طالبوا بمأسسة الحوار الاجتماعي القطاعي . فدراليو الصحة ينتقدون محدودية مؤشرات قطاع الصحة وتدهور العرض الصحي

 

طالب الدكتور كريم بلمقدم، الكاتب العام الوطني للنقابة الوطنية للصحة العمومية، العضو في الفيدرالية الديمقراطية للشغل، وزارة الصحة باحترام مبدأ الشراكة الاجتماعية، والعمل على إقرار وضمان حوار اجتماعي حقيقي دائم ومنتج للحلول، مستنكرا تجاهلها لدعوات التنظيمات النقابية الوطنية لاستئناف جلساته، مشددا على أن الحوار أصيب بالشلل منذ تعيين الوزير الجديد.
وأكد الدكتور بلمقدم في تصريحه لـ «الاتحاد الاشتراكي»، بمناسبة تقييم المكتب الوطني للنقابة الوطنية للصحة العمومية لمحددات السياسات الصحية العمومية بعد انصرام 100 يوم على التعديل الحكومي، أن الأوضاع المهنية والاجتماعية للعاملين بقطاع الصحة العمومي تتفاقم يوما عن يوم، وتتسع حدة الأزمة فيه، بسبب ما وصفه بـ «تهرب الوزارة الوصية من الاستجابة الفعلية لمطالبهم العادلة والمشروعة، وهو ما أدى إلى موجة السعي الجماعي لمهنيي الصحة لمغادرة الوظيفة العمومية، فضلا عن تسجيل حالات الانتحار الأخيرة في صفوفهم، وارتفاع الإصابات بالأمراض المهنية المزمنة وكذا تزايد الاعتداءات في حقهم».
وكان المكتب الوطني للنقابة قد عقد اجتماعا يوم السبت الأخير، عبّر خلاله عن رفضه للمقاربات الأحادية، وما وصفه بـ «التعاطي السلبي مع الوضعية القاتمة التي يتخبط فيها القطاع، عاملين ومرضى، نتيجة كثرة الأقوال والاجتماعات واللقاءات الفخمة على حساب الأفعال الحقيقية والمقاربات التشاركية التي من شأنها حل إشكالات القطاع ومحدودية مؤشراته وتدهور عرضه الصحي، وكذا ما يكابده مهنيو الصحة من تحديات وخصاص وعنف متزايد».
وأكد المكتب الوطني في بلاغ له بالمناسبة أنه عمل على « القيام برصد مدقق لعجز حكومة الكفاءات بعد 100 يوم عن تنصيبها، عن ترجمة التوجهات والالتزامات التي قطعتها على نفسها، ومنها المراجعة الشاملة للنظام الصحي الوطني، وتحيين سلّة العلاجات والنهوض بالخدمات الصحية، وضمان الولوج لكافة الطبقات الاجتماعية، والرفع من التغطية الصحية الأساسية، وكذا حل أزمة تسييس القطاع والسعي الحثيث إلى جعل وزارة الصحة مجرد قاعدة للاستقطاب الانتخابي، وتجاوز الاختلالات والعبء الذي أضحى يشكله نظام راميد على المنظومة الصحية وعجزه عن الوصول إلى الأهداف المتوخاة منه».
وندّد فدراليو الصحة بتنظيم الوزارة «لملتقيات ومنتديات صحية بشكل متواتر تبقى خلاصاتها طيّ جدران الفنادق الفخمة التي تقام بها، دون أن تلامس واقع المعاناة اليومية والمريرة التي يرزح تحت وطأتها المواطن البسيط استجداء للخدمات الصحية الاستشفائية والوقائية على حد سواء».
وشدّدت النقابة الوطنية للصحة العمومية على تشبثها الكلي واللامشروط بكافة المطالب العادلة والمشروعة التي كانت موضوع جلسات الحوار الاجتماعي القطاعي لسنة 2019، والتي تم تضمينها بمحاضر اللجان الموضوعاتية والمركزية، ودعت إلى تفعيل ما تبقى من مضامين محضر اتفاق 5 يوليوز 2011 باعتبارهما قاعدتين ومنطلقين لأي حوار اجتماعي حقيقي، وأهمها إقرار الرقم الاستدلالي 509 غير منقوص لكافة الأطباء والصيادلة وجراحي الأسنان، وإضافة درجتين