قمة ثلاثية تركياو ايران وروسيا حول سوريا بدون موعد و«الخطوط الحمراء» لماكرون وترامب موضع اختبار

اعلنت تركيا انها ستستضيف قمة ثلاثية مع ايران وروسيا مخصصة لبحث الوضع في سوريا حيث يؤثر تصاعد العنف سلبا على جهود السلام، لكن بدون تحديد موعد للقمة.
تقرر ذلك اثناء مباحثات هاتفية الخميس الماضي بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب اردوغان، بحسب تاكيد مسؤولين في الرئاسة التركية.
ولم يتم تحديد موعد لهذه القمة وقال مسؤول تركي كبير انه سيتم اعلان تاريخها “في وقت لاحق”.
وبدت موسكو اقل تأكيدا بشأن تنظيم مثل هذه القمة. وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف لوكالة “ريا نوفوتسي” الروسية “تم التطرق للقاء بين الرؤساء الثلاثة. لم يتم تحديد أي موعد لها”.
وتطرق اردوغان ايضا الى موضوع هذه القمة خلال اتصال هاتفي مع نظيره الايراني حسن روحاني، وفق مصادر الرئاسة التركية.
واضافت المصادر ان موعد هذه القمة سيحدد “في الاسابيع المقبلة”.
ويأتي اعلان تركيا لقمة ثلاثية ثانية في وقت تشهد سوريا منذ اسابيع تصعيدا في العنف الميداني في النزاع القائم منذ 2011 واوقع اكثر من 340 الف قتيل.
وشن الجيش السوري هجوما جديدا على الفصائل المعارضة في محافظة ادلب (شمال غرب سوريا) وكثف هذا الاسبوع قصفه للمعارضة المسلحة في الغوطة الشرقية قرب العاصمة دمشق.
وبالتوازي مع ذلك تستمر عملية الجيش التركي في منطقة عفرين شمال غرب سوريا بداعي مطاردة مسلحي “وحدات حماية الشعب” الكردية السورية. وفتحت بذلك جبهة جديدة في نزاع معقد اصلا.
ويرى عدد من المحللين ان التدخل العسكري التركي ما كان ليتم بدون موافقة روسيا التي تسيطر على المجال الجوي في تلك الناحية من سوريا.
بيد ان اسقاط طائرة روسية في محافظ ادلب الاسبوع الماضي والذي تبناه مسلحون جهاديون، زاد من تعقيد الوضع على ما يبدو.
واشادت موسكو بدور انقرة في استعادة جثة الطيار الروسي غير ان الجيش التركي لم يعلن شن اي غارات جوية في عفرين منذ عدة ايام.
ورأى محللون في ذلك ارادة روسية بـ “التوقف” عن شن غارات.
وراى المحلل العسكري التركي متين غورجان في تغريدة ان “روسيا تتحكم في الايقاع العملاني (للهجوم التركي) من خلال فتح واغلاق المجال الجوي”.
ومع ان كل منهما يدعم معسكرا في النزاع السوري، فان روسيا وتركيا عززتا في الاشهر الاخيرة تعاونهما بشأن الملف السوري في اطار تحسن علاقاتهما بعد ازمة دبلوماسية خطيرة نهاية 2015.
ورعى البلدان، مع ايران، مباحثات استانا التي ادت الى ارساء عدة “مناطق خفض تصعيد” في سوريا بغرض المساهمة في وقف المعارك.
وأفاد المصدر في الرئاسة التركية أن أردوغان وبوتين اتفقا خلال مباحثاتهما الخميس على “تسريع” اقامة مواقع مراقبة جديدة في محافظة ادلب في اطار احدى مناطق “خفض التوتر”.
كما تطرق الرئيسان الى الوضع الانساني في الغوطة الشرقية التي تحاصرها قوات النظام منذ 2013، وحيث قتل اكثر من 170 مدنيا هذا الأسبوع في قصف جوي.
من جانب آخر وصف اردوغان في خطاب مجددا الرئيس السوري ب “القاتل” مستبعدا اي مباحثات مع بشار الاسد.

