فظاعات الحرب في‮ ‬ليبيا اغتصابات تحت تهديد السلاح

تعد المخرجة الفرنسية سيسيل أليغرا فيلما وثائقيا لحساب
قناة‮ ‬ arte‮ ‬ مقرر بثه سنة‮ ‬2018‮ ‬حول الاستعمال الممنهج للاغتصاب منذ بداية النزاع الليبي‮ ‬سنة‮ ‬2011‮ ‬‭.‬
ونشرت صحيفة لوموند في‮ ‬عدد الجمعة‮ ‬3‮ ‬نونبر‮ ‬
2017‮ ‬ورقة تقديمية لقصة هذا التحقيق‮. ‬ارتأينا
تعريبه تعميما للفائدة‮.‬

 

من‭ ‬يتذكر‭ ‬ايمان‭ ‬العبيدي‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬قصتها‭ ‬جابت‭ ‬أرجاء‭ ‬العالم؟‭ ‬كان‭ ‬ذلك‭ ‬يوم‭ ‬26‭ ‬مارس‭ ‬2011‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬الثورة‭ ‬الليبية ‭‬‬في‭ ‬ذلك‭ ‬اليوم‭ ‬بطرابلس،‭ ‬دخلت‭ ‬تلك‭ ‬المتظاهرة‭ ‬الشابة‭ ‬الناجية‭ ‬من‭ ‬زنازن‭ ‬العقيد‭ ‬القدافي‭ ‬فندق‭ ‬ريكسوس،‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬يقيم‭ ‬الصحافيون‭ ‬الأجانب‭ ‬الذين‭ ‬جاؤا‭ ‬لتغطية‭ ‬أحداث‭ ‬الأزمة‭.‬وتؤكد‭ ‬ايمان‭ ‬أنها‭ ‬تعرضت‭ ‬للاغتصاب‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬جنود،‭ ‬وأنها‭ ‬تريد‭ ‬أن‭ ‬تفضح‭ ‬ذلك،‭ ‬و‭ ‬صرخاتها‭ ‬المعبرة‭ ‬عن‭ ‬أسى‭ ‬واضح،‭ ‬نقلتها‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬أجمع‭. ‬ومثل‭ ‬عرافة،‭ ‬تنبأت‭ ‬بسقوط‭ ‬ديكتاتورية‭ ‬القدافي،‭ ‬واختتمت‭ ‬ايمان‭ ‬عبيد‭ ‬وسط‭ ‬استهجان‭ ‬جماهير‭ ‬حاقدة‭ ‬تنعتهاب‭”‬العاهرة‭”‬،‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬تمكنت‭ ‬من‭ ‬الهجرة‭ ‬إلى‭ ‬كندا‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تدرك‭ ‬بأن‭ ‬صرختها‭ ‬اليائسة،‭ ‬ربما‭ ‬غيرت‭ ‬مجرى‭ ‬التاريخ‭.‬
‭ ‬انتشرت‭ ‬شائعة‭ ‬الاغتصابات‭ ‬في‭ ‬زمن‭ ‬الحرب‭. ‬كانت‭ ‬تنفذ‭ ‬بشكل‭ ‬ممنهج‭ ‬في‭ ‬حق‭ ‬المتظاهرين‭. ‬وكان‭ ‬سيف‭ ‬الإسلام‭ ‬أحد‭ ‬أبناء‭ ‬القدافي‭ ‬قد‭ ‬أمر‭ ‬جنوده‭ ‬باقتحام‭ ‬كل‭ ‬بيت‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مدينة‭ ‬متمردة،‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬بواخر‭ ‬محملة‭ ‬بالفياغرا‭ ‬رست‭ ‬بميناء‭ ‬طرابلس‭.‬
‭ ‬وتحدثت‭ ‬الشائعات‭ ‬عن‭ ‬وجود‭ ‬فيديوهات‭ ‬وصور‭ ‬تظهر‭ ‬عمليات‭ ‬اعتداءات‭ ‬جنسية‭ ‬في‭ ‬حق‭ ‬المدنيين‭.‬
‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي،‭ ‬أزعجته‭ ‬هذه‭ ‬الأخبار‭. ‬وأمر‭ ‬بفتح‭ ‬تحقيق‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬أبريل‭ ‬2011‭ .‬ووعد‭ ‬المدعى‭ ‬العام‭ ‬لدى‭ ‬المحكمة‭ ‬الجنائية‭ ‬الدولية‭ ‬لويس‭ ‬موريتو‭ ‬أوكامبو،‭ ‬بمتابعة‭ ‬الجناة،‭ ‬وماذا‭ ‬بعد؟‭ ‬لاشيء‭ ‬تقريبا‭. ‬ليبيا‭ ‬التي‭ ‬تخلصت‭ ‬من‭ ‬قبضة‭ ‬الدكتاتور‭ ‬في‭ ‬أكتوبر‭ ‬من‭ ‬نفس‭ ‬السنة،‭ ‬غرقت‭ ‬في‭ ‬الفوضى،‭ ‬واختفت‭ ‬الاتهامات‭ ‬بوقوع‭ ‬عمليات‭ ‬الاغتصاب‭.‬
اليوم،‭ ‬مازالت‭ ‬ليبيا‭ ‬غارقة‭ ‬في‭ ‬الفوضى‭. ‬لا‭ ‬وجود‭ ‬لدولة‭ ‬هناك‭. ‬حكومتان‭ ‬بدون‭ ‬سلطة‭ ‬حقيقية،‭ ‬وفي‭ ‬كل‭ ‬مكان‭ ‬مئات‭ ‬المليشيات‭ ‬والجماعات‭ ‬المسلحة،‭ ‬المستعدة‭ ‬للنهب‭ ‬والاختطاف‭ ‬والتعذيب‭. ‬لا‭ ‬أحد‭ ‬منذ‭ ‬2011‭ ‬استطاع‭ ‬أن‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬تأكيد‭ ‬استعمال‭ ‬الاغتصاب‭ ‬كسلاح‭ ‬في‭ ‬الحرب‭. ‬ولبلوغ‭ ‬ذلك،‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬دلائل‭ ‬وإثباتات‭ ‬ووقائع‭ ‬ملموسة‭ (‬ملفات‭ ‬طبية،‭ ‬صور،‭ ‬شهادات‭؟). ‬ولأجل‭ ‬ذلك،‭ ‬كان‭ ‬ضروريا‭ ‬الذهاب‭ ‬إلى‭ ‬تونس‭ ‬المجاور،‭ ‬الذي‭ ‬لجأ‭ ‬إليه‭ ‬آلاف‭ ‬الليبيين‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة‭.‬

