شهرزادات مغربيات يمسكن بدفة الحكي خارج الحدود

بصمت المبدعات المغربيات على مسار إبداعي ثر ومتعدد، عكس انخراطهن في أسئلة الكتابة والمجتمع، بعيدا عن الكليشيهات الجاهزة والتصنيفات غير العادلة للأدب.
اليوم نسلط الضوء على تجارب إبداعية مغربية رائدة استطاعت أن تضمن لها مكانا تحت شمس الغربة، أسماء حملت هموم بلدها الأم وقضاياه ولم تنسلخ عن هويتها الثقافية، محاولة أن تنفذ الى ثقافات الآخر الأجنبي في تفاعل منتج ومخصب لتجاربهن الإبداعي.
ليلى العلمي في أمريكا، حياة السعيدي في ايطاليا، سهام بوهلال، ليلى سليماني في فرنسا، نجاة الهاشمي في إسبانيا ثم الراحلة ليلى العلوي التي جمعت العالم في صورة.

 

الشاعرة والمترجمة سهام بو هلال
لحظة الشعر لا تختار لغتها

شاعرة ومترجمة بيضاوية اختارت الإقامة بعاصمة الأنوار باريس. لا تعتبر نفسها «كاتبة فرنكفونية» بل «كاتبة فرنسية اللغة» ما دام الشعر وسيلة للتعبير وغير مرتبط بالهوية…. فلحظة الشعر لا تختار لغتها»
​تمتلك الشاعرة والأكاديمية المتخصصة في الأدب القديم والحاصلة على الدكتوراه من جامعة السوربون ، رؤية ثاقبة لقضايا الكتابة والإبداع خصوصا الكتابة الشعرية، ولها مواقف واضحة من قضايا الازدواجية اللغوية وقضية لغة الكتابة ووضع الكاتب المغاربي داخل الوسط الأدبي الفرنسي.
تعتبر سهام بوهلال القارئة النهمة للأدب لمحمد خير الدين، محمد زفزاف، أحمد بوزفور، عبد الله زريقة، محمد بنيس، ومبارك ، أن الشعر ليس مجرد نص مكتوب. إنه الإيماءات والنظرات ولحظات السكون التام…
عن اختياراتها الشعرية تقول «كل ما يمسني في دمي ولحمي وجوارحي ويقطع أحشائي يغريني؛ فأكتب عن الحبيب وعن الفقير وعن المرأة المهمشة وعن الطفولة المبتورة وضد «داعش»، ولا أرضخ إلا للحرية في القول، ولا أضع للقلم حدا.. ويبهرني الجسد بكل وجوهه وتحركاته في الكون، وأجعل موضوع الحب أصل كل كتابة لأنه الأصل في كل شيء‫».
من دواوين الشاعرة والمترجمة المغربية سهام بوهلال «القصائد الزرقاء»، «قبر الأشواك»، «جسد الضوء»، ثم «قبر» الذي صدر باللغتين الفرنسية والألمانية عن دار المنار الفرنسية، «ويتجسد غيابك» وأهدته الى الراحل ادريس بنزكري ثم رواية «الأميرة الأمازيغية».
اتجاهها للترجمة أملته رغبتها بعد مغادرة المغرب في دراسة اللغات والالتحاق بالمعهد العالي للترجمة الفورية، ولكن الأمر لم يتم كما خططت له. درست الأدب الإنجليزي والأدب العربي بصفة متوازية والفرنسي أيضا. ليأتي اللقاء بجامعة السوربون مع الدكتور جمال الدين بن الشيخ الذي رسخ لدى سهام بوهلال الرغبة في التعريف بالحضارة العربية في الغرب من خلال البحث والتقصي في عدد من المواضيع ذات الصلة كقضية المرأة والحب فكان ولوجها عوالم الترجمة الأدبية بهدف التعريف بالتراث العربي القديم.
يلاحظ المنصت الى شعر سهام بوهلال أنها تلقي شعرها» بجسدي وروحي معاً، وأمنح القصيدة، وقت الإلقاء، حياة أخرى وشكلاً وصورة أقرب إلى الصورة الفيزيائية .وغالباً ما يسبب لي هذا لأمر، الناتج عن التماهي بيني والقصيدة، إنهاكاً كبيراً، لأن الإلقاء الصادق يستهلك طاقات من الروح والجسد، وهذا الأمر يختلف مع اختلاف الموضوعات، فالحياة والموت، كتيمات للقصائد، تبقى موضوعات على درجة عالية من الخطورة، وذات حمولة وجودية صارخة» .

