ترامب‮ ‬يغتنم قمة السبع لدفع أجندته التجارية‮ ‬

‮ ‬اغتنم الرئيس الأميركي‮ ‬دونالد ترامب قمة مجموعة السبع لدفع أجندته في‮ ‬مجال التجارة بين الإعلان عن اتفاق تجاري‮ «‬كبير جدا‮» ‬مع اليابان وإطلاق وعود بمستقبل مزدهر مع بريطانيا،‮ ‬متجاهلا في‮ ‬المقابل دعوات شركائه لخفض التصعيد في‮ ‬حربه التجارية مع الصين‮.‬
قال ترامب مبتسما إلى جانب رئيس الوزراء الياباني‮ ‬شينزو آبي‮ ‬إنهما توصلا إلى‮ «‬اتفاق كبير جدا‮».‬
وفي‮ ‬ختام أحد تلك اللقاءات الثنائية التي‮ ‬ترافق محادثات قادة الدول الصناعية الكبرى السبع المجتمعين حتى الإثنين في‮ ‬منتجع بياريتس بجنوب‮ ‬غرب فرنسا،‮ ‬أعلن ترامب الأحد التوصل إلى اتفاق تجاري‮ «‬مبدئي‮» ‬بين واشنطن وطوكبو‮.‬
من جهته قال آبي‮ «‬توصلنا إلى توافق‮» ‬بعد‮ «‬مفاوضات مكثفة‮ (…) ‬لكن ما زال علينا القيام ببعض العمل‮ (…) ‬ولا سيما للتوصل إلى الصيغة النهائية للاتفاق‮» ‬الذي‮ ‬يغطي‮ ‬قطاعي‮ ‬الزراعة والتجارة الإلكترونية‮.‬
وأوضح الرئيس الأميركي‮ ‬أنه بعد‮ «‬خمسة أشهر من المفاوضات‮» ‬قد‮ ‬يتم التوقيع رسميا بالأحرف الأولى على النص خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة في‮ ‬سبتمبر،‮ ‬واصفا الاتفاق بأنه مهم‮».‬
وندد ترامب مرارا بـ»الخلل الهائل‮» ‬في‮ ‬الميزان التجاري‮ ‬الثنائي‮ ‬لصالح اليابان داعيا إلى علاقات‮ «‬أكثر توازنا‮».‬
واتفق المفاوضون بصورة خاصة على خفض الرسوم الجمركية على اللحوم الأميركية المستوردة إلى اليابان،‮ ‬لقاء إلغاء الولايات المتحدة الرسوم الجمركية على عدد كبير من المنتجات الصناعية المستوردة من اليابان،‮ ‬غير أنها ستبقي‮ ‬في‮ ‬الوقت الحاضر الرسوم الجمركية على السيارات على أن‮ ‬يتم بحثها لاحقا،‮ ‬وفق ما أفادت شبكة‮ «‬إن إتش كاي‮» ‬التلفزيونية اليابانية‮.‬
كما عقد الرئيس الأميركي‮ ‬قبل الظهر لقاء أول وديا جدا مع رئيس الوزراء البريطاني‮ ‬بوريس جونسون مع التلويح باتفاق تجاري‮ «‬كبير جدا‮».‬
وقال ترامب مبديا تقاربه مع جونسون الذي‮ ‬يحضر قمة مجموعة السبع عازما على الدفاع عن بريكست،‮ «‬إنه الرجل المناسب للمهمة‮».‬
ووعد بريطانيا بـ»اتفاق تجاري‮ ‬كبير جدا على وجه السرعة،‮ ‬أكبر من أي‮ ‬اتفاق سابق‮» ‬بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي‮ ‬في‮ ‬31‮ ‬أكتوبر‮.‬
من جانبه،‮ ‬أكد جونسون أن البلدين سيتوصلان إلى‮ «‬اتفاق تجاري‮ ‬رائع فور إزالة العقبات‮»‬،‮ ‬في‮ ‬حين أن لندن بحاجة ماسة لمثل هذا الاتفاق لامتصاص الصدمة التجارية المرتقبة جراء بريكست‮.‬
أما بالنسبة لحربه التجارية مع بكين على وقع رسوم جمركية مشددة متبادلة تنعكس أصداؤها على الأسواق وتثير مخاوف حلفائه من تبعاتها على الاقتصاد العالمي،‮ ‬فتمسك ترامب بمواقفه،‮ ‬متجاهلا دعوات شركائه لنزع فتيل الأزمة‮.‬
وبعدما ألمح ترامب قبل الظهر إلى إمكاني‮ ‬ة تليين موقفه معلنا أنه‮ «‬يعيد التفكير مليا في‮ ‬جميع المواضيع‮»‬،‮ ‬أوضحت المتحدثة باسمه ستيفاني‮ ‬غريشام‮ «‬س ئل الرئيس عما إذا كان‮ +‬يرغب في‮ ‬تغيير موقفه بشأن تصعيد الحرب التجارية مع الصين‮+. ‬ف س رت إجابته بشكل خاطئ‮».‬