أكتوبر‭ ‬2016
لفترة‭ ‬طويلة،‭ ‬ظل‭ ‬ياسين‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلي‭ ‬ظلا‭ ‬لصورة‭ ‬على‭ ‬شاشة‭ ‬أعبر‭ ‬الانترنيت،‭ ‬حيث‭ ‬كنا‭ ‬نتحاور‭ ‬بواسطة‭ ‬تطبيق‭ ؟‬سكايب‭؟. ‬لم‭ ‬أكن‭ ‬أرى‭ ‬منه‭ ‬سوى‭ ‬صورة‭ ‬داكنة‭ ‬لظل‭ ‬رجل‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬يبوح‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬نفسه‭ ‬كما‭ ‬لو‭ ‬أن‭ ‬شيئا‭ ‬ما‭ ‬يمنعه‭ ‬من‭ ‬ذلك‭. ‬هناك‭ ‬في‭ ‬ليبيا‭ “‬أعتقد‭ ‬أنه‭ ‬تعرض‭ ‬للاغتصاب،‭ ‬لكنه‭ ‬لم‭ ‬يعترف‭ ‬لي‭ ‬بذلك‭ ‬أبدا‭” ‬يقول‭ ‬الشخص‭ ‬الذي‭ ‬ربط‭ ‬لي‭ ‬الاتصال‭ ‬به‭. ‬ثم‭ ‬بعد‭ ‬عدة‭ ‬أسابيع‭ ‬قبل‭ ‬ياسين‭ ‬المجيء‭ ‬إلى‭ ‬تونس‭.‬
هو‭ ‬رجل‭ ‬في‭ ‬الأربعين‭ ‬من‭ ‬العمر،‭ ‬نحيف‭ ‬البنية‭ ‬يلبس‭ ‬قميصا‭ ‬وسروالا‭ ‬بلون‭ ‬الرمل‭. ‬بمجرد‭ ‬وصوله‭ ‬إلى‭ ‬المطار،‭ ‬أحسست‭ ‬أنه‭ ‬يبحث‭ ‬عن‭ ‬ذريعة‭ ‬كيلا‭ ‬يكون‭ ‬هو‭ ‬موضوع‭ ‬الحديث‭. ‬ومنذ‭ ‬الوهلة‭ ‬الأولى،‭ ‬أكد‭ ‬أنه‭ ‬يتحدث‭ ‬باسم‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الضحايا‭ ‬الحريصين‭ ‬الباحثين‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬عن‭ ‬مكان‭ ‬آمن‭ ‬وسري،‭ ‬يتلقون‭ ‬فيه‭ ‬العلاج‭: “‬في‭ ‬ليبيا‭ ‬الناس‭ ‬لا‭ ‬يتكلمون‭.‬هم‭ ‬خائفون‭ ‬من‭ ‬الوشاية‭ ‬بهم‭ .‬ويخسرون‭ ‬كل‭ ‬شيء‭: ‬عائلتهم،‭ ‬وأصدقاءهم،‭ ‬وعملهم،‭ ‬والثقة‭ ‬في‭ ‬طبيب‭.‬فعلا‭ ‬إنه‭ ‬أمر‭ ‬محفوف‭ ‬بالخطر‭”.‬