الروائية ليلى العلمي
روايتها الأولى ترجمت إلى 6 لغات

خلقت الروائية المغربية المقيمة بأمريكا الحدث نهاية السنة الماضية 201، داخل الأوساط الأدبية الأمريكية بوصول روايتها «الأمريكيون الآخرون» الى اللائحة القصيرة للجائزة الوطنية الأمريكية للكتاب، حيث اختيرت من ضمن 397 كاتبا للتنافس على الجائزة مع أربعة روائيين : كالي فارجادو أنستين، جوليا فيليبس، مارلون جيمس.
لقيت هذه الرواية ترحيبا واسعا من طرف النقاد، هي التي اختارت الانتصار لقضايا الأقليات المهمشة وتسليط الضوء على شخصيات مغربية عاشت على الهامش وفي الظل رغم مشاركتها في الحياة العامة. وهو نفس التلقي والنجاح الذي لقيته روايتها «مارواه المغربي» التي خلقت لها شهرة واسعة وسط القراء داخل وخارج أمريكا.
تحكي الرواية قصة المغربي مصطفى الأزموري الذي يدعى إسيتبانكو وهو أحد الناجين الأربعة من حملة استكشافية إسبانية للعالم الجديد نظمت سنة 1527 بقيادة بانفيلو دي نارفاييز، واستهدفت المنطقة التي صارت تعرف حاليا بولاية فلوريدا.
ولدت العلمي بالرباط عام 1968 حيث نشأت في وسط ملم بالثقافة ومحب للفن. تأخرها في التسجيل في كلية الطب كان سببا في توجهها لدراسة الأدب الإنجليزي بجامعة محمـد الخامس، هناك تعرفت على كتابات محمد شكري وكبار الكتاب الإنجليز، بعد ذلك انتقلت إلى انجلترا إثر حصولها على منحة للدراسة قبل أن تنتقل الى الولايات المتحدة لإتمام دراساتها العليا في علم اللغويات في جامعة كاليفورنيا، وقد بدأت ليلى بنشر أولى رواياتها عام 1996، وتعد روايتها «ما رواه المغربي» أشهر ما ألفته الروائية المغربية، حيث استحقت الترشح لجوائز عالمية عديدة من بينها جائزتا المان البوكر والبولتزر العالميتين في 2015.
بدأت ليلى العلمي الكتابة باللغة الإنجليزية، فعليا، سنة 1996، حينما باشرت كتابة مقالات أدبية، وسياسية، في كل من «غولدن غلوب، «بوسطن»، «لوس أنجلوس تايمز»، «نيويورك تايمز»، «واشنطن بوست»، وكثيرا ما حركت مقالاتها الرأي العام الأمريكي والغربي بكتاباتها الحادة خصوصا مقالاتها عن منع الحجاب بفرنسا وحادث شارلي ايبدو.
في 2005 كانت أول كاتب مغربية تكتب رواية بالانجليزية ستترجم بعدها الى 6 لغات عالمية «أمل وتحقيقات خطرة» ثم رواية « طفل سري» (2009)، التي رشحت للفوز بجائزة أورانج البريطانية للكتاب النسائي الى جانب روائيات من أمريكا ونيوزيلاندا وبريطانيا لتصدر بعدها رواية «ما رواه المغربي» 2015.
تكتب العلمي عن المهمشين والأجانب والمهاجرين، وتعتبر هذا خيارا في الكتابة بالنسبة لها لأنهم يمرون في الحياة ويؤثرون في بلدان الهجرة دون أن يذكرهم أحد».
هذا الصوت الأدبي المتميز جعل الصحف والمجلات والإعلام الغربي يبحث عن هذا التميز القادم من شمال إفريقيا، وكيف استطاع أن يصنع لنفسه مسارا متفردا وسط الأصوات الأدبية الأمريكية والبريطانية وينافس على كبريات الجوائز بهما.