وأضافت‮ «‬رد الرئيس ترامب بالإيجاب لأنه نادم على عدم رفعه الرسوم الجمركية بشكل أكبر‮».‬
والتنازل الوحيد الذي‮ ‬قدمه ترامب بحسب ما أوضح وزير الخزانة الأميركي‮ ‬ستيفن منوتشن في‮ ‬بياريتس،‮ ‬هو أن لديه صلاحيات ليطلب من الشركات الأميركية وقف تعاملاتها التجارية في‮ ‬الصين،‮ ‬لكن ه‮ «‬لم‮ ‬يفعل ذلك‮».‬
وتتصاعد الحرب التجارية بين القوتين الاقتصاديتين الكبريين في‮ ‬العالم منذ التدابير الأولى التي‮ ‬اتخذها ترامب في‮ ‬مارس‮ ‬2018‮ ‬بحق الصين مستهدفا الصلب والألمنيوم برسوم جمركية مشددة،‮ ‬مع المجازفة بإثارة بلبلة اقتصادية كبرى‮.‬
وأعلنت بكين الجمعة عن تدابير جمركية جديدة تستهدف منتجات أميركية بقيمة‮ ‬75‮ ‬مليار دولار،‮ ‬فردت واشنطن على الفور بزيادة الرسوم الجمركية من‮ ‬25‮ ‬إلى‮ ‬30٪‮ ‬على‮ ‬250‮ ‬مليار دولار من البضائع الصينية‮. ‬أما باقي‮ ‬الواردات من الصين وقيمتها‮ ‬300‮ ‬مليار دولار،‮ ‬فسوف ترفع الرسوم عليها من‮ ‬10‮ ‬إلى‮ ‬15٪‮.‬وتوعدت بكين السبت بأن الولايات المتحدة ستتحمل‮ «‬عواقب‮» ‬هذه‮ «‬المضايقات‮».‬

بوادر أمل في‮ ‬الحرب التجارية‮ ‬

بيد أنه‮ ‬ظهرت بوادر أمل بشأن الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين الاثنين مع إعلان الرئيس الأميركي‮ ‬دونالد ترامب أن واشنطن ستستأنف‮ «‬قريبا جدا‮ « ‬المفاوضات مع الصين،‮ ‬فيما دعا كبير المفاوضين الصينيين من جهته إلى‮ «‬التهدئة‮».‬
ويخوض الطرفان منذ عام نزاعا تجاريا مع تبادل فرض رسوم جمركية على مليارات الدولارات من البضائع،‮ ‬تصاعد التوتر فيه خلال عطلة نهاية الأسبوع‮.‬
وبعد ثلاثة أيام فقط من إعلان الطرفين عن فرض رسوم جمركية إضافية،‮ ‬قال ترامب للصحافيين على هامش قمة مجموعة السبع إنه تلقى اتصالين‮ «‬جيدين جدا‮ « ‬من مسؤولين صينيين‮.‬
وأكد الاثنين‮ «‬اتصلت الصين الليلة الماضية‮ (…) ‬قالت‮ +‬لنعد إلى طاولة المفاوضات‮+ ‬إذا‮ (…) ‬سنبدأ التفاوض من جديد قريبا جدا‮ «‬،‮ ‬مضيفا‮ «‬يريدون التوصل لاتفاق‮».‬
وقال في‮ ‬وقت لاحق الاثنين خلال مؤتمر صحافي‮ ‬مع المستشارة الألمانية انغيلا ميركل إن المحادثات الحالية مع الصين حول الخلاف التجاري‮ ‬بين البلدين‮ «‬أهم من أي‮ ‬وقت مضى‮» ‬لأن الولايات المتحدة تمر بوضع جيد اقتصاديا‮ ‬،‮ ‬فيما الصين‮ «‬تخسر ملايين الوظائف‮».‬
يأتي‮ ‬ذلك بعيد خطوات من كبير المفاوضين الصينيين نائب الرئيس الصيني‮ ‬ليو هي‮ ‬لخفض التصعيد‮.‬
ونقلت مجلة‮ «‬كايشين‮» ‬المالية الصينية عن نائب رئيس الوزراء الصيني‮ ‬ليو هي‮ ‬قوله‮ «‬إننا على استعداد لتسوية المشكلة بهدوء من خلال المشاورات والتعاون‮ (…) ‬نحن نعارض بحزم تصعيد الحرب التجارية‮».‬
وأكد‮ «‬نعارض بشدة أي‮ ‬تصعيد في‮ ‬الحرب التجارية‮»‬،‮ ‬وذلك خلال حفل افتتاح معرض‮ «‬سمارت شاينا إكسبو‮» ‬لعام‮ ‬2019‮ ‬في‮ ‬مدينة شونغكينغ‮ ‬جنوب‮ ‬غرب الصين‮.‬
وقال ترامب لاحقا إن كلمة‮ «‬هدوء‮» ‬كلمة‮ «‬مناسبة جدا‮ «‬،‮ ‬مضيفا‮ «‬ليست كلمة استخدمها أنا دائما‮ «.‬