جديدتين، وكذا الإنصاف في التعويضات عن الأخطار المهنية لفائدة الممرضين وتقنيي الصحة، والعمل على خلق الهيئة الوطنية الخاصة بهم، وكذا استحداث مصنف الكفاءات والمهن وتوظيف كافة الخريجين المعطلين، بالإضافة إلى الاستجابة الفورية للمطالب العادلة للمتصرفين والتقنيين الهادفة إلى إقرار العدالة الأجرية ونظام أساسي خاص بهم، وضمان حركة انتقالية عادلة ودائمة وحذف الاختبارات الشفوية من الامتحانات المهنية. إلى جانب إيجاد حل منصف وشامل لمطالب كل الفئات الصحية من مهندسين، مساعدين طبيين، مساعدين تقنيين، محررين، أساتذة المعاهد العليا للمهن التمريضية وتقنيات الصحة، وحاملي دبلوم المدرسة الوطنية للصحة، مؤكدة على وحدة الصف والمطلب والمصير باعتبار الجسم الصحي لحمة وكتلة واحدة لا تتجزأ مطالبها ولا تنفصل.
وأكد المكتب الوطني للنقابة على ضرورة تعجيل وزارة الصحة بحل مشكل الممرضين وتقنيي الصحة المجازين من الدولة ذوي سنتين من التكوين ضحايا المرسوم 2.17.535 بمثابة النظام الأساسي لهيئة الممرضين وتقنيي الصحة لسنة 2017، محمّلا إياها مسؤولية تأخر الإعلان عن التسوية الإدارية والمالية عبر الترقية الاستثنائية لكافة الممرضين المعنيين، مشددا في نفس الوقت على ضرورة إيجاد حل عادل ومنصف لكافة خريجي الفوج الأول من ماستر بيداغوجية علوم التمريض غير المدمجين، سواء منهم في السلالم الملائمة أو الخريجين غير الموظفين، عبر إدماج الفئة الأولى في السلم 11 أسوة بإخوانهم، ومن خلال الإعلان الفوري عن مباراة التوظيف في صفوف حاملي الماستر غير الموظفين، إضافة إلى العمل على الإسراع بإعلان عن مباراة التكوين الجديدة باعتبارها حقا مكتسبا لكافة الممرضات والممرضين وتقنيي الصحة.
وطالب النقابيون في بلاغهم بمواكبة الإصلاح البيداغوجي الوطني في إرساء النظام الجديد «الباكالوريوس» في العلوم التمريضية وتقنيات الصحة، من خلال الإسراع في الاشتغال على مشاريع المسالك وتقديمها لوزارة التعليم العالي من أجل الاعتماد لتكون جاهزة مع الدخول الجامعي المقبل، والعمل على إيجاد حل جذري وشمولي لمشكل التقاعد بالمراكز الاستشفائية الجامعية، مع الأخذ بعين الاعتبار حالة الموظفين المقبلين على التقاعد، وتقنين وتفعيل الحركة الانتقالية بين المراكز الاستشفائية الجامعية من جهة، وبين الميزانية المستقلة والميزانية العامة من جهة أخرى، وكذا فتح الباب لإمكانية الالتحاق بمناصب المسؤولية بالمؤسسات الصحية حسب الجهة، فضلا عن الإفراج عن نتائج الترقية بالاختيار لفائدة الممرضين وتقنيي الصحة لولوج الدرجة الممتازة برسم سنة 2018، منبها إلى ضرورة معالجة الاختلالات التي شابت عملية الترقية بالأقدمية لفئة المساعدين الطبيين وكذلك فئة المتصرفين التي عرفت هدر 5 مناصب للترقية برسم سنة 2018 (5مناصب مشتركة بين الامتحان والاختيار)، مؤكدا في الختام على قراره رفع مذكرة مطلبية مستعجلة لوزير الصحة بمعية كافة الفعاليات النقابية بالقطاع، توضيحا للوضع الصحي القاتم ببلادنا وتأكيدا على الأدوار المهمة والحلول الناجعة التي يقدمها خيار مأسسة الحوار الاجتماعي القطاعي كمنتهج لحل أزمة القطاع الصحي.


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 23/01/2020