‭ ‬يتحدث‭ ‬ياسين،‭ ‬وهو‭ ‬يتلعثم‭ ‬ويبدو‭ ‬متوترا‭ ‬فصوته‭ ‬متقطع‭. ‬ربما‭ ‬اضطر‭ ‬لتناول‭ ‬أدوية‭..‬
ذهبنا‭ ‬إلى‭ ‬مكان‭ ‬هادئ،‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬شقة‭ ‬غير‭ ‬معروفة‭ ‬في‭ ‬العوينة‭. ‬فتح‭ ‬حقيبته،‭ ‬وأخرج‭ ‬منها‭ ‬نسخة‭ ‬من‭ ‬القرآن‭ ‬وجواز‭ ‬سفر‭ ‬ليبي‭ ‬وسجادة،‭ ‬ثم‭ ‬جلس‭ ‬على‭ ‬أريكة‭ ‬وقال‭: “‬بإمكانك‭ ‬أن‭ ‬تقترح‭ ‬ملايين‭ ‬الدولارات‭ ‬على‭ ‬الضحايا،‭ ‬لكي‭ ‬يقدموا‭ ‬شهادتهم‭ ‬أمام‭ ‬المحكمة‭. ‬انتقل‭ ‬ياسين‭ ‬من‭ ‬صيغة‭ ‬الجمع‭ ‬إلى‭ ‬صيغة‭ ‬المفرد‭. ‬قفز‭ ‬ثم‭ ‬نظر‭ ‬إلي‭ ‬مرعوبا‭ .‬كيف‭ ‬لي‭ ‬أن‭ ‬أنسى‭ ‬تلك‭ ‬النظرة؟‭ ‬إنها‭ ‬حقيقة‭: ‬ياسين‭ ‬تعرض‭ ‬للاغتصاب‭. ‬لن‭ ‬نتحدث‭ ‬كثيرا‭ ‬عن‭ ‬حياته‭ ‬السابقة‭. ‬سنقول‭ ‬إنها‭ ‬كانت‭ ‬حياة‭ ‬بسيطة‭ ‬وعادية‭ ‬في‭ ‬حي‭ ‬كراز‭ ‬بمدينة‭ ‬مصراتة‭ ‬شرقي‭ ‬ليبيا‭ ‬يوم‭ ‬29‭ ‬مارس‭ ‬2011‭ .‬
بعد‭ ‬شهر‭ ‬من‭ ‬الحصار‭ ‬القاسي،‭ ‬أطلقت‭ ‬قوات‭ ‬القدافي‭ ‬هجوما‭ ‬لاقتحام‭ ‬المدينة‭ ‬من‭ ‬الجانب‭ ‬الغربي‭. ‬كان‭ ‬الجنود‭ ‬يكسرون‭ ‬الأبواب،‭ ‬ويقتحمون‭ ‬المنازل‭ ‬واحدا‭ ‬واحدا‭. ‬ذاعت‭ ‬أخبار‭ ‬الاغتصابات‭ ‬مع‭ ‬حلول‭ ‬الليل‭. ‬حاول‭ ‬ياسين‭ ‬الفرار‭ ‬عبر‭ ‬طريق‭ ‬ثانوية‭ ‬رفقة‭ ‬زوجين‭ ‬من‭ ‬الجيران،‭ ‬لكنهم‭ ‬اصطدموا‭ ‬بحوالي‭ ‬ثلاثين‭ ‬رجلا‭ ‬مسلحين‭ ‬كان‭ ‬بعضهم‭ ‬يلبس‭ ‬الزي‭ ‬الرسمي‭ ‬وآخرون‭ ‬كانوا‭ ‬مرتزقة‭ ‬ينحدرون‭ ‬من‭ ‬توارقة‭.‬
مصراتة‭ ‬ضد‭ ‬توراقة،‭ ‬صراع‭ ‬قديم‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬مصراتة‭ ‬الحاضرة‭ ‬الفنية،‭ ‬على‭ ‬الساحل‭ ‬المدينة‭ ‬المستقلة‭ ‬المعارضة‭ ‬وفي‭ ‬الجهة‭ ‬الأخرى‭ ‬توارقة‭ ‬الفقيرة،‭ ‬معقل‭ ‬القبيلة،‭ ‬التي‭ ‬تحمل‭ ‬نفس‭ ‬الاسم‭ ‬من‭ ‬أحفاد‭ ‬العبيد‭ ‬المحتقرين،‭ ‬لأن‭ ‬بشرتهم‭ ‬سوداء،ولذلك‭ ‬ظل‭ ‬التوارقة‭ ‬دائما‭ ‬يعتبرون‭ ‬مواطنين‭ ‬من‭ ‬درجة‭ ‬دنيا‭ .‬
استطاع‭ ‬القدافي‭ ‬شراء‭ ‬ولائهم‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬العناية‭ ‬بمدينتهم،‭ ‬وعندما‭ ‬اندلعت‭ ‬الثورة،‭ ‬نجح‭ ‬في‭ ‬استمالتهم‭ ‬جزئيا‭ ‬إلى‭ ‬قواته‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬سحق‭ ‬مصراتة‭ ‬المتمردة‭.‬
يستطرد‭ ‬ياسين‭ ‬قائلا‭: ؟‬تم‭ ‬تقييد‭ ‬رجال‭ ‬مجموعتنا‭ .‬تبولوا‭ ‬علينا‭ ‬مثل‭ ‬كلاب‭ .‬واقتيدوا‭ ‬إلى‭ ‬منزل‭ ‬تحول‭ ‬إلى‭ ‬سجن‭ ‬في‭ ‬توارقة‭ ؟‬كانت‭ ‬فيه‭ ‬غرفة‭ ‬معدة‭ ‬للتعذيب‭. ‬كنا‭ ‬نسمع‭ ‬صرخات‭ ‬الآخرين‭. ‬كانوا‭ ‬يستهدفون‭ ‬الأعضاء‭ ‬الحساسة‭ ‬من‭ ‬الجسم‭. ‬فهمت‭ ‬ماكانوا‭ ‬ينفذون‭..‬
‭ ‬طيلة‭ ‬حديثه،‭ ‬لم‭ ‬ينطق‭ ‬بالكلمة‭ /‬الطابو،‭ ‬ولكن‭ ‬كان‭ ‬مفهوما‭ ‬أنه‭ ‬يتحدث‭ ‬عن‭ ‬الاغتصاب‭. ‬نزلت‭ ‬دمعة‭ ‬على‭ ‬خده‭ “‬جاري‭ ‬توفي‭ ‬كلفهم‭ ‬الأمر‭ ‬ساعتين‭ ‬أو‭ ‬ربما‭ ‬أقل‭. ‬كانوا‭ ‬يعلمون‭ ‬أن‭ ‬الأصعب‭ ‬في‭ ‬العمق،‭ ‬هو‭ ‬البقاء‭ ‬على‭ ‬قيد‭ ‬الحياة‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬ينسوا‭ ‬ما‭ ‬حصل‭؟. ‬فجأة‭ ‬تشنج‭ ‬وجه‭ ‬ياسين‭. ‬صمت‭ ‬بدون‭ ‬حركة‭ .‬ناديته‭ ‬بهدوء‭ ‬بعد‭ ‬فترة‭ ‬لا‭ ‬منتهية‭. ‬ذهب‭ ‬ليتمدد‭ ‬على‭ ‬سريره،‭ ‬ونام‭ ‬على‭ ‬الفور‭.‬
وصمة‭ ‬الاغتصاب،‭ ‬تدخل‭ ‬الضحايا‭ ‬في‭ ‬قوقعة‭ ‬العار‭. ‬إنه‭ ‬عار‭ ‬لكل‭ ‬العائلة،‭ ‬لقبيلة‭ ‬بأكملها‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬أجيال‭. ‬ثم‭ ‬لمن‭ ‬تسر‭ ‬معاناتك‭ ‬عندما‭ ‬يكون‭ ‬النظام‭ ‬القضائي‭ ‬مفتتا؟‭ ‬كيف‭ ‬لك‭ ‬أن‭ ‬تتأكد‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬القضية‭ ‬لن‭ ‬تصبح‭ ‬في‭ ‬يوم‭ ‬من‭ ‬الأيام‭ ‬بالساحة‭ ‬العمومية؟‭ ‬الجلادون‭ ‬والمختصون‭ ‬يتوفرون‭ ‬على‭ ‬استراتيجية‭ ‬لا‭ ‬تقاوم‭ ‬لضمان‭ ‬هذا‭ ‬الصمت‭: ‬تصوير‭ ‬عمليات‭ ‬الاغتصاب‭.‬
بعد‭ ‬يومين،‭ ‬اتصل‭ ‬بي‭ ‬ياسين‭. ‬مشينا‭ ‬لفترة‭ ‬في‭ ‬أزقة‭ ‬تونس‭ ‬ثم‭ ‬سألني‭: ؟‬تصور‭ ‬يقال‭ ‬لك‭: ؟‬سنقتل‭ ‬أخاك‭؟ ‬أو‭ ‬سنغتصب‭ ‬أخاك‭؟ ‬ما‭ ‬الذي‭ ‬سيكون‭ ‬الأخطر؟‭ ‬سنغتصب‭ ‬أخاك‭ ‬بالتأكيد‭ “.‬روى‭ ‬لي‭ ‬حياته‭ ‬التالية‭: ‬أحس‭ ‬عند‭ ‬الانتقالات‭ ‬والترحال‭ ‬الدائم‭ ‬من‭ ‬حي‭ ‬إلى‭ ‬آخر‭ ‬في‭ ‬مصراتة‭ ‬ومن‭ ‬مدينة‭ ‬إلى‭ ‬أخرى‭ ‬حتى‭ ‬هنا‭ ‬في‭ ‬تونس،‭ ‬بأن‭ ‬الناس‭ ‬يرون‭ ‬الرجل‭ ‬المتسخ‭ ‬الذي‭ ‬أصبحته‭؟. ‬ياسين‭ ‬يعاني‭. ‬يجد‭ ‬صعوبة‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬المشي‭ ‬مستقيما‭. ‬لابد‭ ‬أن‭ ‬يرى‭ ‬الطبيب‭. ‬اقترحت‭ ‬مرافقته‭. ‬رفض‭. ‬يستحيل‭ ‬أن‭ ‬يعرض‭ ‬نفسه‭ ‬على‭ ‬رجل‭ ‬آخر‭ ‬،‭ ‬وفي‭ ‬اليوم‭ ‬الموالي‭ ‬اختفى‭.‬
قبل‭ ‬ذلك،‭ ‬أعطاني‭ ‬رقم‭ ‬هاتف‭ ‬زوجة‭ ‬جاره،‭ ‬الذي‭ ‬اغتصب‭ ‬حتى‭ ‬الموت‭ ‬في‭ ‬2011‭ ‬لم‭ ‬يتحدث‭ ‬معها‭ ‬أبدا‭ ‬عن‭ ‬تلك‭ ‬الليلة‭ ‬الرهيبة‭. ‬
فاطمة‭ (‬سنسميها‭ ‬هكذا‭) ‬مقيمة‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‭ ‬في‭ ‬تونس،‭ ‬في‭ ‬البداية‭ ‬رفضت‭ ‬أي‭ ‬لقاء‭ ‬أو‭ ‬حديث،‭ ‬ثم‭ ‬قبلت‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬لقائي‭ ‬في‭ ‬سيدي‭ ‬بوسعيد‭ ‬على‭ ‬شاطئ‭ ‬البحر‭. ‬كانت‭ ‬امرأة‭ ‬في‭ ‬السادسة‭ ‬والعشرين‭ ‬من‭ ‬العمر‭ ‬بملامح‭ ‬جميلة،‭ ‬لكن‭ ‬نظراتها‭ ‬تفرز‭ ‬تعبا‭ ‬واضحا،‭ ‬أشعلت‭ ‬سيجارة‭. ‬وتنهدت،‭ ‬ثم‭ ‬قالت

