فاتحي: إعادة الاعتبار لمأسسة الحوار الاجتماعي وجعله مستداما ومنتجا، ليصل إلى تعاقدات اجتماعية

في اجتماع المجلس الوطني الفيدرالي ( دورة المرحوم محمد ملاقات)

قال عبد الحميد فاتحي « إن الأوضاع الراهنة ببلادنا، وعلى مختلف المستويات والمهام التي تنتظرنا كفيدرالية، تدفعنا إلى الإقرار بخصوصية هذه الدورة من حيث قدرتها على التوقف الواضح عند الإشكالات الكبرى التي تعرفها بلادنا، والتي يمكن توصيفها بوصول مختلف السياسات العمومية بتعدد متدخليها، إلى الفشل في إيجاد الحلول للمفصلات الاجتماعية، من تعليم صحة وتشغيل وتنمية بشرية وحماية اجتماعية ونمو اقتصادي وفروق وهشاشة، مما انعكس سلباً على أوضاعنا الاقتصادية والاجتماعية، وتعددت الأعذار في جل المقاربات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، في أدوار غير مقنعة للمؤسسات ذات الصلة وتراجع أدوار المؤسسات الوسيطة من أحزاب ونقابات ومجتمع مدني، جعل الجميع يدخل في دائرة الخيبة من تكرار خطاب الإصلاح ومن الآمال والآفاق التي فتحها دستور 2011 « .
وأضاف فاتحي، الكاتب العام للفيدرالية الديمقراطية للشغل في اجتماع المجلس الوطني الفيدرالي الذي اختار له اسم « دورة محمد ملاقات : « إن مشروعنا الفيدرالي بعد 15 عاماً من الوجود والذي يعيش منذ ثلاث سنوات تراجعاً غير مسبوق ويوجد خارج المساهمة في القرار الاجتماعي، بعد فقدان التمثيلية في ثالث استحقاق انتخابي، يطرح علينا اليوم سؤال المستقبل. إذ لم يتبق لنا إلا فرصة أخيرة للحفاظ على المشروع وهي استحقاقات 2021، وإلا ستكون نهاية هذا المشروع الذي علقت عليه فئات واسعة من الشغيلة المغربية والقوى الديمقراطية آمالاً كبرى «.
وسجلت كلمة المكتب المركزي على أنه : « لا يمكن لأي بلد كيفما كان أن يكسب رهان التقدم والتنمية وفي مقدمتها منظومة التربية والتكوين والمنظومة الصحية والتشغيل والاستثمارات والحوار الاجتماعي وأوضاع الشباب والتنمية البشرية واللاتمركز الإداري، وجاء تقرير المجلس الأعلى للحسابات لسنتي 2016 و 2014، ليرسم صورة قاتمة عن مجمل السياسات العمومية الوطنية والمحلية والتي آلت في معظمها إلى الفشل في التعليم والصحة والمالية العمومية والمديونية والمقاصة والتقاعد والجماعات المحلية…». بالإضافة إلى التقارير والأبحاث المتعددة للمندوبية السامية للتخطيط والتي جاءت في غالبيتها العظمى لتؤكد وصول كل البرامج والمخططات الإصلاحية إلى العجز عن إنجاز المستهدفات التي جاءت من أجلها في مختلف أوجه التنمية الاقتصادية والبشرية، بمؤشرات تضع دوما بلادنا في ترتيب دولي متأخر، ولا تخلو تقارير المنظمات الدولية، سواء تلك المتفرعة عن هيئة الأمم المتحدة أو عن المنظمات المتخصصة في قضايا التنمية ومحاربة الفساد والديمقراطية وحقوق الإنسان، من الإشارة إلى مجموعة من النقائص التي تعتري الممارسات السياسية والاقتصادية والحقوقية ببلادنا «.
