في الجلسة الشهرية الخاصة برئيس الحكومة ، بعدما أكد عمقها في القضايا الأساسية لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية محمدعلمي ينبه إلى أهمية القضية اللغوية بالمغرب، ويدعو إلى تسريع تفعيل الدستور

رئيس الحكومة يؤكد عرض القوانين التنظيمية الكفيلة على أنظار النواب

 

أكد رئيس الفريق الاشتراكي بمجلس المستشارين خلال الجلسة الشهرية الخاصة برئيس الحكومة، أول أمس الثلاثاء بمجلس المستشارين، أن اختيار الفريق الاشتراكي لمحور السياسة العامة المتعلقة بتنمية اللغات والتعبيرات الثقافية الوطنية، ينم عن إدراكه العميق لأهمية التنوع اللغوي والثقافي في قناعات المغرب التاريخية، كما أن هذا الموضوع يدخل في عمق القضايا الأساسية لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، من منطلق أن قضية اللغة هي قضية المغاربة، مضيفا أن اختيار الفريق لهذا الموضوع ضمن محورين تقدمت بهما فرق المعارضة والأغلبية بمجلس المستشارين، نابع أيضا من الدور المركزي الذي تلعبه المسألة اللغوية في تثبيت أسس دولة الحق والقانون التي تضمن للمواطنين الحقوق الثقافية والسياسية والتعددية اللغوية، مما سيعطي بعدا حقيقيا لمشروع الجهوية الذي نهجته بلادنا.
وأكد رئيس الفريق الاشتراكي ضمن التعقيب الذي تقدم به بعد جواب الحكومة عن تساؤلات الفريق حول السياسة العامة المتعلقة بتنمية اللغات والتعبيرات الثقافية الوطنية، أن ماتحقق اليوم لم يأت بمحض الصدفة بل بفضل نضالات القوى الحية، سواء السياسية أوالمدنية، من أجل إعطاء الهُوية المغربية بعدها الحقيقي المعبر عن كل التلاقحات التي كرست عبر التاريخ، والتي ضمت في ثناياها البعد الأمازيغي والإفريقي و العربي والمتوسطي، حتى أضحت الأمور واضحة بعد إقرار دستور 2011.
وانتقد علمي تعامل الحكومة مع المنظومة اللغوية ببلادنا، مؤكدا أنها ليست بخير، قائلا لرئيس الحكومة: «إن واقع الحال يقول إننا نعيش اليوم فوضى لغوية لأن الحكومة لم تستطع لحد الساعة ولحد وقته أن تفعل المادة الخامسة من الدستور، ولأننا لم نفعل القرار الدستوري بخصوص المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية، كما أن ورش تفعيل الأمازيغية لايزال متعثرا، واللغة العربية باعتبارها لغة رسمية ببلادنا تحتاج طريقة تدريسها إلى تطوير من أجل تمكين المغاربة من قواعدها…».
وطالب رئيس الفريق محمد علمي الحكومة بإعادة النظر في تدريس اللغة العربية باعتبارها لغة رسمية بجانب اللغة الأمازيغية، وباعتبارها أيضا ضمن اللغات الخمس المرتبة عالميا، كما يجب مضاعفة الجهود في النهوض بالثقافة الحسانية وأيضا تطوير الكيفيات للتلميذات والتلاميذ والطلبة في المغرب العميق، وقال علمي إن الحكومة مطالبة بأن تضع نصب أعينها سياسة لغوية تكون فاعلا في سياسات التنمية . وذكر رئيس الفريق في هذا الصدد بقرار حكومة التناوب عقب الخطاب التاريخي لجلالة الملك محمد السادس باجدير سنة 2001 ، في إدماج اللغة الأمازيغية بالمدرسة العمومية، الشيء الذي فعلته حكومة إدريس جطو في إطار الاستمرارية، وانطلقت العملية مع وزارة التربية الوطنية سنة 2003، ولكن اليوم وبعد مضي 15سنة يتبين أن المنجزات لم ترق إلى مستوى التطلعات بسبب غياب النصوص التنظيمية الكفيلة بالتفعيل.
وأكد علمي أن تفعيل اللغة الأمازيغية يعتبر مسألة وطنية تتطلب التوسيع ومساعدة جميع المؤسسات المعنية التي تستأثر مباشرة بالعلاقة مع هذه القضية، كما ينبغي – يضيف رئيس الفريق الاشتراكي – على الحكومة أيضا أن تتصدى لبعض العقليات التي تفرمل إقرار الأمازيغية.
وقالت أرضية نقاش الفريق الاشتراكي حول الموضوع إن توفير سبل نجاح تمكين اللغة الأمازيغية كلغة رسمية وإدماجها ضمن المنظومة اللغوية والثقافية بشكل متناغم، ينص عليه الدستور في الفصل الخامس منه، في إحداث المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية، الذي تسند له مهمة العمل على حماية وتنمية اللغات العربية والأمازيغية، ومختلف التعبيرات الثقافية المغربية، تراثا أصيلا وإبداعا معاصرا. وأن الاعتراف باللغة الأمازيغية لغة رسمية بقدر ما يعتبر إنجازا مهما لجميع المغاربة، فهو يطرح تحديا قائما لنا جميعا على مستوى التنزيل.