هكذا هي‮ ‬الحرب‭.‬‮ ‬ولم أكن أعرف عنها شيئا،كنت ساذجة‮»‬‭”.‬

‮ ‬فاطمة،‮ ‬كانت تتحاشى الجواب عن الأسئلة الدقيقة،‮ ‬ثم استرسلت فجأة‮: «‬قبل تلك الليلة،‮ ‬علمنا أن جارتنا اغتصبت أمام أنظار والدها في‮ ‬اليوم الموالي‮. ‬رفقة زوجي‮ ‬هربنا‮. ‬فات الأوان‮. ‬كانت‮ ‬يداها ترتعشان وهي‮ ‬تبكي‮ «‬في‮ ‬سجن توارقة‭.‬‮ ‬كنت أسمع صرخات زوجي،‮ ‬كان الجلادون‮ ‬يقولون له‮ «‬كلب ثوري،‮ ‬قل ان القذافي‮ ‬هو سيدك‮! ‬كان‮ ‬يرفض‭.‬‮ ‬هي‮ ‬نفسها اغتصبت على أيدي‮ ‬جنود ثم رموا بها على قارعة طريق في‮ ‬حيها حتى‮ ‬يعلم الجميع بذلك‮.‬
عندما علمت بموت زوجها،‮ ‬بعد أكثرمن شهر،‮ ‬قررت فاطمة الفرار من ليبيا‮. ‬خلال السنوات التالية‮. ‬عانت كثيرا من أجل بناء حياتها الجديدة في‮ ‬تونس‮. ‬عندما التقيتها،‮ ‬كانت تجد صعوبة واضحة في‭ ‬المشي‭.‬‮ ‬تعيش بما تيسر‮ ‬‭.‬وتدخن طوال اليوم‭.‬‮ ‬في‮ ‬تونس لا وجود لأي‮ ‬مساعدة‮. ‬ولا هيئة لاستقبال‭ ‬الضحايا الليبيين‭ ‬والاعتناء‭ ‬بهم‮ ‬‭ ‬،‮ ‬فقط بضع مصحات خاصة،‮ ‬حيث‮ ‬يتلقى الميسورون العلاج في‮ ‬سرية تامة‮.‬