نجاة الهاشمي: هوية المهاجر  هوية مؤلمة

ابنة الناظور التي غادرت المغرب في سن الثامنة إلى إسبانيا رفقة أسرتها، وهي طفلة. تابعت دراستها الجامعية في تخصص «الفلسفة العربية».
هذا الانتقال بتبعاته النفسية والاجتماعية وبحمولات البلد الأم الثقافية، هو ما يسم كتابات نجاة الهاشمي الروائية، حيث قضايا الهوية والتمزق والإقصاء والانتماء والهجرة، شكلت محورا رئيسا في كل رواياتها.
نشرت نجاة سنة 2008 أول رواية لها «الباتريارك الأخير» والتي توجت بجائزة «رامون لول» قبل أن تتوالى كتاباتها التي نذكر منها: «أنا أيضا كاتالانية» و»لقد تحدثوا كثيرا باسمنا»،»قناصة الأجساد»، «الابنة الأجنبية» التثي حصلت على جائزة» خوان بي بي في» للأدب الكاتالاني.
لا تعتبر نجاة الهاشمي أنها تعيش بهوية مزدوجة إسبانية – مغربية، بل بهويات متعددة تقول في هذا الاطار: «كمغربية، أنا أيضا ريفية، وكإسبانية، فأنا أيضا كاتالونية. لكن هذا ليس سوى جزء من الهوية الثقافية والجغرافية والسياسية.
هوية المهاجر هي في النهاية هوية مؤلمة للغاية. فأنت تهاجر في الحقيقة، لأن أرضك رفضتك. لأنها لفظتك. لكن بالنسبة لنا كنساء، يكون هذا الشعور مركبا؛ فنحن في النهاية، نشعر بأننا أجنبيات في بلداننا، عندما لا نعامل على قدم المساواة».
بسبب كتاباتها عن المواضيع الاجتماعية ذات الصلة بالطابوهات للدينية، وخصوصا وضع المرأة المسلمة بالمهجر في ظل تجاذب ثقافتين متناقضتين وخصوصا مسألة الحجاب، تعرضت الهاشمي لحملات من التهديد بالقتل السنة الماضية على صفحتها بالفايسبوك تقول إحداها:
«ما ينقصك هما رصاصتان يتم إطلاقهما من خلف أذنيك لكي تستقرا بدماغك،وبذلك يتيسر لك الحوار مع الله …الى الجحيم مدام»، لكنها تواصل نضالها من كاتالونيا لصالح المرأة المغربية وقضاياها.

ليلى العلوي: قناصة العفو الدولية التي  اقتنصها الإرهاب

اشتغلت الراحلة ليلى العلوي في مشروعها الفوتوغرافي على مواضيع الهوية الثقافية والهجرة فعكست صورها التي جابت العالم ، التزامها الانساني العميق بالقضايا الاجتماعية لبلدها المغرب هي التي ازدادت بببرايس وأنهت دراستها الثانوية هناك قبل أن تغير الوجهة نحو فن التصوير بجامعة نيويرك، حيث حازت على جائزة العلوم في الفوتوغرافيا ثم سافرت بعدها الى دول أوربية وأمريكية.
اختارت الراحلة التي اقتنصتها رصاص الإرهاب ببوركينافاصو في 2016 في هجوم لتنظيم القاعدة ،وهي في مهمة لصالح منظمة العفو الدولية، وعبر معارضها العديدة التي لم تخرج عن تيمة الهجرة عبر قوارب الموت وقضايا الانسان العادلة، عناوين مؤثرة كمعرضها» أنت لن تمر» فالتقطت صورا عن معاناة الشباب الحالم بالهجرة، أو معرض «المغاربة» الذي استوحته من سلسلتي «الأمريكيون» لروبرت فرانك أو» في الغرب الامريكي» لريتشارد أفيدون.
قامت ليلى العلوي بتصوير بورتريهات لثلاثين مبدعة من المغرب، منهن كاتبات وفنانات تشكيليات وسينمائيات وفنانات فوتوغرافيا وموسيقيات وممثلات.
صور الراحلة التي كانت تتقن فن الحياة.. تحولت بفعل الكاميرا التي تقتنص اللحظات بدقة، الى حركة تنبض بالحياة.. الحياة في جمالها وقبحها في مآسيها وفرحها.

