“تجفيف منابع الإرهاب” للدكتور محمد شحرور 35- بند الحفاظ على الدين كما أرساه أصحابه من أخطر بنود مقاصد الشريعة وأكثرها خروجا على ماقرره التنزيل  الحكيم

كتاب “تجفيف منابع الإرهاب”  للدكتور محمد شحرور ، كتاب يضع من خلال فصوله، الأصبع على الجرح بشكل  مباشر .
العنوان قد يراه البعض أنه مستفز، انتبه إليه الدكتور شحرور وأجاب عنه بوضوح  تام، حيث يؤكد أن اختيار هذا العنوان جاء  لقناعة منه، بأن الحل الأمني فى معالجة ظاهرة الإرهاب المنتشرة فى العالم لا يكفي،  وإنما هى مرتبطة بأمرين اثنين وهما، الثقافة المنتشرة فى مجتمع ما، والاستبداد.
في ثنايا هذا المؤلف المهم ،تطرق  الفقيد الدكتور محمد شحرور إلى  مواضيع  عدة ويتساءل أيضأ، هل الإسلام حقا مسؤول عن  الإرهاب  ،أم المسؤول هو الفقه الإسلامي التاريخي، الذى صنع إنسانيا بما يلائم الأنظمة السياسية؟، كما تطرق إلى سؤال آخر ، هل القضاء على الحركات الإسلامية المتطرفة يتم  بمكافحة الإرهاب، وهل الحروب والقوة المسلحة كافية للقضاء على الإرهاب،  أو أن له جذورا فى أمهات كتب الفقه؟.
لم يتوقف الكتاب عند  طرح  الأسئلة  فقط، بل يجيب عنها بعقلانية أيضا،كما وقف بالتفصيل على تفاسير  معاني العديد من الآيات القرآنية  الكريمة، ويؤكد أن تفسيرها غير الصحيح،سبب  انحرافا ملحوظا عن الرسالة التى حملها الرسول (ص)، لتكون رحمة للعالمين، كالجهاد والقتال والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، والولاء والبراء والكفر والردة.
الطبعة الثانية الصادرة عن دار الساقي،جاءت، لأن المنهح كما يقول المفكر محمد شحرور،  فرض علينا تعديل بعض المفاهيم التي وردت في الطبعة الأولى،  ولاسيما أن هذه التعديلات أجابت عن تساؤلات كثيرة كانت لاتزال  عالقة.
لايحمل الكتاب فقهاء تلك العصور وزر مانحن فيه كاملا، بل حمل المسؤولية من أتى بعدهم وزر الوقوف عند رؤيتهم بصحيحها وخطئها، داعيا إلى الخروج من القوقعة التي نحن فيها.
ونبه الكتاب إلى ضرورة ألا نضع أنفسنا كمسلمين في موضع الاتهام بكل مايعيشه العالم من تطرف وإرهاب، في نفس الآن، يرى أنه لزاما علينا  إعادة النظر في أدبياتنا وماتراكم من فقه،فالعالم لايتهمنا دائما بغير وجه حق، ويخلص إلى أن الشباب الذين ينفذون عمليات انتحارية ليسوا مجرمين في الأساس، بل هم  غالبا ضحايا تزوير الدين وتشويهه، فهم من وجهة نظره، نشأوا على تمجيد الموت، والنظر إلى القتل كالقتال والشهادة، والآخر المختلف كافر يجب القضاء عليه.وتعلم أن الجهاد في سبيل الله هو قتل الكافرين، بغض النظر عن مقياس الكفر والإيمان. 

 

يرى الدكتور محمد شحرور، أن الحفاظ على الدين  الذي هو بند من بنود مقاصد الشريعة كما أرساها أصحابها، هو أخطر هذه البنود وأكثرها خروجا على ماقرره تعالى في تنزيله الحكيم، وعلى ما التزمه النبي الكريم صلى لله عليه وسلم في كل مراحل حياته المباركة.
ويشرح  المفكر العربي محمد شحرور  هذا الأمر، بالاستشهاد بقوله تعالى «لا إكراه في الدين «وكذلك قوله تعالى «وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر «وقوله  تعالى «إنا أنزلنا عليك الكتاب للناس بالحق فمن اهتدى فلنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها وما أنت عليهم بوكيل «.
ويزيد شارحا  ،بالتأكيد على أن المتأمل العاقل هذه الآيات،  لايخفى عليه ،هذا الاحترام الإلهي للإرادة الإنسانية ولحرية الإنسان في اختيار عقائده ومعتقداته، إذ يرسم سبحانه وتعالى، تطبيقا لهذا المبدأ الأساسي في احترام حرية العقيدة عند الإنسان، لنبيه الكريم معالم الخط الذي يتوجب عليه اتباعه في دعوة الناس إلى سبيل ربهم، وفي إبلاغهم رسالة الله إليهم كما نزل بها جبريل الأمين، فيقول «وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين «ويقول تعالى أيضا «ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن «وقوله «ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم  واستغفر لهم وشاورهم في الأمر».
وأما عن النبي صلى لله عليه وسلم، فيقول الدكتور محمد شحرور، فكان التنزيل الحكيم هو النبع الوحيد الذي يستفيء بظلاله ويغرف من زلاله، فأطلق في مكة شعاره المشهور «خلوا بيني وبين الناس «ومرة أخرى، يقول محمد شحرور، لايخفى على المتأمل العاقل مايحمله هذا الشعار من احترام للحوار مع الآخر، وماينطوي  عليه من رفق عقلاني وهو يتوجه  بالموعظة الحسنة ليخاطب عقول الآخرين، هذا الرفق الذي لازمه طوال أيام حياته وهو يبلغ الرسالة، علما بأن هذا الرفق كما يرى  الدكتور محمد شحرور، لم يلازمه دائما وهو يبني دولته.
وهو  يناقش  هذا الموضوع، شدد  الدكتور محمد شحرور، على أن أحسن تعبير عن الحفاظ على الدين هو تبني منظومة  حقوق الإنسان الصادرة عن الأمم المتحدة التي أصبحت منظومة عالمية، ويستغرب  الدكتور محمد شحرور،من أن العرب والمسلمين هم وحدهم الذين يتحفظون عليها تحت  مختلف  الذرائع.


الكاتب : جلال كندالي 

  

بتاريخ : 04/06/2020