نونبر‮ ‬2016
في‮ ‬تونس،‮ ‬تعرفت على رمضان‮. ‬مدعى عام سابق في‮ ‬مدينة بنغازي‭.‬‮ ‬طوال ساعات،‮ ‬شرح لي‮ ‬هذا الرجل ذو اللحية الرقيقة،‮ ‬والبالغ‮ ‬من العمر‮ ‬36‮ ‬سنة‮. ‬لماذا لن‮ ‬يتكلم أحد عن هذه الجرائم الجنسية المتعمدة والمختارة‭.‬‮ «‬‭”‬الموالون للقذافي‮ ‬اغتصبوا خلال الثورة،‮ ‬وبعدما هزموا،‮ ‬تعرضوا لنفس العنف‭.‬‮» ‬التاريخ أعاد نفسه‮ ‬‭.‬ضحايا الأمس تحولوا إلى جلادين ومختصبين‮.‬
رمضان عضو في‮ ‬شبكة،‮ ‬تضم مجموعة من المغتربين والمنفيين،‮ ‬المصممين على جمع الادلة على هذه الجرائم‮. ‬كل الجرائم التي‮ ‬وقعت سنة‮ ‬2011‮ ‬وتلك التي‮ ‬وقعت بعد ذلك‮. ‬رفيقة الأساسي‮ ‬في‮ ‬هذه المعركة،‮ ‬رجل ضخمُ‮ ‬البنية،‮ ‬سمحُ‮ ‬الطباع بابتسامة رقيقة‮: ‬
عماد من الطوارق،‮ ‬يبلغ‮ ‬من العمر‮ ‬34‮ ‬سنة‮. ‬منذ لقائنا الأول،‮ ‬أراني‮ ‬شريط فيديو تم تصويره حسب قوله في‮ ‬صيف‮ ‬2011‮ ‬‭:‬رجل شاب‮ ‬يجلس على الرمل‮. ‬مرعوب،‮ ‬ورأسه منحني‮. ‬يد مرفوعة،‮ ‬تصور ببذلة عسكرية‮. ‬الرجل المجهول‮ ‬ينزع سروال السجين ثم ثبانه،‮ ‬ثم‮ ‬يضع قاذفة قنابل على مستوى مؤخرته‮. ‬تتحول الكاميرا‭.‬‮ ‬يحرك رمضان رأسه امتعاضا‮. ‬المشهد مقزز،‮ ‬‭”‬أوقف هذا‭.‬‮ ‬بصراحة،‮ ‬إنه شيء سادي‮»‬‭.‬‮ ‬لا‮ ‬يمكن التعرف على الكتيبة‮ ‬،ولا مكان الاغتصاب،‮ ‬لكنه وقع فعلا،‮ ‬وبواسطة قاذفة قنابل‭”.‬
شريط فيديو آخر،هذه المرة،‮ ‬رجل أسود مربوط مثل عنزة شارد ة‭. ‬صوت‮ ‬يصيح‮ «‬يا كلب توارقي‮ ‬حقير،‮ ‬اعترف بأنك اغتصبت في‮ ‬مصراته‭”.‬‮ ‬
هذه المرة،‮ ‬عماد‮ ‬يتوفر على تاريخ أدق أكتوبر‮ ‬2011‮ ‬لقد اغتصبوه بفوهة سلاح،‮ ‬يؤكد عماد‭.‬‮ ‬صوروا كل شيء قبل ان‮ ‬يطلقوا سراحه،‮ ‬تمكنت من العثور عليه‮.‬‭.‬
‮ ‬عندما حاولت تسجيل اغتصابه في‮ ‬الملف،‮ ‬قال لي‮: «‬لا،‮ ‬بإمكانك أن تدون كل شيء إلا هذا‭”‬
في‮ ‬شريط فيديو ثالث،‮ ‬مؤرخ في‮ ‬نهاية‮ ‬2012‮ ‬نرى شابين من الطوارقة شقيقين‮ ‬يبلغان من العمر‮ ‬16‮ ‬و17‮ ‬سنة‮. ‬يداهما فوق رأسيهما‮. ‬حسب عماد تم اغتصابهما‮. ‬الشقيق الأكبر مات جراء ذلك،‮ ‬والأصغر انتحر‭.‬انتفض رمضان‮ ‬غضبا،‮ ‬أشعل سيجارة،‮ ‬والتفت نحو صديقه قائلا‮: «‬عماد،‮ ‬المشكل هو أنه سيقال لك دائما‮ «‬تستحق‭.‬‮ ‬لقد اغتصبوك،‮ ‬وأنت من بحث عن ذلك‭.‬‮ ‬سنقضي‮ ‬50‮ ‬سنة للتخلص من المشكل‮!».‬
الصديقان بحاجة لاستنشاق الهواء‭.‬‮ ‬خرجا‮ ‬يمشيان في‮ ‬شوارع تونس‭.‬‮ ‬افترقا دون كلمات وهو عائد على متن سيارة أجرة‭. ‬كان عماد‮ ‬يردد ألحان أغنية ليبية كما‮ ‬يفعل دائما في‮ ‬لحظات قلقه‮: «‬القنابل تقتل الناس دون أن‮ ‬يدركوا ذلك‮. ‬أما الاغتصاب فإنه سلاح‮ ‬غير مرئي‮. ‬لابد أن‮ ‬يتكلم الضحايا من أجل معرفة كيف ومن استعمله بشكل ممنهج‮. ‬نحن قليلون من‮ ‬يطرح هذه الأسئلة‮»‬‭.‬‮ ‬في‮ ‬الواقع القضاة ومناضلو حقوق الإنسان تعرضوا لغضب الملشيات‭.‬‮ ‬في‮ ‬بداية‮ ‬2014‮ ‬تم قتل عشرات القضاة والنشطاء‮. ‬رمضان وعماد نجاحا في‮ ‬البقاء على قيد الحياة ومغادرة البلاد‭.‬‮ ‬ومنذ ذلك الحين،‮ ‬يحققان في‮ ‬هذه التجاوزات،‮ ‬ولائحة طويلة من اعمال العنف‮: ‬اختطافات،‮ ‬ابتزاز،‮ ‬اختفاء،‮ ‬تعذيب وبطبيعة الحال عمليات اغتصاب‭.‬‮ ‬ثلاث سنوات من البحث،‮ ‬بدون دعم خارجي‮. ‬شبكتهم هشة لا تضم سوى بضعة نشطاء شجعان لا‮ ‬يتعدون العشرة،‮ ‬يتحركون في‮ ‬تونس،‮ ‬منهم قضاة،‮ ‬محامون‮.. ‬مدعون أو مناضلون‮. ‬وبالكاد‮ ‬يوجد نفس العدد في‮ ‬ليبيا‮.‬
كلاهما‮ ‬يعرف المخاطر التي‮ ‬يواجهون بنشاطهم هذا‮. ‬رمضان‮ ‬يغير إقامته باستمرار حتى لايتم كشف مكانه،‮ ‬ويختطف ويعاقب لأنه تجرأ على كسر الصمت‭.‬‮ «‬هل تعتقد أنه من السهل على رجل عربي‮ ‬القول بأنه‮…» ‬يتردد،‮ ‬يخفض صوته،‮ ‬لم‮ ‬يجرؤ على إكمال حملته‮: ‬اغتصاب‮ ‬‭ ‬مؤخرة،‭ ‬إيلاج‭..” ‬بالنسبة‭ ‬إليه‭ ‬ليس‭ ‬هناك‭ ‬أدنى‭ ‬شك‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬الاغتصاب‭ ‬مازال‮ ‬يستعمل كسلاح للحرب في‮ ‬ليبيا‮. ‬يبقى إثبات ذلك‮.. ‬يعترف قائلا‮: «‬ليس لدينا حتى ما نثبت به جرائم‮ ‬2011‮ ‬لا نقيس حتى الآن حجم الظاهرة‮»‬‭.”.‬‮ ‬ومن شرفة المنزل أمام فضاء مفتوح،‮ ‬يتحدث عن الجحيم الليبي‮ ‬ومليشياته المهيمنة،‮ ‬يشير بيده نحو الأفق‮: «‬هل ترى تلك الطريق؟ عندنا ستكون خطا فاصلا بين منطقتين تسيطر عليها المليشيات‮. ‬ستكون هناك نقط تفتيش ومراقبة كل‮ ‬500‮ ‬متر،‮ ‬وسجون ومعتقلات في‮ ‬كل مكان‮!‬‭.‬كل شيئ‮ ‬يتحول إلى سجن،‮ ‬شقة،‮ ‬قبو،‮ ‬حتى‮ ‬غرفة حمام‮!» ‬
عماد‮ ‬يتقاسم شقة بسيطة من‮ ‬3‮ ‬غرف مع اثنين من مواطنه‮. ‬ليس مدعيا عاما ولا قاضيا بحكم تكوينه مثل رمضان‮. ‬بل هو مواطن عادي‮ ‬تحول إلى مناضل بالواجب منخرط في‮ ‬مهمته إلى درجة أصبح‮ ‬‭ ‬معها‭ ‬لايقدر‭ ‬على التراجع‭.‬‮ ‬ثلاجته فارغة‮ ‬‭.‬على الأرض حقيبة مفتوحة،‮ ‬بها بعض الملابس‮. ‬آثار حياة معلقة هنا،‮ ‬في‮ ‬تونس،‮ ‬يحس الضحايا بأنهم أحرار أكثر ولكن بمجرد ما تحاول تسجيل اغتصابهم في‮ ‬الملف،‮ ‬يتبخرون‭.‬‮» ‬بجانبه كومة من الوثائق وصور أجساد مبتورة الأعضاء،‮ ‬وشضايا ملفات كومة من الوثائق وصور اجساد مبتورة الاعضاء،‮ ‬وشظايا ملفات طبية،‮ ‬وملاحظات مدونة حول عمليات ابتزاز أو سرقة أو تعذيب‭.‬‮ «‬‭”‬التقيت‮ ‬300‮ ‬ربما‮ ‬350‮ ‬شخصا‮. ‬قد تجد،‮ ‬كل شيء‮ ‬يمكن تدوينه إلا هذا‮!».‬
دجنبر‮ ‬2016
سمير بهيم،‮ ‬في‮ ‬تونس بدون سكن قار‮. ‬هو شاب ليبي‮ ‬بجسد قوى‭.‬‮ ‬يرتدي‮ ‬قميصا رياضيا أسود‮: ‬نلتقي‮ ‬مرة بعد أخرى حول فنجان قهوة‮. ‬وأخيرا،‮ ‬ذات صباح قبِل فتح قلبه والحديث عن مساره كأحد أطفال الشوارع،‮ ‬انخرط في‮ ‬سن‮ ‬16‮ ‬سنة في‮ ‬جيش القذافي‮. ‬وفي‮ ‬سنة‮ ‬2011‮ ‬كجندي‮ ‬بسيط،‮ ‬شارك في‮ ‬حصار مصرانة‮ «‬‭”‬حولني‮ ‬ذلك إلى مجنون‭.‬‮ ‬رأيت أشياء كثيرة‮.. ‬كان الجنود‮ ‬يدخلون،‮ ‬يقيدون الأب،‮ ‬يغتصبون ابنته وزوجته وهم‮ ‬يقولون‮: «‬أتريد الثورة؟ خذ هذه هي‮ ‬ثورتك‮! ‬من كان هؤلاء الرجال؟‮ ‬يحرك سمير رأسه،‮ ‬لا مجال لذكر اسم الكتيبة‮. ‬لكن الأوامر بكل تأكيد كانت تأتي‮ ‬من القيادة‮. ‬كان لابد من‮ «‬اقتحام المنازل‮» ‬حسب التعبير المتداول ومعناه الضمني‮: ‬الاغتصاب‮.‬
بعد نهاية الحرب،‮ ‬قام الثوريون بفضاعات مضاعفة آلاف المرات ضدنا‭”‬‮ ‬يتهم سمير،‮ ‬الذي‮ ‬اختطف مرتين،‮ ‬وسجن‮ ‬8‮ ‬أشهر،‮ ‬هو نفسه أدى ثمن ماضيه كجندي‮. «‬كان السجانون‮ ‬يقولون‮: «‬انتم القذافيون اغتصبتهم‭.‬‮ ‬إذن جاء دورنا حسب قوله‮. ‬وصلت الأمور في‮ ‬ليبيا إلى‭ ‬نقطة اللاعودة‮ «‬عندما تغتصب تكسر كل شيء،‮ ‬لا‮ ‬يمكنك أن تعيد بناء بلد،‮ ‬دولة‮» ‬الاغتصاب هو مفتاح هذا الهدم والتفكيك،‮ ‬الحاجز الخفي‮ ‬لأي‮ ‬معالجة‮.‬