وتحدث الكاتب العام عما تعيشه الطبقة العاملة من أوضاع قائلا : « تزداد أوضاع الشغيلة المغربية سوءا، خاصة في المؤسسات الإنتاجية بالقطاع الخاص والقطاع غير المهيكل، إذ أن أكثر من 34% منها تتلقى أجورا دون الحد الأدنى للأجر، وعدم التصريح لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، والتضييق على العمل النقابي بالتسريح الفردي والجماعي. ولا تبتعد أوضاع الشغيلة بالقطاع العام عن هذا الواقع، في ظل تجميد الأجور منذ سنة 2011، وإطلاق مسلسل الزيادات في الأسعار وتخريب تراكمات الحوار الاجتماعي، مما جعل قدرتها الشرائية تتعرض لضربات متتالية، صعبت المعيش اليومي لمئات الآلاف من الموظفين والمستخدمين، إضافة إلى ما سمي بإصلاح التقاعد والذي يشكل، ولايزال، ضربة قوية لدخل الموظفين ولمكتسب تاريخي، مع ما جاءت به المقاربة الفاشلة لإصلاح نظام المقاصة، والتي وقفت عند حذف الدعم عن المحروقات، لتضخ أموالا طائلة في خزائن شركات التوزيع كما كشفت عن ذلك اللجنة الاستطلاعية التي شكلها مجلس النواب، أرباح وصلت إلى 15 مليار درهم، وبالمقابل تم إثقال كاهل المواطن المغربي بزيادات متتالية للكازوال والبنزين، وصلت إلى أرقام قياسية لأول مرة في تاريخ المغرب». وسجلت الفيدرالية الديمقراطية للشغل دعمها للمطالب العادلة للأساتذة المتعاقدين بتوظيفهم ومساندة معاركهم النضالية .
وقال الكاتب العام في هذا الصدد: « إننا مدعوون كمجلس وطني إلى أن نجعل في مقدمة برامجنا النضالية ما يقع في قطاع التعليم والصحة، وننخرط في كل المعارك النضالية التي يعتزم إخواننا في النقابة الوطنية للتعليم والنقابة الوطنية للصحة العمومية، خوضها من أجل قضايا لا تهم الشغيلة في القطاعين معا وإنما تهم كافة مكونات الشعب المغربي «.
وعن الحوار الاجتماعي يقول فاتحي : « إعادة الاعتبار لمأسسة الحوار الاجتماعي وجعله مستداما ومنتجا، يصل إلى تعاقدات اجتماعية، كما جاء في الخطاب الملكي لعيد العرش، ووقف مسلسل الإجهاز على المكتسبات، خاصة التقاعد والتغطية الصحية من خلال مشروع مدونة التعاضد واخراج نظام الراميد من الشعارات إلى الواقع، من خلال تحمل الدولة مسؤوليتها في تمويل هذا النظام « .
وقرر المكتب المركزي، باسم الفيدرالية الديمقراطية للشغل، إحياء الذكرى الأربعينية لمحمد ملاقات، «الذي وهب حياته للدفاع عن قضايا بلاده، وأدى الثمن غاليا خلال سنوات الرصاص بالتعذيب والسجن والحصار، وكانت كل المحطات النضالية الكبرى شاهدة على اقتياده خلالها إلى الزنزانة، والتي أورثته صحة معتلة، وصبراً جميلاً، ووفاءً نادراً للقيم والمبادئ، سي محمد الملاقات من مؤسسي النقابة الوطنية للتعليم والكونفدرالية الديمقراطية للشغل، إلى جانب نضاله السياسي والحزبي الذي لم ينقطع يوما، وقد ظل وفياً للخط الفيدرالي وشاركنا من منصة الخطابة بالرباط احتفالات فاتح ماي عدة مرات، بصوته الحنجري وقاموسه المتفرد في طرح القضايا الكبرى ذات الصلة بالديمقراطية والعدالة الاجتماعية ودولة الحق والقانون والمؤسسات، وفاءً للرجل، ولو في درجة أضعف الإيمان».


الكاتب : مصطفى الإدريسي

  

بتاريخ : 24/09/2018