وهو ما استحضره الدستور عندما نص في الفقرة الثانية من الفصل الخامس على أنه «يحدد قانون تنظيمي مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، وكيفيات إدماجها في مجال التعليم، وفي مجالات الحياة العامة ذات الأولوية، وذلك لكي تتمكن من القيام مستقبلا بوظيفتها، بصفتها لغة رسمية».
وفي جوابه أكد رئيس الحكومة، أنه وتفاعلا مع هذه المقتضيات الدستورية، فقد أعدت الحكومة مشروعي قانونين تنظيميين، الأول يتعلق بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وكيفيات إدماجها في مجال التعليم وفي مجالات الحياة العامة ذات الأولوية، والثاني يتعلق بالمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية. مذكرا ببعض الخطوط العريضة لمشروعي هذين القانونين التنظيميين المعروضين حاليا على المؤسسة التشريعية.
وأضاف العثماني أنه تنفيذا لتعهداتها في ما يخص تنمية اللغات والتعبيرات الثقافية الوطنية، فقد حرصت الحكومة على اتخاذ جملة من التدابير الإجرائية على مختلف المستويات، الأولى متعلقة بتنمية اللغات والثقافة المغربية في ضوء الاستراتيجية المعتمدة في تدريس اللغات انسجاما مع الرؤية الاستراتيجية لإصلاح المنظومة الوطنية للتربية والتكوين «2015-2030».
وقال رئيس الحكومة إنه وبالموازاة مع إعداد مشروعي القانونيين التنظيمين المتعلقين بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، والمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية، فقد تم التفكير في إطلاق بعض التدابير الإجرائية لتنزيل الطابع الرسمي للأمازيغية، حيث تم في هذا الإطار إصدار منشور رئيس الحكومة رقم 05/2017 بتاريخ 08 يونيو 2017 بشأن تدريس اللغة الأمازيغية في بعض المؤسسات والمعاهد العليا للعمل على وضع برامج تكوينية في اللغة الأمازيغية بهذه المؤسسات بغية تأهيل الذين يتابعون تكوينهم بتلك المؤسسات في مجال اللغة الأمازيغية، وذلك بتنسيق وثيق مع المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية.
وتفعيلا لمضامين هذا المنشور، فقد تم إطلاق عملية تدريس اللغة الأمازيغية في عدد من المؤسسات والمعاهد العليا، كما تم الشروع في تدريس الأمازيغية، خلال الأسدس الأول من السنة الجامعية 2017/2018 لطلبة السنة الأولى من الإجازة الأساسية في الإعلام والاتصال بغلاف زمني يقدر ب58 ساعة، بمعدل ساعتين في الأسبوع، موزعة على 29 حصة.
ويتم العمل حاليا على اتخاذ تدابير مستعجلة من أجل ضمان تدريس الأمازيغية، ابتداء من الموسم المقبل بشراكة مع المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، حيث تم تشكيل لجنة ثنائية لإعداد برنامج يتضمن الحصص التكوينية حسب المستويات، وكذا المستلزمات المنهجية والبيداغوجية.
كما ذكر رئيس الحكومة بتعزيز موقع اللغة الأمازيغية في بعض المعاهد المسرحية ومجالات الإعلام السمعي البصري.
وفي إطار تنمية وتشجيع الإبداع المغربي بلغتيه الوطنيتين، أكد العثماني أن الحكومة عملت على تعديل المرسوم الخاص بجائزة المغرب للكتاب (مرسوم رقم 2.18.90 صادر في 25 من جمادى الآخرة 1439 ( 14 مارس 2018 ) بتغيير وتتميم المرسوم رقم 2.05.830 الصادر في 26 من رمضان 1427 ( 19 أكتوبر 2006 ) بإحداث جائزة المغرب للكتاب)، بهدف الرفع من عدد الأصناف التي تمنح لها جائزة المغرب للكتاب من ستة (6) إلى (9) أصناف، وذلك بإضافة ثلاثة أصناف جديدة، من ضمنها 1) جائزة تشجيعية مخصصة للإبداع الأدبي الأمازيغي، و2) جائزة تشجيعية للدراسات في مجال الثقافة الأمازيغية، وستهم جائزة المغرب التشجيعية للإبداع الأدبي الأمازيغي مجال الشعر والرواية والمسرح والقصص المكتوبة بحرف «تيفيناغ»، فيما ستخصص جائزة المغرب التشجيعية في الدراسات في مجال الثقافة الأمازيغية للأعمال التي تتناول الجوانب الثقافية لهذه اللغة الوطنية.
وأضاف رئيس الحكومة أن الثقافة الحسانية تقع في صلب مختلف الاستراتيجيات ومخططات عمل قطاع الثقافة باعتبارها مكونا أساسيا من مكونات الهوية المغربية الموحدة، وذلك من خلال العرض الثقافي في شقيه الفني والتراثي.


الكاتب :  من الغرفة الثانية: بديعة الراضي

  

بتاريخ : 21/06/2018