يناير‭ ‬2017
تحريات‭ ‬عماد‭ ‬ورمضان‭ ‬في‭ ‬نفق‭ ‬مسدود‭ ‬مئات‭ ‬الوثائق‭ ‬والمعطيات‭ ‬التي‭ ‬جمعوها‭ ‬لا‭ ‬تشكل‭ ‬ملفا‭ ‬قانونيا‭ ‬مقبولا،‭ ‬لذلك‭ ‬قرار‭ ‬طلب‭ ‬مساعدة‭ ‬الشخصية‭ ‬الوحيدة‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬لها‭ ‬ذات‭ ‬يوم‭ ‬علاقة‭ ‬بتحقيقاتهم‭. ‬إنها‭ ‬سيلين‭ ‬باردي،‭ ‬فرنسية‭ ‬في‭ ‬السادسة‭ ‬والأربعين‭ ‬من‭ ‬العمر،‭ ‬خبيرة‭ ‬في‭ ‬العلاقة‭ ‬الجنائية‭ ‬الدولية،‭ ‬في‭ ‬سنة‭ ‬2013‭ .‬
عندما‭ ‬أراد‭ ‬وزير‭ ‬العدل‭ ‬الليبي‭ ‬صلاح‭ ‬المرغني‭ ‬كتابة‭ ‬قانون‭ ‬لحماية‭ ‬ضحايا‭ ‬الاغتصاب،‭ ‬لجأ‭ ‬إلى‭ ‬سيلين‭ ‬باردي‭ ‬المعروفة‭ ‬بصراحتها‭ ‬وقوة‭ ‬عنادها،‭ ‬وهي‭ ‬معروفة‭ ‬بكونها‭ ‬أنشأت‭ ‬وقادت‭ ‬في‭ ‬البوسنة‭ ‬وحدة‭ ‬مختصة‭ ‬في‭ ‬جرائم‭ ‬الحرب‭ ‬نجحت‭ ‬في‭ ‬إرسال‭ ‬عشرات‭ ‬المجرمين‭ ‬إلى‭ ‬السجن،‭ ‬بعضهم‭ ‬بتهم‭ ‬الاغتصاب‭.‬
‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬ليبيا،‭ ‬وزير‭ ‬العدل‭ ‬استصغر‭ ‬مدة‭ ‬وحجم‭ ‬الخراب‭ ‬والفوضى،‭ ‬وقانونه‭ ‬لم‭ ‬يطبق‭ ‬أبدا‭. ‬ومنذ‭ ‬ذلك‭ ‬الحين،‭ ‬أسست‭ ‬سيلين‭ ‬باردي‭ ‬منظمتها‭ ‬غير‭ ‬الحكومية‭. “‬لسنا‭ ‬أسلحة‭ ‬للحرب‭”. ‬وتعتبر‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬الاغتصاب‭ ‬موجود‭ ‬دائما‭. ‬تعويض‭ ‬المنتصرين‭ ‬غنيمة‭ ‬المحارب‭. ‬ولكن‭ ‬وقع‭ ‬تحول‭ ‬في‭ ‬سنوات‭ ‬1990‭ ‬لم‭ ‬يلتقطه‭ ‬الكثيرون‭. ‬الاغتصاب‭ ‬خلال‭ ‬الحرب‭ ‬أصبح‭ ‬سلاحا‭ ‬من‭ ‬الطراز‭ ‬الأول‭: ‬غير‭ ‬مكلف‭ ‬دون‭ ‬ضحية‭ ‬قادر‭ ‬على‭ ‬تدمير‭ ‬أمة‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬أجيال‭ ‬،‭ ‬إنه‭ ‬الجريمة‭ ‬الكاملة‭ ‬تقريبا‭.‬

