ذهبنا إلى الصين، وعدنا …من المستقبل! إبن عمومتنا الإنسان الآلى يقدم الخدمة في الغرف بفندق شنغهاي… 25

 
الاثنين 9 دجنبر، توجهنا إلى فندق، «”النهضة” المكتوب اسمه بالفرنسية”renaissance”، الذي يحيل على التواجد الفرنسي في المدينة، ضمن كوكبة من الدول الغربية التي وضعت محمياتها في المدينة كما سبقت الإشارة إلى ذلك……
*********
هذا ما كتبه أمين معلوف في كتابه الصفحة 320: إن أمة عظيمة مثل الصين، تطورت بسرعة مذهلة في العقود الأخيرة، لا بد أن تمتلك بطبيعة الحال الطموح في لعب دور ريادي على الساحة الدولية، وهي تمتلك لذلك الموارد البشرية والوسائل المادية والقدرات الصناعية، وهي في طورها لتتدارك، بخطوات جبارة، التأخر الذي تعاني منه في بعض التكنولوجيات العسكرية الدقيقة، كما أنها تمتلك التخطيط السياسي على المدى البعيد، وهي ميزة قل نظيرها في عالم اليوم ..
والتنافس بين بيكين وواشنطن، الذي نرى إرهاصاته، سيكون ولا شك حادا وسيأخذ دوما شكل حرب اقتصادية وإعلامية وديبلوماسية وسبرنطيقية، وسيرافقه من الآن سباق نحو التسلح فوق الأرض وفي الفضاء«….
أولى مشاهد المستقبل الذي وصفه صاحب غرق الحضارات، وجدناه في الطابق الرابع حيث مكتب الاستقبال.
فقد وجدنا إنسانا آليا يتحرك بحرية ويقوم بواجباته المعتادة كنادل، يخدم الزبناء ويقدم لهم خدمة الغرف!
إييه نعم، قد يكون ذلك ظاهريا تقليدا لحركات نادل بشري، لكنه في العمق محاكاة للذكاء البشري في تعقده الكبير قبل أن يتم تجاوزه!
ذلك الروبو، سيرافقنا طوال الرحلة، سألتقي به في المصعد، وفي الردهات، حيث يحمل طلبيات الزبناء إلى غرفهم، ويصعد المصعد بقوة تحركه الذاتي، وبلا مساعدة إنسانية، ثم يتقدم أمام الغرف، ويدق الجرس ويدخل الغرفة، ويضع الطلبيات على الطاولة.
هذا إبن عم الإنسان الإلكتروني..
أبناء عمومتنا الميكانيكيون……
في شهر غشت من السنة الماضية، احتضنت بيكين المؤتمر العالمي للروبوات، وفيه قدمت الصين إلى جانب أزيد من عشرين دولة آخر تقليعات الروبو في العصر الحديث…
والصين من بين الدول الأربع الكبرى المتقدمة في هذا المجال، وهي كوريا الجنوبية واليابان والولايات المتحدة وألمانيا، وقد وسعت، بشكل كبير، من مكانتها الرائدة باعتبارها أكبر سوق بنسبة 30 في المئة من إجمالي المعروض في العام الماضي، مع مبيعات تقدر بـ 87 ألف روبوت صناعي، أي أنها قاربت إجمالي المبيعات في أوروبا والأمريكتين مجتمعة التي بلغت 97300 وحدة روبوت، فيما وسع الموردون في الصين حصتهم من الأسواق المحلية لتبلغ 31 في المئة خلال 2016….
في الوقت نفسه لا يكتفي الصيني أو الصينية بالأداء التقني الباهر، بل هو قارئ نهم، كما ستظهر ذلك معطيات رسمية حول القراءة. تبين بأن ثمانية كتب للفرد معدل القراءة في الصين لعام 2019…. فالصينيون قرؤوا ما معدله ثمانية كتب للشخص الواحد في العام الماضي، من بينها أكثر من ثلاثة كتب إلكترونية.
ونقلت بيانات صدرت لمركز أبحاث البيانات الكبرى في بكين، أن عدد قراء الكتب الإلكترونية في البلاد ارتفع من 300 مليون في عام 2015، إلى 740 مليون العام الماضي، مضيفة أن أزيد من 86 بالمئة منهم أفراد دون سن ال35 عاما فيما دخل نصفهم أقل من 5000 يوان (حوالي 725 دولار أمريكي) شهريا.وشكلت كتب  أدب الرومانسية والخيال والرحلات أكثر الكتب شعبية لدى القارئ الصيني.
وأظهرت الأرقام الواردة في التقرير تطور سوق الكتب الإلكترونية في الصين بسرعة في السنوات الأخيرة، بقيمة سوقية تجاوزت 20 مليار يوان العام الماضي (حوالي 3 مليارات دولار)، بزيادة قدرها 21 بالمئة .
كما أشارت إلى أن مبيعات التجزئة الصينية للكتب بلغت 102.3 مليار يوان (14.7 مليار دولار أمريكي) في عام 2019، بزيادة قدرها 14.4 في المئة، فيما انخفضت المبيعات عبر المكتبات بنسبة 4.24 في المئة مقارنة بالعام السابق.
وأظهر التقرير طرح 194 ألف عنوان جديد في سوق بيع التجزئة للكتاب العام الماضي، ما يمثل انخفاضا بنسبة 6.7 في المئة عن عام 2018.
وقال خبراء إن مبيعات الكتب من خلال قنوات الإنترنت شكلت 70 في المئة من إجمالي المبيعات في عام 2019، ما يثبت الاتجاه المتزايد للقراء نحو اقتناء الكتب عبر منصات الإنترنت.
*********
الواضح أن مرور النادل التكنولوجي وسط بهو الفندق، كان يثير اهتمام الزبناء، وضحكاتهم، ومتابعتهم المرحة لكل تنقلاته.
فقد تصادف أن وجدت نفسي رفقة زبناء آسيويين وآخرين غربيين، خمنت أنهم أستراليين أو إنجليز، ولما صعد ابن العم السبرنيتيقي المصعد جنبنا تبادلنا نظرات فكهة، هم الغرباء وأنا الغريب المضاعف في هذه الحضارة، نظرات تقول: «ما هذا العجب الذي يرافقنا، مثل إنسان كامل المواطنة في بلاد العم ماو !؟»…
كان عبوره بتلك السلاسة، بين الكراسي والأرائك، وبين الطوابق، ومثار متابعة واستفهام، عن طريقة الاشتغال التي تجعله يفتح باب المصعد بمجرد وقوفه أو بتشغيله جرس الغرفة ما أن يكون أمامها، طريقة في البحث عن مستوي الذكاء الاصطناعي الذي يسير بنا نحو عطالة سعيدة في مستقبل قريب.…


الكاتب : عبد الحميد جماهري

  

بتاريخ : 15/01/2020