غازات مسيلة للدموع لتفريق محتجين في مسيرة الحسيمة وعشرات الجرحى في صدامات بين القوات العمومية ومساندي «حراك الريف»

أسفرت مواجهات بين متظاهرين مشاركين في مسيرة احتجاجية بمدينة الحسيمة تساند «حراك الريف» وقوات العمومية عن سقوط عشرات الجرحى من الجانبين.
وكشفت السلطات المحلية بمدينة الحسيمة، التي كانت أمس قبلة للمئات من مساندي الحراك الاجتماعي الذي تشهده المنطقة منذ أزيد من نصف سنة،عن إصابة 11 شخصا من المتظاهرين نتيجة استعمال الغازات المسيلة للدموع، تم نقلهم إلى المستشفى لتلقي الإسعافات اللازمة».
وشهدت مدينة الحسيمة والقرى المجاورة لها بعد ظهر أول أمس الخميس صدامات بين متظاهرين وقوات عمومية استخدمت الغاز المسيل للدموع ولجأت إلى القوة لمنع مسيرة كبيرة مقررة منذ فترة طويلة، كان من نتائجها وجود شخص في حالة غيبوبة تظهر عليه، حسب المعطيات الأولية، إصابة على مستوى الرأس بسبب الرشق بالحجارة، تم نقله في ظروف غامضة، مساء أول أمس الخميس، لمستشفى محمد الخامس بالحسيمة لتلقي الإسعافات الضرورية، ويوجد منذ أمس الجمعة بالمستشفى العسكري بالرباط في حالة صحية مستقرة ويخضع للعلاجات الطبية الضرورية.
وقالت عمالة الحسيمة في بلاغ لها أنه تم نقل المصاب على متن مروحية تابعة لوزارة الصحة إلى مستشفى بالرباط وفتح تحقيق من طرف السلطات الأمنية تحت إشراف النيابة العامة المختصة لتحديد هوية هذا الشخص وظروف وملابسات الحادث.
وبالمقابل، أفادت ذات السلطات بأن 72 عنصرا من القوات العمومية أصيبوا بجروح متفاوتة الخطورة، إثر استفزازها ومهاجمتها بالحجارة من طرف بعض العناصر الملثمة، مشيرا إلى أنه تم تخريب وإحراق سيارتين تابعتين للقوات العمومية من طرف بعض المتظاهرين بأجدير بضواحي الحسيمة.
وقالت عمالة الحسيمة في بلاغ لها «إن جميع المصابين غادورا المستشفى الذي تم نقلهم إليه لتلقي الإسعافات اللازمة باستثناء عنصرين من القوات العمومية وصفت حالتهما بالخطيرة كانا قد تعرضا لإصابة على مستوى الرأس نتيجة الرشق بالحجارة من طرف بعض المتظاهرين، ويتعلق الأمر بعنصر من الدرك الملكي وعنصر من الأمن الوطني يوجدان في حالة خطيرة تقرر نقلهما من مستشفى محمد الخامس بالحسيمة حيث يتلقيان الإسعافات الضرورية إلى مستشفى بالرباط وهما إلى حدود صباح أمس في حالة صحية مستقرة ويخضعان للعلاجات الطبية الضرورية.
أفادت السلطات المحلية لإقليم الحسيمة أن الأشخاص الثلاثة (عنصران من القوات العمومية ومواطن) الذين تم نقلهم في حالة خطيرة، في الساعات الأولى من صباح اليوم الجمعة، بواسطة طائرة طبية إلى المستشفى العسكري بالرباط، يوجدون، عكس ما تم الترويج له، في حالة صحية مستقرة ويخضعون للعلاجات الطبية الضرورية.
وتوافد الخميس على مدينة الحسيمة، معقل «حراك الريف»، عدد من النشطاء قدموا إليها عبر البر والبحر والجبل من أجل المشاركة في مسيرة احتجاجية بمدينة الحسيمة أطلقت مجموعة من الفعاليات نداءات متعددة، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، إلى عموم المواطنين من أجل تنظيمها.
قال عدد من الشهود العيان إن القوات العمومية كانت تقوم الاربعاء باستجواب والتدقيق في هويات القادمين من النشطاء والشخصيات من خارج المدينة، للتضامن وللمشاركة في مسيرة العشرين من يوليوز التي دعا إليها ناصر الزفزافي، أحد قادة ما بات يسمى بـ»حراك الريف حراك الريف» قبل اعتقاله.