سيرة‭ ‬سيلين‭ ‬باردي‭ ‬المثالية‭ ‬لاتكفي
‭ ‬لهزم‭ ‬هذه‭ ‬الشبكة‬
‭ ‬عماد‭ ‬ورمضان،‭ ‬رغم‭ ‬حاجتهما‭ ‬لمساعدتها،‭ ‬إلا‭ ‬أنهما‭ ‬يخصانها‭ ‬باستقبال‭ ‬حذر‭ ‬يلزم‭ ‬انتظار‭ ‬48‭ ‬ساعة،‭ ‬لكي‭ ‬يقبلا‭ ‬أن‭ ‬يعرضا‭ ‬عليها‭ ‬العناصر‭ ‬والوثائق‭ ‬التي‭ ‬يتوفرون‭ ‬عليها‭. ‬وبمجرد‭ ‬إذابة‭ ‬الجليد،‭ ‬تتجه‭ ‬سيلين‭ ‬مباشرة‭ ‬إلى‭ ‬الهدف‭ ” ‬بالنسبة‭ ‬لكل‭ ‬واحد‭ ‬من‭ ‬عناصر‭ ‬وثائقكم،‭ ‬حددوا‭ ‬بالضبط‭ ‬الوقت‭ ‬والمكان،‭ ‬الذي‭ ‬وقع‭ ‬فيه‭. ‬بعد‭ ‬ذلك،‭ ‬نقارن‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬المعطيات،‭ ‬ونحدد‭ ‬السياق‭ ‬القانوني‭ ‬للجريمة،‭ ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬تفعلوا‭ ‬ذلك،‭ ‬فستخسرون‭ ‬بكل‭ ‬تأكيد‭ ‬أمام‭ ‬المحكمة‭”‬،‭ ‬تذكر‭ ‬الفرنسية‭ ‬بمثال‭ ‬جان‭ ‬بيير‭ ‬بيمبا‭ ‬نائب‭ ‬رئيس‭ ‬جمهورية‭ ‬الكونغو‭ ‬الديمقراطية‭ ‬المجرم‭ ‬الوحيد،‭ ‬الذي‭ ‬أدين‭ ‬بجريمة‭ ‬اغتصاب‭ ‬حرب‭ ‬أمام‭ ‬المحكمة‭ ‬الجنائية‭ ‬الدولية‭ “‬لكونه‭ ‬أعطى‭ ‬أمرا‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يشارك‭ ‬فيه‭”. ‬يتساءل‭ ‬رمضان‭ ؟‬هذا‭ ‬قريب‭ ‬من‭ ‬الحالات‭ ‬التي‭ ‬نعالجها‭!؟. ‬وتختم‭ ‬الخبيرة‭ ‬القانونية‭ ‬قائلة‭ ؟‬إذن،‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬محاولة‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬شهادات‭ ‬كاملة،‭ ‬هذا‭ ‬أمر‭ ‬مستعجل‭؟.‬

فبراير‭ ‬2017
هطلت‭ ‬أمطار‭ ‬غزيرة‭ ‬على‭ ‬تونس،‭ ‬فاضت‭ ‬معها‭ ‬مجاري‭ ‬المياه،‭ ‬ورمت‭ ‬بأوحالها‭ ‬في‭ ‬أزقة‭ ‬المدينة‭. ‬كان‭ ‬عماد‭ ‬متوترا‭. ‬أحد‭ ‬الضحايا‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يتابعه‭ ‬منذ‭ ‬أسابيع،‭ ‬خرج‭ ‬للتو‭ ‬من‭ ‬ليبيا‭. ‬كان‭ ‬أحد‭ ‬سكان‭ ‬مدينة‭ ‬زليطن‭ ‬وهي‭ ‬مدينة‭ ‬موالية‭ ‬سابقا‭ ‬للقدافي،‭ ‬كان‭ ‬ينتظر‭ ‬زيارته‭ ‬بين‭ ‬لحظة‭ ‬وأخرى‭.‬
رن‭ ‬جرس‭ ‬الباب،‭ ‬كان‭ ‬هو‭ ‬أحمد‭( ‬45‭ ‬سنة‭)‬،‭ ‬نحيف‭ ‬الجسم،‭ ‬ذا‭ ‬وجه‭ ‬شاحب‭ ‬اختطفته‭ ‬إحدى‭ ‬الميلشيات‭ ‬سنة‭ ‬2012‭ .‬خرج‭ ‬للتو‭ ‬من‭ ‬سجن‭ ‬تومينا‭ ‬الرهيب‭. ‬أحمد‭ ‬يريد‭ ‬أن‭ ‬يحكي‭ ‬الرعب‭ ‬الذي‭ ‬عاشه‭ ؟‬يعزلونك‭ ‬لكي‭ ‬يقهرك‭ ؟‬قهر‭ ‬الرجال‭؟. ‬نعم‭ ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬تعبيرهم‭ ‬حتى‭ ‬تتحطم‭ ‬تماما،‭ ‬ولن‭ ‬تستطيع‭ ‬أبدا‭ ‬رفع‭ ‬الرأس‭. ‬كانوا‭ ‬يصوروننا‭ ‬بهواتفهم،‭ ‬ويهددون‭ ‬بنشر‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬على‭ ‬اليوتوب‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬تكلم‭ ‬أي‭ ‬أحد‭؟ .‬
كان‭ ‬عماد‭ ‬ينصت‭ ‬إليه‭ ‬بانتباه‭ ؟‬كل‭ ‬يوم‭ ‬كانوا‭ ‬يأخذون‭ ‬عصا‭ ‬مكنسة‭ ‬يثبتون‭ ‬العصا‭ ‬على‭ ‬الحائط،‭ ‬وإذا‭ ‬أردت‭ ‬أن‭ ‬تأكل،‭ ‬عليك‭ ‬أن‭ ‬تنزع‭ ‬سروالك،‭ ‬وتمشي‭ ‬متراجعا‭ ‬على‭ ‬العصا،‭ ‬و‭ ‬لا‭ ‬تنزعها‭ ‬من‭ ‬مؤخرتك‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يرى‭ ‬الجلاد‭ ‬الدم،‭ ‬ينزل‭. ‬لا‭ ‬أحد‭ ‬يفلت‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬العقاب‭؟.‬
حسب‭ ‬أحمد،‭ ‬هذه‭ ‬الوقائع‭ ‬تعود‭ ‬إلى‭ ‬الفترة‭ ‬2012‭؟-‬2016‭ .‬رئيس‭ ‬السجن‭ ‬عيسى‭ ‬عيسى،‭ ‬من‭ ‬عائلة‭ ‬شقلوون،‭ ‬كان‭ ‬يتعطر‭ ‬بماء‭ ‬الورد‭. ؟‬عندما‭ ‬كانت‭ ‬تصلني‭ ‬تلك‭ ‬الرائحة،‭ ‬كنت‭ ‬أعلم‭ ‬أنني‭ ‬سأغتصب‭؟ ‬يضيف‭ ‬أحمد‭. ‬كان‭ ‬عماد‭ ‬يدون‭ ‬الأسماء‭ ‬والتواريخ،‭ ‬يسأل‭ ‬إن‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬أيضا‭ ‬نساء‭ . ‬كان‭ ‬يعاني‭ ‬من‭ ‬الألم‭. ‬كان‭ ‬ذلك‭ ‬واضحا‭ ‬يجيب‭ : ؟ ‬لا،‭ ‬كنا‭ ‬450‭ ‬رجلا،‭ ‬أنا‭ ‬متأكد‭ ‬لأنني‭ ‬كنت‭ ‬في‭ ‬الخدمة‭ ‬بالمطبخ‭ .‬كل‭ ‬يوم‭ ‬كنت‭ ‬أعد‭ ‬الصحون‭ ‬عند‭ ‬الغسل‭؟.‬
أحمد،‭ ‬يصف‭ ‬أساليب‭ ‬عديدة‭ ‬من‭ ‬التعذيب،‭ ‬الواحد‭ ‬منها‭ ‬أكثر‭ ‬سادية‭ ‬من‭ ‬الآخر‭. ‬يتوقف‭ ‬لبرهة‭ ‬كما‭ ‬لو‭ ‬أنه‭ ‬أصيب‭ ‬بدوخة‭: ؟‬كان‭ ‬هناك‭ ‬رجل‭ ‬أسود،‭ ‬رجل‭ ‬مهاجر‭ ‬في‭ ‬الليل‭ ‬يلقونه‭ ‬في‭ ‬إحدى‭ ‬زنازننا‭ ‬وهم‭ ‬يهددونه‭ ‬ستغصب‭ ‬هذا‭ ‬الشخص،‭ ‬وإلا‭ ‬فأنت‭ ‬ميت‭. ‬هناك‭ ‬العشرات‭ ‬ينتظرون‭ ‬مكانك،‭ ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬يغتصب‭ ‬يقتلونه‭ ‬بوحشية‭؟. ‬ساد‭ ‬صمت‭ ‬رهيب‭ ‬في‭ ‬الغرفة‭. ‬تماسك‭ ‬عماد‭ ‬مجددا‭ ‬،وأخذ‭ ‬يتفحص‭ ‬الأوراق‭ ‬التي‭ ‬جلبها‭ ‬معه‭ ‬هذا‭ ‬الشاهد‭ ‬الجديد،‭ ‬ورقة‭ ‬بأخذ‭ ‬عينة‭ ‬الدم‭. ‬صورة‭ ‬أشعة‭ ‬للرئتين‭؟ ؟‬ولكن‭ ‬لم‭ ‬يسبق‭ ‬أن‭ ‬قمت‭ ‬بفحص‭ ‬بسبب‭ ‬الاغتصاب؟‭ ‬يسأل‭ ‬مندهشا‭ ‬يطأطئ‭ ‬الشاهد‭ ‬رأسه‭ ‬مهما‭ ‬كانت‭ ‬معاناته،‭ ‬يرفض‭ ‬أن‭ ‬يخضع‭ ‬جسده‭ ‬الملطخ‭ ‬لعين‭ ‬الطبيب،‭ ‬ربما‭ ‬يفعل‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬يوم‭ ‬من‭ ‬الأيام‭.‬
الاغتصابات‭ ‬الأولى‭ ‬تلك،‭ ‬التي‭ ‬وقعت‭ ‬سنة‭ ‬2011‭ ‬،‭ ‬لم‭ ‬تستثن‭ ‬أحدا‭. ‬ولكن‭ ‬ما‭ ‬يكشف‭ ‬عنه‭ ‬أحمد‭ ‬مذهل‭ ‬ومحير‭: ‬ليبيا‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬القدافي‭ ‬أثمرت‭ ‬حيوانا‭ ‬رهيبا،‭ ‬نظاما‭ ‬أصبح‭ ‬فيه‭ ‬الرجال‭ ‬أهدافا‭ ‬مفضلة‭ ‬للاغتصاب،‭ ‬والمهاجرون‭ ‬أدوات‭ ‬مادية‭ ‬لتنفيذ‭ ‬هذا‭ ‬الانتقام‭.‬

