متى يغلق ملف انسحاب بريطانيا من “الاتحاد الأوروبي”؟

 
نشرت صحيفة «جورنال دو ديمونش» الفرنسية تقريرا سلطت فيه الضوء على السيناريوهات المتوقعة في ملف انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، والتواريخ التي قد تُوافق هذا الحدث.
وقالت الصحيفة إنه في فترة لم تتجاوز أياما قليلة، فقد رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون أغلبيته في البرلمان وطرد 21 نائبا متمردا وفشل في فرض انتخابات مبكرة، كما اضطر إلى قبول نصّ يطالب بتأجيل انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وهكذا، أعادت هذه الأزمة السياسية توزيع أوراق انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي والتواريخ الممكنة للقيام بذلك.
تلقّى بوريس جونسون صفعة جديدة. فقد شهد رئيس الوزراء البريطاني على استقالة شقيقه جو من الحكومة صباح الخميس. قبل ذلك، عانى عمدة لندن السابق من محنة في البرلمان طيلة يومين، ذلك أنه فقد أغلبيته في بث مباشر على شاشات التلفزيون، وفُرض عليه قانون يطالب بتأجيل انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وطرد 21 نائبا متمردا من حزبه، وفشل في إجراء انتخابات جديدة كما كان يأمل.
وأضافت الصحيفة أنه إجمالا، تعرض بوريس جونسون لثلاث انتكاسات في البرلمان البريطاني. ويضم الجدول الزمني للفترة المقبلة تصويت مجلس اللوردات، يوم الجمعة، على تأجيل انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ومحاولة التصويت مجددا، الإثنين، على اقتراح يُفضي إلى تنظيم انتخابات. وفي مواجهة الفوضى السياسية في بريطانيا، من المنطقي طرح سؤالين: هل ستنسحب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي فعلا؟ وإذا كان الأمر كذلك، فمتى سيحدث هذا الأمر؟
وبينت الصحيفة أن انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي قبل تاريخ 31 أكتوبر أمر غير محتمل. وسيتطلب هذا الأمر من جونسون جعل البرلمان يقبل الانسحاب من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق، الأمر الذي يعد مستبعدا إلى حد كبير؛ أو التوصل إلى اتفاق بشأن نصّ مع الاتحاد الأوروبي. وسيتعين على البرلمان، الذي رفض في ثلاث مناسبات ماضية الاتفاق الذي اقترحته تيريزا ماي، التصديق على هذا النص.
واعتبرت الصحيفة الانسحاب يوم 31 أكتوبر ممكنا من الناحية النظرية. في هذا السياق، يتعين على بوريس جونسون أن يكون قادرًا على تنظيم انتخابات مبكرة يوم 15 أكتوبر، والفوز بها على نطاق واسع من أجل الوصول إلى المجلس الأوروبي يومي 17 و18 أكتوبر في موقع قوة. حينئذ، يمكنه التفاوض على اتفاق أو فرض عملية الانسحاب دون اتفاق. حينها، سيكون تصديق البرلمان على ذلك ضروريا.
وبهدف تنظيم هذه الانتخابات، يحتاج جونسون الإثنين إلى دعم نواب حزب العمال، الذين قد لا يقدمون له ذلك ويفضلون التصويت بسحب الثقة. في هذه الحالة، ستُجرى انتخابات، ولكن بحلول يوم 29 أكتوبر. حينها سيكون الأوان قد فات من أجل فرض انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في الحادي والثلاثين من الشهر ذاته.
وبينت الصحيفة أنه من المرجح أن يكون انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي يوم 30 يناير 2020. ويمنح القانون الذي صوّت لصالحه مجلس العموم يوم الأربعاء واللوردات يوم الجمعة رئيس الوزراء مهلة حتى 19 أكتوبر لإيجاد حل، وإلا سيتعين عليه مطالبة الاتحاد الأوروبي بتأجيل انسحاب بريطانيا حتى تاريخ 30 يناير أو 30 ماي 2020. ويجب على الأعضاء السبعة والعشرين الموافقة عليه بالإجماع.
علاوة على ذلك، يظل سيناريو عدم الانسحاب ممكنا، إذا أُجري استفتاء ثان وكانت الأصوات لصالح البقاء في الاتحاد. وقد أثيرت هذه الفكرة في حزب العمال. وقد أوضحت استطلاعات الرأي، يوم 31 غشت، تقدم الشق الموالي للبقاء في الاتحاد قليلاً، بنسبة 51 بالمئة.
وفي الختام، أوردت الصحيفة أن يوم 31 تشرين الأول/ أكتوبر سيكون تاريخا حاسما بالنسبة لبوريس جونسون. وكرّر يوم الخميس، في كلمة ألقاها في ويكفيلد في شمال إنجلترا، أنه «يتعين علينا مغادرة الاتحاد الأوروبي في 31 أكتوبر». كما أضاف رئيس الوزراء أنه يفضل أن يكون «ميتًا في خندق» بدلاً من «تأخير انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي «.
«اللوردات» يتبنى قانون تأجيل بريكست