وطاردت القوات العمومية مجموعات صغيرة من المتظاهرين حول المدينة وأجبرت الكثيرين على اللجوء إلى الشوارع الجانبية حيث كان للسلطات وجود أمني قوي بنقاط تفتيش لمنع الناس من الانضمام إلى الاحتجاجات.
وأوضحت عمالة الحسيمة في بلاغ « إن «مجموعة من 300 إلى 400 شخص، حاولت في تحد لقرار المنع، تنظيم مسيرة بالإقليم حيث عمدت بعض العناصر الملثمة إلى استفزاز القوات العمومية ومهاجمتها بالحجارة».
وكان الوصول إلى الإنترنت واستخدام الهواتف محدودا خلال الاحتجاجات في حين أغلقت المتاجر والمطاعم المحلية في إطار إضراب عام في أنحاء المدينة. وجاء كثير ممن شاركوا في الاحتجاجات من مختلف أنحاء المملكة وكذلك شارك مغاربة يعيشون في أوروبا.
وعرف منذ الساعات الأولى من أول أمس الخميس توافد العديد من النشطاء والشخصيات من خارج المدينة، للتضامن وللمشاركة في مسيرة العشرين من يوليوز التي دعا إليها ناصر الزفزافي، أحد قادة ما بات يسمى ب»حراك الريف حراك الريف» قبل اعتقاله.
وكان مؤيدو ما بات يسمى بـ»حراك الريف حراك الريف»، أبقوا على دعوتهم إلى المسيرة التي سبق وأعلنت عمالة إقليم الحسيمة أنه تقرر عدم السماح بتنظيمها وعزت رفضها لكون أنه تبين «من شأن تنظيمها المس بحق الساكنة المحلية في أجواء أمنية سليمة، لاسيما مع تزامن الدعوة المذكورة مع الموسم الصيفي»، من أجل المطالبة بالإفراج عن معتقلي «حراك الريف» وتحقيق مطالبهم الاجتماعية.
وأشار الوزير المنتدب المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى الخلفي، إلى أن الحكومة اعتبرت مطالب الإقليم مشروعة واشتغلت على تسريع وتيرة إنجازها، مذكرا بأن جلالة الملك محمد السادس أحدث، في المجلس الوزاري المنعقد في الآونة الأخيرة، لجنة للتحقيق في التعثر الذي عرفه برنامج «الحسيمة منارة المتوسط» «.
وقد انتشر المتظاهرون، الذين تمكنوا من التظاهر بشكل متقطع في حي سيدي عابد وبالقرب من الساحة المركزية في المدينة، لكن القوات العمومية التي نشرت، تدخلت بشكل منهجي لصد المتظاهرين وتفريق كل تجمع ما أدى إلى صدامات بين الجانبين.
وحظرت وزارة الداخلية عبر بيان لعمالة الحسيمة تنظيم مسيرة 20 يوليوز التي دعا لها نشطاء «حراك الريف»، محذرة من ان «كافة التدابير اللازمة» اتخذت لتطبيق هذا القرار.
هذا في الوقت الذي، جدد فيه مصطفى الخلفي، التأكيد على أن حق التظاهر حق مكفول دستوريا، ويمارس في إطار القانون، موضحا أنه لا يمكن الاستناد على حالات معينة من أجل تبرير أو الدعوة إلى عدم إعمال القانون بشأن عدم السماح بالتظاهر.
وشدد على ضرورة إقرار احترام القانون، داعيا الجميع إلى التعاون على إرساء الهدوء بالإقليم وعلى معالجة جميع التجاوزات الحقوقية إذا ما حصلت وعلى تسريع عملية إنجاز المشاريع والاستجابة للمطالب المشروعة للساكنة.
وأبرز الخلفي، خلال لقاء صحفي عقب انعقاد الاجتماع الأسبوعي لمجلس الحكومة،أن حرية التظاهر أصبحت مكتسبا وجزءا من الحياة اليومية للمغاربة، وأن الجميع معني ومعبأ لمعالجة التجاوزات التي تحصل على هذا المستوى.
ومنذ مقتل بائع سمك سحقا داخل شاحنة لجمع النفايات في الحسيمة نهاية أكتوبر 2016، أصبح الزفزافي (39 عاما-عاطل عن العمل) أحد قادة الحركة الاحتجاجية في منطقته.
ونظمت على امتداد ثمانية أشهر تظاهرات سلمية شبه يومية في مدينة الحسيمة وقرية امزورين المجاورة جمع بعضها آلاف الاشخاص للمطالبة بالتنمية في منطقة الريف التي يعتبرونها مهمشة ومهملة.


بتاريخ : 22/07/2017