مارس‮ ‬2017
الدكتور حسني‮ ‬لحمر‮ ‬ينتظر أمام مستوصفه بحي‮ ‬كبارية بتونس‮. ‬هذا الاختصاصي‮ ‬التونسي‮ ‬في‮ ‬طب المستعجلات واحد من الأطباء القلائل في‮ ‬البلد الذين قبلوا استقبال رجال ليبيين‭.‬‮ ‬اليوم سيكون دور أحمد أاقنعه الآخرون بضرورة الخضوع للفحص‮.‬
هاهو أمام الطبيب‮. ‬مرعوب من فكرة أن‮ ‬يكون قد أصيب بأمراض رهيبة‮. ‬يراقبه الطبيب ويتصور هشاشته‭.‬‮ ‬خاطبه بكلمات حذرة‮: ‬هل كان هناك عنف؟ نعم‮ ‬يجيب أحمد،‮ ‬ثم‮ ‬ينزع ملابسه ويعرض جسده للفحص دون كلمة‮. ‬وبعد حوالي‮ ‬40‮ ‬دقيقة حرر الدكتور لحمر تقريره‮: «‬رجل‮ ‬45‮ ‬سنة،‮ ‬اغتصاب متعدد بأدوات،‮ ‬شبق روح شرجية‮. ‬يقدم الوصفة إلى الضحية‮: «‬كن أكثر قوة من جلاديك،‮ ‬لا تترك نفسك تتحطم‮. ‬وبالاخص لا‮ ‬يجب ان تحس بالعار،‮ ‬فهذا هو مفتاح العلاج‭.‬‮» ‬الطبيب‮ ‬يعرف جيدا قوة هذه الصدمة‮: «‬الرجل المغتصب،‮ ‬يطبع بحديد ساخن وإلى الأبد‭.‬

أبريل‮ ‬2017
الزيارة عند الطبيب لحمر كانت تحولا حاسما‮. ‬في‮ ‬الأسابيع الموالية،‮ ‬كان عماد‮ ‬يحقق،‮ ‬يوالي‮ ‬اللقاءات والمواعيد‮. ‬لقد أصبح رمضان وعماد‮ ‬يتوفران على شاهد قادر على تأكيد اسم الجلادين واسماء المعتقلين معه‮. ‬عادت‭ ‬سيلين باردي‮ ‬إلى تونس،‮ ‬وفوجئت بالنتائج التي‮ ‬توصلوا إليها‭:‬‮ «‬انتهاكات ممنهجة في‮ ‬مكان محدد،‮ ‬وفي‮ ‬فترات مختلفة‮.. ‬هذه المرة،‮ ‬نحن أقوياء،‮» ‬ليس هذا فقط‮. ‬ذكر عماد اسم شاهد آخر،‮ ‬رجل معتقل في‮ ‬سجن آخر،‮ ‬لكنه‮ ‬يصف نفس أساليب التعذيب‮. ‬التعذيب بواسطة القنينة ذات الكبسولة المسننة التي‮ ‬تجبر السجين على الجلوس عليها قبل ان‮ ‬يسحبها الجلاد منه‮. ‬بجرة واحدة‮. ‬أسلوب العجلة المطاطية،‮ ‬حيث‮ ‬يجبر السجين على دخول العجلة مطويا على اثنين من أجل جلسات تعذيب بواسطة راجمة قذائف من عيارات مختلفة ثم بطبيعة الحال أسلوب عصا الكنيسة المثبتة في‮ ‬الحائط‮.‬
أثناء العودة على متن سيارة الأجرة،‮ ‬تعترف سيلين باردي‮: «‬لم‮ ‬يسبق أن رأيت شيئا كهذا،‮» ‬وقائع دقيقة،‮ ‬حالات متطابقة،‮ ‬معاينة طبية مؤكدة،‮ ‬وعلى الأقل رجل عازم على الإدلاء بشهادته في‮ ‬الملف‮.‬
المحققون‮ ‬يتوفرون على الدليل بوجود نظام‮. ‬مجيئ أحمد‮ ‬غير مجرى أبحاثهم ولمعرفة المزيد،‮ ‬لا خيار آخر‮. ‬لابد من الذهاب الآن إلى ليبيا‮.‬

تحقيق سيسيل أليغرا
عن لوموند بتصرف


بتاريخ : 18/11/2017