في أكبر أزمة منذ الانقلاب الفاشل سنة 1981 : الحكومة الإسبانية تتدخل بقوة لمنع استفتاء كاطالونيا

 

تعيش إسبانيا على وقائع أزمة لم يتم تسجيلها منذ محاولة الانقلاب الفاشلة سنة 1981، وذلك بسبب إصرار انفصاليي كاطالونيا على تنظيم استفتاء يوم فاتح أكتوبر ل» الاستقلال» عن مدريد، مما دفع الحكومة المركزية إلى اتخاذ إجراءات قوية ورادعة «دفاعا عن دستور المملكة» و»حفاظا على وحدة البلاد».
وتشهد البلاد منذ، أول أمس، إنزالا أمنيا قويا حيث تم تعزيز وحدات الحرس المدني وقوات الشرطة بعد أن تلكأت القوات التابعة لحكومة كاطالونيا التي يقودها كارليس بيغديمونت على تنفيذ حكم قضائي ينص على منع تنظيم هذا الاستفتاء، كما تحدث شهود عيان عن تعزيزات عسكرية تحسبا للأسوأ مع اقتراب موعد إجرائه.
وكانت المحكمة الدستورية الإسبانية قد اعتبرت الاستفتاء غير قانوني، كما أمر قاضي بمصادرة جميع الملصقات ووسائل الدعاية وصناديق الاقتراع وتوقيف المخالفين، وهو ما حرك القوة الأمنية،بشكل ملفت، الأربعاء، حيث تمت مصادرة ملايين الوثائق والملصقات وغيرها، وتمت أيضا مداهمة المؤسسات الاقتصادية والمالية والخارجية ومقر العمل والضمان الاجتماعي التي لها علاقة بتنظيم الاستفتاء، واعتقال 14 من كبار المسؤولين في الإقليم على رأسهم نائب رئيس حكومة كاطالونيا، ارويل خونكيراس، وعدد من الوزراء في الحكومة المحلية.
وفي وقت أعلن رئيس حكومة كاطالونيا أن «مدريد تفرض حالة الطوارئ بحكم الأمر الواقع» متهما حكومة ماريانو راخوي بأنها «استبدادية» وبانتهاك «الحقوق الأساسية»، قال رئيس الحكومة ماريانو راخوي، ليلة الأربعاء، في تصريح صحفي مطول تحدث فيه بلهجة قوية، حيث أعلن أن هذا الاستفتاء لن يتم تنظيمه وأن الحكومة الإسبانية ستتصدى لكل محاولة للمس بالدستور ووحدة البلاد، معتبرا أن الإجراءات التي اتخذتها حكومة كاطالونيا غير قانونية، كما أكد أن قادة الحراك الانفصالي «يعرفون أن هذا الاستفتاء لا يمكن أن يجري. هو لم يكن يوما شرعيا ولا قانونيا، واليوم هو أكثر من أي وقت مضى مستحيل».
وكان لافتا للنظر موقف كبريات الصحف الإسبانية ومختلف وسائل الإعلام خلف الحكومة المركزية في هذه المعركة حيث اعتبرت الاستفتاء غير شرعي وحملت مختلف مقالاتها وافتتاحياتها على رئيس حكومة كاطالونيا الذي اعتبرت أنه يغامر بالوحدة الوطنية وواجهت تصريحاته ومواقفه بالحجج والأدلة التي تفندها.
كما كان لافتا عدم تمتع هذا « الحراك» بدعم أوروبي أو دولي، وهو ما عزز أيضا موقف حكومة مدريد والإجراءات غير المسبوقة التي اتخذتها وتنوي اتخاذها مع إصرار قادة الانفصال على المضي قدما في تنظيم الاستفتاء رغم أنه من الناحية اللوجيستيكية أصبح شبه مستحيل.
ويعيش في إقليم كاطالونيا حوالي 7 ملايين ونصف، ويسيطر على برلمان كاطالونيا دعاة الانفصال غير أنهم في الانتخابات الأخيرة حصلوا فقط على 47,6% من الأصوات فيما حصل المعسكر المؤيد للبقاء ضمن اسبانيا على 51,28%.


الكاتب : عزيز الساطوري

  

بتاريخ : 22/09/2017