في أجواء احتفالية ومهرجان خطابي متميز مقاومو خنيفرة يخلدون الذكرى 104 لمعركة لهري

 

نظرا لتواجد المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، د. مصطفى الكثيري، في مهمة خارج الوطن، وبعدها بالأقاليم الجنوبية، تأخر تخليد ذكرى معركة لهري استثناء هذه السنة، من الثلاثاء 13 نونبر 2018 إلى الاثنين 26 نونبر 2018، وهي الذكرى الرابعة بعد المائة،حيث حضر المندوب السامي فعالياتها، وحل بقرية لهري، رفقة عامل الإقليم، وشخصيات عسكرية وأمنية وقضائية ودينية، وفعاليات جمعوية وثقافية وتربوية وإعلامية، وسلطات محلية ورؤساء مصالح ومنتخبين، وعدد كبير من قدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، وتمت زيارة المعلمة التذكارية المخلدة لهذه المعركة.
وبعد ذلك تمت إقامة مهرجان خطابي بقلب القرية، افتتح بكلمة النيابة الاقليمية لقدماء المقاومين، وبكلمتين لرئيس المجلس القروي للهري، ونائب رئيس المجلس الإقليمي، تم فيها استحضار ما حققته المقاومة الزيانية من ملاحم بطولية بمعركة لهري من أجل الحرية والاستقلال وعدالة القضية، فضلا عن كلمة باسم تلاميذ م/م أدخسال ألقتها تلميذة بطريقة مميزة، تناولت من خلالها ما تنطوي عليه الذكرى من دلالات ينبغي ترسيخها بين الناشئة والأجيال القادمة، وذلك بعد اطلاع الجميع على أرضية ثلاثة مشاريع تم الإعلان عنها في إطار تأصيل الذاكرة التاريخية، وهي إقامة نصبين تذكاريين بمريرت ولهري، ثم فضاء متحفي إيكولوجي بالجماعة الأخيرة.
ومن خلال كلمته، كشف المندوب السامي، د. مصطفى الكثيري، عن عدد من المكتسبات التي تم تحقيقها لفائدة أسرة قدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، ومنها “التعويض الاجمالي” الذي ستتوسع قاعدته ورفع قيمته إلى نحو 1560 درهما، إلى جانب ما يهم مشروع “التشغيل الذاتي” أو “المقاولة الذاتية” لفائدة بنات وأبناء قدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، والذي سجل إحداث2114 مقاولة، على المستوى الوطني،استفاد منها حوالي 7200 فرد من المعنيين بالأمر، في حين وصل عدد التعاونيات إلى 148 تعاونية و139 جمعية، تم الرفع من قيمة دعمها إلى نحو 30 ألف درهم للمشروع، بينما لم يفت المندوب السامي الاشارة إلى الدخول مع وكالة التنمية الاجتماعية في شراكة، إلى جانب المبادرة الوطنية للتنمية البشرية.
وبخصوص حدث ذكرى معركة لهري، انطلق الدكتور مصطفى لكثيري، من مرحلة التدخل الفرنسي، ومواجهتها بشجاعة وبسالة من طرف أبناء قبائل زيان، بقيادة الشهيد موحى وحمو الزياني، وكيف سارع هذا الأخير إلى التنسيق مع قادة المقاومة بالمغرب وتعبئة القبائل لمساندة قبائل الشاوية، وخوضه لمعارك طاحنة على هضاب تافوديت وأكوراي بكروان وزحيليكة وسيدي عبدالسلام، ثم بالقصيبة، إلى جانب رفيقه موحا وسعيد، ولم يفت المندوب السامي التركيز بالتالي على المرحلة التي تمكن فيها المستعمر الفرنسي من بسط سيطرته على مدينة خنيفرة، نظرا لموقعها الاستراتيجي والجغرافي والطبيعي، ولكونها واحدة من المناطق الأساسية التي اتخذها المقاومون مركزا لمواجهة القوات الاستعمارية.
