذا هذا الحضور الإفريقي المكثف بالنسبة لوزير مكلف بإصلاح الإدارة والوظيفة العمومية؟
n على غرار باقي القطاعات الوزارية، تتوفر وزارة إصلاح الإدارة والوظيفة العمومية على قسم للتعاون الدولي ولها استراتيجية مضبوطة في هذا المجال، تسعى من خلالها إلى تفعيل سياسة الانفتاح على أفضل الممارسات في مجال اختصاصها، وعلى مطابقة خيارات التعاون القطاعي مع التوجهات العامة للسياسة الخارجية لبلادنا، وبطبيعة الحال فإن الانتماء الإفريقي يشكل لدينا بعدا أساسيا في عمل الوزارة تنفيذا لتوجيهات جلالة الملك الداعية إلى تعزيز التعاون جنوب-جنوب وإلى ادماج التعاون الإفريقي في مختلف السياسات العمومية، خاصة عندما أكد جلالة الملك في خطابه الذي وجهه إلى الأمة من دكار بمناسبة الذكرى 41 للمسيرة الخضراءعلى جعل السياسة المستقبلية للحكومة، شاملة ومتكاملة تجاه إفريقيا.


الكاتب : حوار: عبد الحق الريحاني

  

بتاريخ : 11/12/2018