“الخطوط الحمراء” لماكرون

وضع الرئيسان الاميركي دونالد ترامب والفرنسي ايمانويل ماكرون “خطوطا حمراء” في ما يتعلق باستخدام الاسلحة الكيميائية في سوريا، لكن جدية هذه “الخطوط الحمراء” اصبحت موضع اختبار الآن في النزاع الذي دخل عامه الثامن.
واعلنت فرنسا على لسان وزير خارجيتها جان ايف لودريان أن “كل الدلائل” تشير إلى استخدام النظام السوري الكلور ضد قوات المعارضة.
وقالت السفيرة الاميركية لدى الامم المتحدة نيكي هايلي الاثنين خلال اجتماع لمجلس الامن حول استخدام الاسلحة الكيميائية في سوريا “هناك ادلة واضحة من عشرات الضحايا” تؤكد استخدام الكلور في الهجمات على الغوطة الشرقية في ريف دمشق ومحافظة إدلب.
ورغم ذلك، لم ي عاقب النظام السوري عسكريا على هجماته الأخيرة المشتبه باستخدامه الكلور فيها في يناير و فبراير.
ويقول محللون إن النظام السوري قد يكون يختبر المسار الذي ستتخذه الأمور إذا ما استخدم هذا النوع من الأسلحة.
وقال ديفيد اديسنيك مدير الابحاث في مؤسسة الدفاع عن الديموقراطيات إن “الهجمات جزء من جهد قائم لاختبار ما اذا كان الرئيس ترامب سيلتزم بالخط الأحمر الذي حدده العام الفائت”.
وكان الرئيس الاميركي السابق باراك أوباما أول من رسم خطا أحمر في 2012، حين حذر الرئيس السوري بشار الأسد من أن استخدام أو التحرك لاستخدام أسلحة كيميائية سيضطر الولايات المتحدة للجوء الى ضربات عسكرية انتقامية.
ولكن بعد هجوم بغاز السارين في العام التالي قتل فيه نحو 1500 مدني في ريف دمشق، بحسب تعداد الاستخبارات الاميركية، تنازل اوباما عن اللجوء الى الضربات الانتقامية وعوضا عن ذلك توصل لاتفاق مع روسيا لتفكيك ترسانة الأسلحة الكيميائية السورية.
وبعد شهر واحد من انتخابه رئيسا لفرنسا، حدد ماكرون “خطا أحمر واضحا جدا” في ما يتعلق بهذه القضية، متعهدا بـ”انتقام ورد فوري من فرنسا” إذا تم استخدام أسلحة كيميائية من قبل النظام السوري.
واتفقت باريس وواشنطن على استعدادهما للرد بشكل منسق على أي هجوم كيميائي يشنه نظام الأسد.
وقال برونو تيرتراي مساعد مدير مؤسسة البحوث الاستراتيجية في باريس إن “الخط الأحمر الذي وضعه ماكرون تم تجاوزه تماما”.
وتابع “حين حدد (ماكرون) خطه الأحمر، من المحتمل أن يكون قد فكر في هجوم كبير مثل الهجمات الفتاكة في الغوطة او خان شيخون، التي نفذها عملاء باستخدام السارين”.
وعوضا عن ذلك، اطلقت فرنسا في يناير “الشراكة ضد الحصانة” وهي مبادرة وافقت عليها نحو 20 دولة لضمان تقديم مرتكبي الهجمات الكيميائية في سوريا الى العدالة، معلنة أنها ستضع على لائحة سوداء الشركات والافراد الذين يشتبه بارتباطهم بالبرنامج السوري للسلاح الكيميائي.
أما واشنطن فاعلنت “كما قال الرئيس ترامب في ابريل الفائت، هو مستعد للنظر في جميع الخيارات” المتاحة، رافضة “التكهنات” حول ردود الفعل المحتملة.
ومثل فرنسا، تركز الولايات المتحدة جهدها على المسار السياسي فيما تطالب روسيا بردع حليفها الأسد من استخدام السلاح الكيميائي.
وقال تيرتراي “إذا كنت تعتقد أن العمل العسكري ستكون له عواقب مدمرة في البحث عن حل سياسي، فيمكن أن يكون من المشروع عدم القيام برد فعل”.
ويقول فرنسوا هايسبورغ رئيس المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن إن “الاميركيين لا يعدون الكلور سلاحا كيميائيا حقا. لذا يتجنبون اي رد فعل”.
وحذر من ان يكون ماكرون “قد جازف” بتحديده خطا أحمر.
وتابع “إذا قلنا وكررنا أن هناك هجمات كيميائية، فاننا نلزم انفسنا برد فعل”.
قالت وزيرة الدفاع الفرنسية فلورنس بارلي اليوم الجمعة إن بلادها تريد إنهاء الضربات الجوية في سوريا ودعت لفتح ممرات إنسانية في أسرع وقت ممكن.
وأضافت قائلة لراديو فرانس إنترناسيونال “نحن قلقون جدا ونرقب الوضع على الأرض عن كثب. يجب وقف الضربات الجوية”. لكنها لم تسهب في التفاصيل.
وتابعت “المدنيون هم الأهداف في إدلب وفي شرقي دمشق. هذا القتال غير مقبول إطلاقا”.
وأدت الحرب السورية التي تدخل الآن عامها الثامن إلى مقتل مئات الآلاف ونزوح أكثر من 11 مليونا عن ديارهم. وتدعم دول من المنطقة وقوى عالمية فصائل مختلفة في الصراع.
وقال التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة أمس الخميس إنه وفصائل حليفة له في سوريا استهدفوا قوات مؤيدة للحكومة السورية بضربات جوية وقصف مدفعي للتصدي لهجوم “غير مبرر” قرب نهر الفرات.
ويسلط هذا الضوء على احتمال اشتعال الصراع في شرق سوريا الغني بالنفط حيث تسيطر قوات سوريا الديمقراطية، وهي تحالف من فصائل كردية وعربية، على مساحات كبيرة من الأرض.