وفي ذات السياق، ذكر المندوب السامي، في مداخلته المفصلة والمبنية على وثائق جديدة، بالإغراءات التي حاول الاستعمار إسقاط موحى وحمو الزياني بها، وواجهها هذا الأخير بالرفض، لتجري عدة مواجهات مع القوات الاستعمارية، ومنها حادثة هجوم على جيش كلوديل بواد إفران، ومعارك بضواحي مولاي بوعزة وأجلموس وعوينات وتزروتموخبو (الحجرة المثقوبة) التي تم فيها قطع الطريق على جيش كروس، قبل أن تتمكن القوات الاستعمارية من احتلال مدينة خنيفرة في 12 يونيو 1914، الأمر الذي حمل موحى وحمو الزياني إلى تغيير استراتيجية مخططاته باللجوء إلى الجبال لتنظيم صفوف المقاومة التي شرعت في تكتيكاتها على شكل “حرب العصابات”، حيث تم التخطيط لمحاصرة المسالك التي تمر منها الامدادات الغذائية عن القوات الاستعمارية.
وبعد تطرقه للدور الديني في تعبئة المقاومين والمجاهدين، على يد أمثال سيدي علي أمهاوش والعلامة عبدالرحمان النتيفي، الذي شارك في مقاومة الشاوية وانتهى به المطاف إلى الاستقرار بزيان، لم يفت المندوب السامي الانتقال بمداخلته إلى مرحلة لجوء موحى وحمو الزياني نحو قرية لهري، وكيف أعدت القوات الاستعمارية مخططها للغارة على القرية بكتيبة تضم ألف وثلاثمائة من الجنود المعززين بالمدفعية، تحت قيادة الكولونيل لافيردور، لتشتعل المنطقة بعد نزوح حشد من المقاومين إليها من عدة قبائل.
ولم يفت المندوب السامي استعراض حجم الهزيمة التي منيت بها القوات الفرنسية، في سقوط أكثر من 580 جنديا فرنسيا، و33 ضابطا، وقائدهم الكولونيل لافيردور، علاوة على 176 جريحا، بينما غنم المقاومون الكثير من المدافع والرشاشات والبنادق والذخائر الحية والخيول، مع التذكير بوثيقة تاريخية للجنرال ليوطي يرى فيها بلاد زيان “منطقة لا تصلح الا كسند لكل العصاة”، وبشهادات اعترف فيها بعض القادة الفرنسيين بالهزيمة الثقيلة التي تكبدتها جيوشهم في معركة لهري، ومنهم “جيوم” الذي كتب قائلا: “لم تمن قواتنا قط في شمال إفريقيا بمثل الهزيمة المفجعة بمعركة لهري”، إذ لم تتوقع هذه القوات أن تتكبد كل تلك الخسائر في الأرواح والعتاد بمعركة لهري، رغم التعزيزات العسكرية الثقيلة.
وذكر المندوب السامي بشخصية موحى وحمو الزياني الذي ظل يواجه المستعمر الأجنبي إلى حين استشهاده، صباح الأحد 27 مارس من عام 1921، بأزلاكنزمورت بجبل توجكالت، ودفن بتملاكت، بعد إلحاقه بالجيوش الفرنسية أقسى الخسائر رغم تفوقها عدة وعتادا، ولم تتوقف المقاومة الزيانية من خلال خوضها لعدة معارك ضارية ضد قوات الاحتلال، بالبقريت مثلا وآيت يعقوب وآيت حديدو وتازيزاوت، قبل سنوات الأربعينات التي عرفت انخراط أبناء المنطقة في الحركة الوطنية، وانتفاضة غشت الشهيرة في أواسط الخمسينيات.
وقد تخللت المهرجان الخطابي مراسم توزيع أوسمة ملكية على ثلاثة أشخاص، ويتعلق الأمر بشهيدين (موحى أمحزون بن احماد والتيجاني بن م. المصطفى) ثم المقاوم شعيب العجوري، إلى جانب تكريم 13 شخصا من أفراد من قدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير المنتمين للإقليم،10 منهم انتقلوا إلى جوار ربهم، ألقيت في حقهم جميعا كلمة مؤثرة، كما سلمت لهم لوحات وشهادات تقديرية، وبعدها تم توزيع إعانات مالية على عدد آخر من قدماء المقاومين، وأرامل المتوفين منهم، وعددها 39 إعانة، بغلاف مالي إجمالي قدره 51000 درهم.


الكاتب : أحمد بـيضي

  

بتاريخ : 29/11/2018

أخبار مرتبطة

20 تنظيما حقوقيا يدعو رئيس الحكومة للاستجابة لمطالب ساكنة فجيج     يواصل سكان فجيج احتجاجاتهم ضد ما يعتبرونه سعيا

شكلت نتائج محطة انتخابات 2021 على مستوى جماعة كرامة بإقليم ميدلت، لحظة مفصلية للقطع مع زمن حضرت فيه الانتكاسات المتعددة

وجد العديد من أبناء مدينة عين بني مطهر بإقليم جرادة نفسهم في حيرة من أمرهم بعد وقف الدعم المالي المباشر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *