فاجعة الصويرة و«البرق» الإذاعي الخاطف

لم تتغير أجندة مجمل الإذاعات الخاصة الإعلامية صباح يوم الاثنين 20 نونبر 2017، وظلت وفية لنهجها الساعي إلى تقريب «الفكاهة» بأي شكل من الأشكال من المستمعات والمستمعين، والإطالة في الضحك باعتماد «التقشاب» الغث والسمين، واستمرار نفس النمط الحواري في التعامل مع المتصلين عبر السخرية من عدد منهم بغية اقتناص ضحكة على حسابهم، من طرف منشطين إذاعيين توجهوا صوب مقرات تلك الإذاعات محمّلين بآخر صيحات الفيسبوك «الروسية» منها وغيرها، تأكيدا على وفاء منقطع النظير لكل عناوين «الإزعاج» السمعي!
إذاعات تفتخربكونها مصنّفة في المراتب الأولى في ترتيب الإذاعات الخاصة، وترفع شعار كونها الأقرب إلى المواطنين وهمومه، وبأنها منشغلة بآلامه ومهتمة بانتظاراته، مرّت مرور الكرام على فاجعة الصويرة، هذه المأساة التراجيدية بكل ما تحمل الكلمة من معنى، مرورا إعلاميا كالبرق الخاطف، من خلال الإشارة إليها وإلى الإجراءات التي ترتّبت عنها في نشرات أخبار الثامنة، في حين أنه وانطلاقا من الساعة السابعة وإلى غاية التاسعة صباحا، كان الوفاء التام للفقرات اليومية بصيغتها الفلكولورية، باستثناء الوقفة التي خصصها الزميل محمد الشهلي بإذاعة «راديو بلوس» للحدث الفاجعة كما وصفه هو والطاقم المرافق له، هذا الوصف الذي أجمع عليه كل من تناهى إليه الخبر وكل من عاين صور جثث السيدات مرمية هنا وهناك، في مشهد يدمي القلوب وليس فقط تدمع له الأعين، في حين أنه لم يكن دافعا لوقفة إعلامية مهنية حقيقية من طرف العديد من إذاعاتنا التي فضلت أن تظل وفية لصباحيات بنفس إذاعي معتلّ؟
تفاعل إعلامي جاف لم يكن الأول من نوعه، فقد اعتاد المستمعون من إذاعات وقنوات بعينها تعاطيا يغرّد أصحابه خارج السرب خلال نكبات صادمة جارحة، خلّفت مآسي متعددة وترتّبت عنها أحزان غير محدودة الأثر، فهل يكون الأخير، أم أن الوفاء لـ «النشاط» في عز الأحزان سيظل أمرا لامحيد عنه في أثير عدد من الإذاعات وبث بعض القنوات؟


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 22/11/2017