نقاط رئيسية حول الهجمات الكيميائية المحتملة

طغت الاتهامات حول تنفيذ قوات النظام هجمات كيميائية مؤخرا خصوصا في الغوطة الشرقية المحاصرة قرب دمشق، على التصعيد المستمر في الأعمال القتالية على جبهات عدة في البلاد.
وأثارت تقارير حول حالات اختناق وعوارض ضيق تنفس في الغوطة الشرقية وفي محافظة ادلب (شمال غرب) قلقا دوليا ، ووصل الأمر بالولايات المتحدة الى التهديد بتنفيذ عمل عسكري ضد دمشق.
ومنذ بدء النزاع السوري في مارس 2011، ات همت قوات النظام مرات عدة بتنفيذ هجمات كيميائية، أبرزها في اغسطس 2013 ما أسفر عن مقتل المئات من المدنيين في الغوطة الشرقية قرب دمشق.
وتنفي دمشق تنفيذ أي هجمات بالغازات السامة، وتؤكد أنها دم رت ترسانتها الكيميائية في العام 2013 اثر اتفاق روسي – أميركي بعد الهجوم قرب العاصمة. ووقعت دمشق في ذلك الوقت على اتفاقية حظر استخدام الأسلحة الكيميائية.
واستخدم تنظيم الدولة الإسلامية بدوره غازي الكلور والخردل مرات عدة، بحسب تقرير للامم المتحدة.
وكانت هذه الحصيلة الأعلى جراء هجوم كيميائي منذ استهداف الغوطة الشرقية بغاز السارين. وقتل حينها، وفق واشنطن، 1429 شخصا بينهم أطفال.
– في تقرير أصدرته في العام 2017، أفادت منظمة هيومن رايتس ووتش أن قوات النظام زادت استخدامها للمروحيات التي ترمي ذخائر معبئة بالكلور مع استمرار النزاع في البلاد.
– تستخدم قوات النظام أو المجموعات الموالية لها صواريخ أرض – أرض محلية الصنع، مزودة بأسطوانات قال شهود عيان ومصادر طبية إنها تحتوي على غاز الكلور. والتقط مراسلو فرانس برس صورا لبعض منها في الغوطة الشرقية.
وغالبا ما تكون هذه الصواريخ صواريخ ايرانية من عيار 107 ملم، يتم تعديلها بإضافة رؤوس حربية كبيرة تزيد من قوة نيرانها لكنها تحد من مداها، وفق موقع “بيليغ كات” الاستقصائي.
تحدثت الولايات المتحدة الأميركية عن الاشتباه بست هجمات كيميائية في سوريا خلال الشهر الماضي وحده. ومن أبرزها:
– في 13 يناير، أسفر هجوم يشتبه بأنه كيميائي بغاز الكلور عبر قصف صاروخي على منطقة بين مدينتي دوما وحرستا في الغوطة الشرقية، عن ظهور عوارض ضيق تنفس واختناق لدى سبعة مصابين تم اسعافهم، وفق ما أفادت مصادر طبية ومنظمات حقوقية.
– في 22 يناير: أصيب 21 مدنيا بينهم أطفال بعوارض اختناق وضيق تنفس بعد قصف لقوات النظام على مدينة دوما المحاصرة شرق دمشق، ورجحت مصادر طبية والمرصد السوري لحقوق الانسان أن يكون ذلك ناجما عن غازات سامة احتوتها الصواريخ.