وأكد أن الاتصالات التي‮ ‬تلقاها جاءت من‮ «‬أعلى المستويات‮». ‬وتابع‮ «‬نائب الرئيس مسؤول عادي؟ لا أعتقد ذلك‮».‬
وزار ممثل التجارة الأميركي‮ ‬روبرت لايتهايزر ووزير الخزانة ستيفن منوتشين شنغهاي‮ ‬في‮ ‬يوليو للمشاركة في‮ ‬جولة مباحثات وصفت بأنها‮ «‬بناءة‮» ‬لكن اختتمت بدون أي‮ ‬إعلان‮.‬
ويأتي‮ ‬الانفراج الاثنين في‮ ‬هذا الملف بعدما رفع ترامب الرسوم الجمركية على ما‮ ‬يساوي‮ ‬500‮ ‬مليار دولار من الصادرات الصينية،‮ ‬في‮ ‬جولة جديدة من التدابير العقابية التي‮ ‬تزعزع الأسواق العالمية‮.‬
وجاء الإعلان الأميركي‮ ‬الجمعة بعد تأكيد الصين بشكل مفاجئ أنها ستفرض رسوما جمركية جديدة على ما‮ ‬يساوي‮ ‬75‮ ‬مليار دولار من السلع الأميركية‮.‬
ويبدأ تطبيق بعض تلك الإجراءات في‮ ‬الأول من سبتمبر،‮ ‬أما الإجراءات المتبقية فستطبق في‮ ‬الأشهر المقبلة‮.‬
دعا ترامب على تويتر الشركات الأميركية إلى أن تبدأ البحث عن بديل للإنتاج في‮ ‬الصين،‮ ‬لكنه وكبار مساعديه قللوا لاحقا من أهمية الفكرة‮.‬
في‮ ‬الأثناء،‮ ‬أعلن المتحدث باسم الخارجية الصينية‮ ‬غينغ‮ ‬شوانغ‮ ‬أن لا علم لديه بالاتصالات التي‮ ‬أشار إليها ترامب،‮ ‬وانتقد بشدة فرض رسوم جمركية جديدة خلال مؤتمر صحافي‮ ‬دوري‮ ‬في‮ ‬بكين‮.‬
وقال إن الخطوة الأميركية تشكل‮ «‬تعديا على قواعد التجارية المتعددة الأطراف،‮ ‬وتلحق الضرر بأمن سلسلة الإمداد الصناعية العالمية،‮ ‬وتضرب التجارة العالمية والنمو الاقتصادي‮ ‬العالمي‮».‬
وضغط حلفاء الولايات المتحدة على ترامب خلال قمة مجموعة السبع مع تأكيدهم أن الحرب التجارية تعرض الاقتصاد العالمي‮ ‬للخطر‮.‬
وانخفضت العملة الصينية إلى أدنى مستوى لها منذ‮ ‬11‮ ‬عاما الاثنين،‮ ‬في‮ ‬ظل التوتر الحالي‮ ‬وتصاعد المخاوف بشأن انكماش اقتصادي‮ ‬عالمي‮.‬
وبلغت قيمة اليوان‮ ‬7‭,‬1425‮ ‬مقابل الدولار خلال المبادلات الآسيوية الصباحية،‮ ‬وهو أدنى مستوى له منذ عام‮ ‬2008‮. ‬وبلغت قيمته مقابل الدولار بعد الظهر‮ ‬7‭,‬1581‮.‬
واليوان الصيني‮ ‬غير قابل للتحويل بسهولة،‮ ‬فالحكومة الصينية تفرض قيودا على حركته مقابل الدولار،‮ ‬بنسب‮ ‬يحددها البنك المركزي‮ ‬الصيني‮ ‬يوميا‮ .‬
وخفض البنك المركزي‮ ‬الصيني‮ ‬معدل تحويل العملة خلال الأسابيع الأخيرة،‮ ‬وهو ما سمح بتخفيض قيمته،‮ ‬ما‮ ‬يجعل الصادرات الصينية أقل ثمنا‮ ‬،‮ ‬ويخفف من أعباء الرسوم الجمركية الأميركية‮.‬
ويتهم الأميركيون الصين بأنها تبقي‮ ‬عملتها منخفضة بشكل مصطنع من أجل أن ترفع من مستوى القدرة التنافسية لصناعاتها‮.‬
وكانت العملة الصينية قد انخفضت مطلع‮ ‬غشت أيضا مع إعلان ترامب فرض رسوم جمركية جديدة على سلع صينية إضافية‮.‬

‮ ‬رسوم على النبيذ الفرنسي

وقد توجه الرئيس دونالد ترامب الجمعة إلى قمة مجموعة السبع في بياريتس في فرنسا، بعيد تهديده بفرض رسوم جمركية إضافية على واردات النبيذ الفرنسي، ردا على فرض رسوم فرنسية على المجموعات الأميركية العملاقة في قطاع التكنولوجيا.
