قصيدتان

1 – يَصْطَادُ ظِلَّهُ بِشِبَاكِ الْحُدُوسْ

فِي الجِهَاتِ
ذَاتِ الثَّلْجِ الْأَزْرَقْ
نَصَبَ صَبْوَةً
تُشْبِهُ شِبَاكَ الْحُدُوسْ،
ذَاكِرَتُه مُدُنٌ
صَحْوَتُهُ سُفُنٌ
فِي أَمْوَاجِ الْوَقْتِ
تَجْرِي
كَمَا الْأُسْطُورَهْ،
نُقْطَةً كَانَ
فِي مُبْتَدَإِ الذَّاتْ
يَشْرَبُ مِنْ يَنْبُوعِ الدَّهْشَةِ
مَا يَعْرِفُ بِهِ سَمَاوَاتٍ
غَيْرَ الَّتِي الْتَصَقَتْ بِرُوحِهْ.

**

هُوَ شَهْقَةُ يَدٍ
نَزَلَتْ لِوَاذاً
فِي وَرَقَةِ ضَوْءٍ
مِنْ شَجَرَة الْمَعْنَى،
يَعْلَمُ أَنَّ بَرْقَ ذَاتِهِ
وَطَنٌ
يَسْقِي الْعَصَافِيرَ
حَلِيبَ الْأُمْنِيَاتْ
كُلَّمَا فِي الْبَدَاهَةِ انْطَلَقَتْ،
تَقُولُهُ شِفَاهُ الرِّيحِ
وَلَا يَقُولُهُ وَقْتُهْ،
فِيهِ مِنَ الظِّلِّ
صَوْتُهْ
وِمَنَ الُكُهُوفِ
مَزَامِيرُهَا،
غَنَمُ الْآتَي
تَرْعَى عُشْبَ خُطَاهْ
وَكَأَنَّهَا تَرْعَى الْأَبَدَ كُلَّهْ.
لَا يَتَذَكَّرُ مِنَ الْوُجُودِ
غَيْرَ شَفِةِالْمَاءِ
تَشْرَبُ مِنْ تَأَمُّلَاتِهْ،
غَادَرَتْهُ الْفُصولْ
غَادَرَهُ الزَّمَانْ
حِينَ أَلْقَى أَيَائِلَ رَغَبَاتِه
فِي  شهوة الصَّحْرَاءْ
كَبُوذِيٍّ
أَكَلَتْهُ تَعَاوِيذُهْ،
مِنْهُ يَنْبُعُ الْأَمَلْ
وِمِنْهُ تُشْرِقُ الْأَنَاشِيدُ
أَنَاشِيدُ الْبَحَّارَةِ
الذَّاهِبِينَ طُيُوراً
فِي الْفْجْرِ الِاسْتِوَائِي،
كَجُرْحٍ قَرَوِي
تَتَأَرْجَحُ أَصْوَاتُهُ
عَلَى حِبَالِ السُّكُونْ
مِثْلَ وَرْطَةٍ خَضْرَاءْ .
* *
أَمَامَهُ
تَنْهَضُ امْرَأَةُ الْمُسْتَحِيلِ،
يَرَى فِي سُرّتها شَجَرَةً
نَسِيَتْهَا الْأَرْضُ
فَتَجَوَّلَّتْ بِأَحْلَامِهَا
فِي أَبْوَابِ الْمَاءْ،
يُرْسِلُ إِلَيْهَا قُبْلَةً
يَخْتَفِي مِنْ ذَاتِهْ
فَتَنَامُ فِي خَيَالِهِ الصَّيْرُورَهْ.

2 – مَوْجَةٌ رَقْطَاءْ

مَوْجَةٌ رَقْطَاءُ
غَمَرَتِ الرُّوحْ
حِينَ كَانَتْ تَسْرَحُ فِي الْأَكَمَاتِ
تَحْتَ نَشِيشِ الرُّؤَى،
لَمْ تُبَالِ بِدَوْرَةِ الطَّبِيعَةْ
كَانَتْ وَحِيدَةً
يُؤَانِسُهَا شَتَاتُ الْإِرَادَةِ
وَشِيَاهٌ تَعْلُكُ الْعَدَمْ.
مَوْجَةٌ رَقْطَاءُ
تَكْتُبُ فِي أعْماقِي
صَفَاءَ الْوَحْشَةِ
بِأَصَابِعِ الْمَسَاءْ
تَمْنَحُنِي عُمُراً مُحَصَّناً  بِمَوْتٍ بَطِيءْ
أَرَاهُ
وَلاَ أَرَى جَسَدَهُ الَّذِي يُطَرِّزُ هَاوِيَةَ فَرَاغِي
فِي وُجُودٍ
ضَرَبَهُ زِلْزَالُ الْكَرَاهِيَهْ.
مَوْجَةٌ رَقطَاءُ
تَذْهَبُ بِي إِلَى صَحْوٍ
يَبْتَكِرُهُ صَيَّادُونَ مُقْبِلُونَ مِنْ أَزْمِنَةٍ فَلَكِيَّةٍ
يَبْحَثُونَ عَنِ السِّرِّ الْأكْثَرِ رَهْبَةً
مِنْ شَهَوَاتِ الْأَرْضْ،
وَعَنِ الْأَشْيَاءِ الَّتِي
يَفْتَرِسُ ظِلُّهَا الْإِنْسَانْ.
* شاعر وناقد من المغرب


الكاتب : أحمد  بلحاج آية وارهام

  

بتاريخ : 12/04/2019