حياة السعيدي:  سفيرة التشكيل المغربي  بإيطاليا

بفضل خبرة امتدت لأزيد من ثلاثة عقود في مجال الفن التشكيلي والحضور القوي في المحافل الدولية، استطاعت التشكيلية المغربية حياة السعيدي أن تحجز لها، وبجدارة، مكانا بين كبار الفنانين التشكيليين العالميين.
ولجت حياة السعيدي أبواب العالمية، بعد نيلها كأول فنانة عربية وإفريقية للعديد من الجوائز الدولية من خلال مشاركاتها في العديد من التظاهرات الفنية، وعرض إبداعاتها في العديد من البلدان كإيطاليا وفرنسا وإسبانيا والبرتغال وبلجيكا وإيران وتركيا واليابان والولايات المتحدة وكندا وألمانيا والنمسا وهولندا ولبنان والإمارات العربية وسلوفينيا وسنغافورة بالإضافة، طبعا، إلى المغرب.
سلطت بعض لوحاتها، التي شاركت بها في مختلف الملتقيات الدولية، الضوء على مهارات المرأة المغربية وخبراتها أيضا في مختلف المجالات ، فضلا عن تجسيدها بالريشة لسحر وروعة المناظر الطبيعية المغربية .
وتمكنت الفنانة، التي تنحدر من مدينة فاس، وتقيم بإيطاليا ،وبالإضافة الى الفن التشكيلي، متسلحة بالعزيمة والإرادة، من ولوج عالم «الكوتشينغ بالفن» أو تنمية القدرات الذاتية عن طريق الفن التشكيلي، بحصولها على شهادة في هذا المجال، الأمر الذي مكنها من آليات مساندة الطفولة ودعم قدرات المرأة المغربية وصقل مواهب الطلبة وغيرهم.
وتعمل في هذا السياق ، على دعم قدرات النساء المغربيات والأطفال في وضعية هشة عبر الفن التشكيلي، والمساهمة بأعمالها الفنية ، دوليا، في الترويج للفن التشكيلي المغربي خاصة من خلال مبادرتها «وومن آرت وورلد»، التي تسعى من خلالها إلى تشجيع اللقاءات بين الفنانات التشكيليات من مختلف دول العالم من أجل خلق إشعاع ثقافي وتبادل الخبرات والتجارب في مجال الفن التشكيلي والانفتاح على ثقافات أخرى، واقتسام القيم والمبادئ المشتركة التي تدعو إلى السلام والانفتاح والتعايش والتسامح واحترام الآخر.
ودفاعا عن هذه القيم، عملت التشكيلية المغربية على تنظيم أول تظاهرة فنية لمبادرتها «وومن آرت وورلد» بالدار البيضاء ثم باريس وميلانو وميامي وهيوستن وأكادير ودبي ومراكش وفيينا وبرلين وبرشلونة.

توجت أعمال حياة السعيدي، المسجلة في محكمة الفن بإيطاليا و بقاموس الفن «دروو» بفرنسا سنة 2015 ، بجائزة أفضل ممثلة لمتحف (ميزي أوف أمريكا) بالإمارات العربية المتحدة، و»الجائزة الدولية «سفيرة الفن» بإيطاليا، كما حصدت جائزة «أوسكار الفن» برواق الفن الايطالي بمونتي كارلو.
وحصدت السعيدي سنة 2016 الجائزة الكبرى للفن البصري بمدينة كان (جنوب شرق فرنسا)، وجائزة «بيتو أنجليكو و باولو السادس» بمدينة ليتشي الإيطالية، وذلك على أعمالها الفنية وانخراطها من أجل النهوض بأوضاع المرأة بالمغرب، كما اختيرت ضمن العديد من الفنانين من مختلف بقاع العالم لتكون ضمن الموسوعة الفنية العالمية «أفضل الفنانين المعاصرين لسنة 2017». كما فازت أيضا بمدينة ليتشي خلال سنة 2017 بجائزتين من الأكاديمية الإيطالية للفنون الدولية لانخراطها في مبادرات اجتماعية واعترافا بإبداعاتها الفنية التي تكتسي صبغة إنسانية.
في سنة 2019، شاركت حياة السعيدي في البينالي الدولي للفن المعاصر، الذي أقيم في المتحف التاريخي «غونزاغا» بمدينة مانتوفا الواقعة في شمال إيطاليا، وأحرزت خلال هذه التظاهرة على جائزة فنان سنة 2019 «ارتيست أوف دي يير»، إذ توجت بهذه الجائزة، إلى جانب مجموعة من الفنانين التشكيليين العالميين، وذلك عرفانا بمسارها كفنانة ومبدعة على الصعيد الدولي.
وبهذا الرصيد الغني، تعد حياة السعيدي نموذجا للمرأة المغربية المتألقة دوليا في سماء الفن التشكيلي الذي يعتبر نافذة أخرى للتعريف بالكفاءات النسائية المغربية.