ولم يظهر الرئيس الأميركي مؤشرات على التخلي عن أسلوبه العدائي والاستفزازي حتى قبل بدء القمة في مدينة بياريتس الساحلية.
وتجمع قمة مجموعة السبع رؤساء دول وحكومات أكبر سبع دول صناعية في العالم (ألمانيا وكندا والولايات المتحدة وفرنسا وإيطاليا واليابان والمملكة المتحدة).
وخلال قمة 2018 في كيبيك، أثار ترامب جدلا كبيرا لوصفه رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو بـ»المخادع» ورفضه البيان الختامي للقمة بعد توقيعه.
وخلال حديث مع الصحافيين من حدائق البيت الأبيض قبل صعوده المروحية الرئاسية، أعلن ترامب أنه يتوقع محادثات «مثمرة جدا « في بياريتس.
لكنه لوح بالرد على فرض فرنسا ضرائب على الشركات الأميركية العملاقة في قطاع التكنولوجيا. وقال «لا يعجبني ما فعلته فرنسا». وأضاف «لا أريد أن تفرض فرنسا ضرائب على شركاتنا، هذا جائر جدا «.
وأضاف «إذا فعلوا ذلك فسنفرض رسوما على نبيذهم.. رسوم لم يروا مثلها من قبل»، مشددا في الوقت نفسه على أن «علاقته جيدة جدا» مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.
ندد الرئيس الأميركي أواخر يوليو بـ»غباء» نظيره الفرنسي في ما يتعلق بالضرائب على شركات التكنولوجية العملاقة التي صوت عليها البرلمان الفرنسي مطلع يوليو.
وتعرف هذه الرسوم باسم «ضريبة غافا» اختصارا لأسماء شركات غوغل وآبل وفيسبوك وأمازون. وتنص على فرض ضرائب على تلك الشركات نسبتها 3 بالمئة من رقم الاعمال (المبيعات) التي تحققها تلك الشركات في فرنسا، وليس على أساس الربح المعلن في إحدى دول الاتحاد الأوروبي ذات الضريبة المنخفضة مثل إيرلندا.
وتطال الضريبة الجديدة خصوصا الإعلانات الموجهة عبر الإنترنت وبيع البيانات لأهداف دعائية.
ويعتزم الرئيس الأميركي، المرشح لولاية ثانية في انتخابات نوفمبر 2020، عقد لقاءات ثنائية مع قادة دول مجموعة السبع، بدءا بماكرون الذي يختلف معه حول عدة نقاط، من بينها إيران والمناخ والضرائب على الشركات الرقمية العملاقة.
ويحظى اللقاء بين ترامب المؤيد لبريكست بدون اتفاق مع رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون كذلك باهتمام بالغ.
وقبل ساعات من مغادرته الولايات المتحدة، زاد ترامب حدة الحرب التجارية بين بلاده والصين بسلسلة تغريدات عدائية.
وأعلنت بكين الجمعة فرض رسوم جمركية جديدة على الولايات المتحدة، ورد الرئيس الأميركي بالإعلان عن زيادة جديدة في الرسوم على ما قيمته 550 مليار دولار من السلع الصينية المصدرة إلى الولايات المتحدة تفرض بحلول نهاية العام.
وقال ترامب قبل مغادرته إلى بوردو «اقتصادنا بصحة ممتازة»، مضيفا «نخوض جدالا صغيرا مع الصين وسوف نفوز به».


بتاريخ : 28/08/2019