الولايات المتحدة:

اتهمت الولايات المتحدة خلال الفترة الأخيرة قوات النظام السوري مرارا بتنفيذ هجمات كيميائية عدة بغاز الكلور أو السارين.
وقال وزير الدفاع الاميركي جيم ماتيس في الثاني من فبراير انه “تم استخدام” الكلور “مرات عدة” في هجمات في سوريا، “لكن أشد ما يثير قلقنا هو احتمال أن يكون غاز السارين استخدم” أيضا .
ووصل الأمر بأن حذر مسؤول أميركي في وقت سابق أن واشنطن لا تستبعد شن ضربات عسكرية في سوريا نتيجة تلك الاتهامات.
فرنسا:

أطلقت فرنسا بعد الهجوم في 22 يناير مبادرة لمنع مستخدمي السلاح الكيميائي من الافلات من العقاب، وذلك بعد استخدام روسيا مرتين لحق الفيتو لمنع مواصلة تحقيقات دولية لكشف هوية مستخدمي هذا النوع من السلاح في سوريا.
وجمدت فرنسا بعد ذلك اصول 25 هيئة ومسؤولي شركات من سوريا وايضا من لبنان وفرنسا والصين يشتبه في “مساهمتهم في برنامج الاسلحة الكيميائية السوري على صعيد التخطيط والتنفيذ”.
وبرغم ذلك، بقيت فرنسا حذرة في مقاربتها للأمور. وقال وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان الاربعاء لشبكة “بي اف ام تي في” واذاعة “مونتي كارلو” ان “كل الدلائل تشير اليوم الى استخدام النظام للكلور في الوقت الحاضر في سوريا”.
وتابع “اتحدث بحذر لانه طالما ان الامر لم يوثق بالكامل، يجب التزام الحذر”.
منظمة حظر الأسلحة:

أعلنت منظمة حظر الاسلحة الكيميائية الاربعاء في بيان أن بعثة تقصي حقائق تابعة لها مكلفة “توضيح الوقائع المحيطة بمزاعم عن استخدام مواد كيميائية سامة، تحقق في كل الادعاءات التي تتوافر فيها عناصر موثوقة”، معبرة عن “قلق عميق” حول هذه التقارير الجديدة.

روسيا

ووقفت روسيا إلى جانب الحكومة السورية، ودانت ما وصفته بـ”حملة لاتهام الحكومة السورية” بهجمات “لم تعرف الجهة التي تقف وراءها”. كما عرقلت اصدار مجلس الأمن لادانة قدمت واشنطن مسودتها قبل يومين.


بتاريخ : 12/02/2018