عن (و.م.ع) بتصرف

 ليلى السليماني: روائية تمثل ماكرون في المنظمة الدولية للفرنكوفونية

من هي ليلى السليماني الفتاة المغربية التي غنت «أغنية هادئة» فحصدت غونكور فرنسا لسنة 2016 ؟
عندما كتبت سليماني روايتها الأولى رفضها الكثير من النّاشرين،، إلاّ أنّ زوجها نصحها بأن تنضم إلى إحدى أوراش الكتابة، لتطوّر أكثر أدواتها الروائية رغم الانتقادات الشديدة التي توجه الى هذه الورشات بفرنسا وفعلًا، انضمت إلى ورشة الكتابة كانت دار غاليمار قد فتحتها بإدارة من الناشر جان ماري لاكلاف.
تأثرت ليلى السليماني بأعمال أدباء عالميين، ساهموا في تشكيل هويتها الروائية، كرواية «الجريمة والعقاب» لدوستوفسكي، حيث اعتبرت جريمة راسكولينيكوف من أجمل جرائم القتل الأدبية على الإطلاق. كما أنها تأثّرت بوليام فولكنر، وبتوني موريسون، وبفارغاس يوسا، خاصة في روايته «حفلة التيس».
واعتبرت تشيخوف أعظم ملهم لها في الكتابة السردية، بقصصه التي لا تتوقف عن قراءتها. وهي ما زالت تتذكّر نصيحته الشهيرة: «إذا كتبتَ في بداية الفصل أنّ هناك في الغرفة بندقية، فلا بد في النهاية أن تستخدمها لغرض ما. بمعنى أنّ الكاتب لا يترك أي شيء في نصه دون أن يكون له وظيفة محددة. تقول سليماني: نحن نلقي بالحصى الصغيرة، ولا بد في الأخير أن يتخذ كل هذا معنى معيّن. أما سيمون دي بوفوار فهي الكاتبة التي قرّبت إليها سؤال المرأة في الكتابة، وهي التي قالت إنها عندما تكتب تحمل بطريقة ما حِداد كل النساء
استفادت ليلى سليماني من عملها في الصحافة المكتوبة، وتحديدا في مجلة «Le jeune Africain» فاكتسبت القدرة على الانتباه إلى الواقع، بكل تفاصيله، وكما تقول فإنّ ما يحتاج إليه كاتب الريبورتاج هو الجلوس في مكان ما، والاستعانة بحاسة البصر لملاحظة حركة الحياة من حوله، وتحديدًا كيف يتعامل الناس في يومياتهم، وكيف يمشون في الشوارع، أو كيف يتواصلون بالكلام، أو حتّى كيف يمسكون بالأشياء. تقول سليماني: «حتى الطريق هو أيضا كتاب».
تقول سليماني إن الكتابة تحرر الكاتب من كوابيسه، لهذا فهي حين تستعد للكتابة، تلقي بكلّ شيء خلفها، وتدخل في حالة عميقة من التركيز، تنسى من خلالها أنّها امرأة أو أنّها مغربية أو فرنسية أو أنها أمّ، بل تنسى كذلك أنها تعيش في باريس. الكتابة بهذا المعنى حالة تحييد شديدة للكاتب من أي شكل من أشكال الانتماء إلى هوية ما أو مكان ما.
في 2014 نشرت السليماني روايتها الأولى» حديقة الغول» عن دار غاليمار الفرنسية استلهمتها من قضية دومنيك ستروس كان في 2011، وحازت بها على جائزة المامونية لتكون بذلك أول امرأة تحصل على هذه الجائزة لكن المفاجأة كان بحصول روايتها الثانية «أغنية هادئة» في 2016 على «جائزة غونكور» أرقى جائزة أدبية بفرنسا.
تحولت رواية «أغنية هادئة» بسرعة إلى أكثر الكتب مبيعاً، حيث طبع منها في غضون ثلاثة أشهر حوالي 76 ألف نسخة. طبع منها في فرنسا 45 ألف نسخة وفي 2017 تم بيع اكثر من 60 ألف نسخة في فرنسا لوحدها. وقد ترجمت الى 18 لغة ولاحقا الى 17 لغة أخرى.
في عام 2016، كتبت أيضاً «الشيطان يكمن في التفاصيل» والصادر عن دار النشر لوب، وفي مارس من نفس السنة، تسلمت وسام الفنون والأدب من درجة ضابط من وزير الثقافة الفرنسية السابق أودري أزولاي، وعينها الرئيس الفرنسي ماكرون ممثلة شخصية له للشؤون الفرانكفونية. وفي عام 2017، قدمت سليماني كتابها «الجنس والأكاذيب: الحياة الجنسية في المغرب»، وهو كتاب واقعي يتكلم عن قصص نساء مختلفات أجرت معهم مقابلة من جميع أنحاء المغرب.


الكاتب : إعداد: حفيظة الفارسي

  

بتاريخ : 07/03/2020

أخبار مرتبطة

  بالنسبة لقارئ غير دروب بالمسافات التي قطعها الشعر المغربي الحديث، فإنّه سيتجشم بعض العناء في تلقّي متن القصائد الّتي

« القصة القصيرة الجيدة تنتزعني من نفسي ثم تعيدني إليها بصعوبة ، لأن مقياسي قد تغير ، ولم أعد مرتاحا

أكد على أن تعامل الحكومة مع القطاع ومهنييه يساهم في اتساع دائرة الغموض والقلق   أكد ائتلاف يضم عشر جمعيات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *