رحيل فنان الشعب حميد الزاهر

توفي صباح يوم الإثنين 10 دجنبر الفنان المغربي حميد الزاهر وذلك بإحدى المستشفيات بمراكش عن سن يناهز الثمانين
ويذكر أن فنان الشعب كما يصطلح عليه العديد ، قد أصيب بوعكة صحية خلال الأسابيع الأخيرة أدخل علي إثرها المستشفى في حالة حرجة قبل أن يسمح له الأطباء بالمغادرة ،إلى أن وافته المنية صباح يوم الاربعاء.
و قد كان حميد الزاهر قيد حياته فنانا «شعبيا» محبوبا لدى المغاربة وترك رصيدا فنيا كبيرا جعل الكثير من المغاربة يتعاطفون معهه خلال فترة مرضه ، ويدعون له بالشفاء.
من بين هؤلاء ، عبد الواحد بن ياسرالأستاذ الجامعي والناقذ المسرحي المغربي المقيم بمراكش، الذي سبق ووصف حالة الفنان خلال كلمة خص بها الجريدة، قائلا:
«اليوم يرقد فنان الشعب في بيته عليلا مكلوما وحيدا إلا من أفراد أسرته الصغيرة..إنها مأساة أن تكون فنانا أحيانا في هذا الوطن!».
ويذكر أن حميد الزاهر ولد بمراكش وترعرع فيها ونسج خيوطه في»المدينة الحمراء» قبل أن ينطلق، ليذيع صيته داخل المغرب وخارجه.نحت اسمه على الصخر منذ بداياته الفنية الأولى والتي كان يمارسها بالموازة مع مهنة الجزارة التي كانت مصدر عيشه، عرف أولا بوقوفه في ساحة «جامع الفناء» الشهيرة، التي نافس فيها العديد من الأسماء المعروفة آنذاك، وذلك في أواخر سنوات الخمسينيات، قبل أن يسير بخطى ثابتة ليِصل إلى ما أصبح عليه فنه الذي انفرد به، حيث كون فرقة ترافقه وهو يعزف على العود ويؤدي أنواعا مختلفة من الموسيقى والمقطوعات الغنائية التي تغرف من التراث المغربي على العموم والمراكشي على الخصوص.
حميد الزاهر،حسب تصريح ابن ياسر، يكاد يتفرد بلون غنائي ونمط أدائي لم يعهده الغناء الشعبي المغربي من قبل، ، إذ جاء مختلفا عن بقية الأنماط الشعبية التي ظل المغاربة يتداولونها في طقوسهم الدينية والاحتفالية ، كما أن لونه لا يخلو من أبعاد وسمات فرجوية كما يمارسها اليوم عبيدات الرمى في عروضهم،.وهو أيضا ال»فنان العصامي» الذي تخرج من الساحة العالمية «جامع الفناء»، و تأثر بفنون الحكي التلقائي الشعبي الذي يتميز به مسقط فنه، مراكش، بحيث يبدو ذلك جليا في أغلب أغانيه مثل «للا زهيرو»، للا فاطمة، «أش داك تمشي للزين» أنا عندي ميعاد»…وغيرها من أغانيه الخالدة، أما النقلة الفنية المهمة في حياة حميد الزاهر، هي تلك التي ارتبطت بأدائه لأغنية «أ مراكش أسيدي كلو فارح بيك» والتي تزامنت مع أول زيارة للملك الراحل الحسن الثاني للمدينة بعد وفاة والده وتوليه العرش.
شعبيته وتفرده أجمع عليها العديد من المهتمين ، فقد قال عنه محمد الصقلي، الإذاعي والشاعر الغنائي المغربي المراكشي المقيم بروما. بدوره، بأنه»فنان كبير قدم نمطا من الفن الشعبي ولكن برؤية مرحة وخفيفة، ساعده على ذلك وسامة وجهه وحضوره ثم خفة الروح التي ميزت أغانيه التي لا تتجاوز مدتها 4 أو 5 دقائق، ، كما أن التوليفة التي نعرفها والتي اشتغل عليها الزاهرشخصيا، مستعملا رؤيته الخاصة، لا تعتمد على السمعي، لتبث فقط على الراديو، بل إنها قدمت أيضا الفرجة للجمهور، وعندما ظهر التلفزيون، اكتفى بفرقة صغيرة واعتمد على آلة العود وآلة الإيقاع وعلى الرق أو «الطر» بالدارجة المغربية ثم التصفيق ثم شكل اللباس والراقصات والكورال المتكون من ذكور وإناث».أما من حيث العطاء التأسيسي والتأصيلي، فهو يعد في مستوى مجموعة من الفنانين المغاربة الذين تفردوا بفنهم، أمثال حسين السلاوي وعبد الصادق شقارة ومحمد بوزوبع… و سيبقى في الذاكرة الفنية ، إذ أن عطاءه الفني الذي يمتد ل60 سنة يجعل منه رصيدا غنيا لتراث الأمة، كما يجعل منه فنانا عابرا للأجيال.


الكاتب : سهام القرشاوي

  

بتاريخ : 11/12/2018