تبنى مجلس اللوردات البريطاني بشكل نهائي، الجمعة، مشروع قانون يهدف إلى منع خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي بدون اتفاق، في صفعة جديدة لرئيس الوزراء بوريس جونسون المعارض للقانون.
ويدخل هذا القانون الذي يفرض على جونسون أن يطلب من الاتحاد الأوروبي تأجيل بريكست المقرر في 31 أكتوبر لثلاثة أشهر، حيز التنفيذ الاثنين حال المصادقة عليه من الملكة اليزابيث الثانية.
وسط هذه المعمعة، يسعى جونسون لتنظيم انتخابات عامة مبكرة قد تمنحه التفويض الذي يحتاج إليه لإخراج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي باتفاق أو بدونه في 31 أكتوبر.
وأقال رئيس الوزراء 21 نائبا متمرداً من الحزب المحافظ صوتوا لصالح مشروع قانون إرجاء بريكست في مجلس العموم الثلاثاء.
وتركه هذا القرار بدون غالبية مؤثرة في المجلس.
من جهته، يخطط حزب العمال المعارض مع مجموعات أصغر لاستراتيجية لن تترك بديلاً لجونسون سوى الاستقالة.
ويحاولون عدم إجراء انتخابات إلا بعد إجبار جونسون على التراجع عن موقفه والسعي لتأجيل بريكست.
ويتفاوض حزب العمال مع الحزب الوطني الاسكتلندي المؤيد للاتحاد الأوروبي ومجموعات أصغر على موعد للانتخابات أقرب لمهلة بريكست النهائية.
وقال متحدث باسم حزب العمال إن زعيم الحزب جيريمي كوربين سيعقد مؤتمرا عبر الهاتف مع بقية أحزاب المعارضة الجمعة.

جونسونيتحدث عن «تقدم هائل» في المفاوضات

وكان بوريس جونسون قد تحدث عن أنّ هناك «تقدّما هائلا» جار إحرازه للتوصّل إلى اتّفاق بشأن خروج بريطانيا من الاتّحاد الأوروبي، وذلك في مقابلة نشرتها صحيفة «ميل أون صنداي» الأحد الماضي.
وقال جونسون: «عندما تسلّمتُ هذه المهمّة، كان الجميع يقولون إنّه لا يُمكن إطلاقا إدخال أي تعديل على اتفاق الانسحاب (…). تراجعوا (قادة الاتحاد الأوروبي) في هذا الشأن، وكما تعرفون، يجري حوار جيّد جدا حول طريقة معالجة مشاكل حدود أيرلندا الشمالية».
وتتعثّر المفاوضات بين الطرفين حول مسألة كيفية تفادي عودة الحدود المادّية بين جمهوريّة أيرلندا العضو في الاتّحاد الأوروبي ومقاطعة أيرلندا الشماليّة البريطانية بعد بريكست.
وترفض لندن البند المعروف باسم «شبكة الأمان»، الذي ينصّ على أنّه في حال عدم التوصّل إلى حل في ختام مرحلة انتقالية، تبقى المملكة المتحدة بكاملها ضمن «منطقة جمركية موحدة» مع الاتحاد الأوروبي، وذلك بهدف منع عودة حدود مادية بين أيرلندا الشمالية وجمهورية أيرلندا.
لكن جونسون يرى أن هذا البند سيمنع المملكة المتحدة من اعتماد سياسة تجارية مستقلة، إذ ستبقى خاضعة للقوانين الأوروبية.
وقال جونسون: «سيكون هناك الكثير من العمل حتّى 17 أكتوبر»، موعد آخر قمّة للاتّحاد الأوروبي قبل تنفيذ بريكست المقرّر في 31 أكتوبر. وأضاف: «لكنّني ذاهب إلى هذه القمّة، وسأحصل على اتفاق، وأنا متفائل فعلا. وفي حال لم نتوصل إلى اتفاق، فسنخرج في 31 أكتوبر».
وكان جونسون استبعد إمكانية أن يطلب من بروكسل تأجيل بريكست ثلاثة أشهر، مؤكّدا أنه يفضّل «الموت داخل حفرة» على طلب إرجائه، ومكرّرا أن على المملكة المتحدة الخروج من الاتّحاد في 31 أكتوبر.
بريطانيا أمام هذه السيناريوهات

مع إغلاق مجلس العموم البريطاني كل المنافذ أمام رئيس الحكومة بوريس جونسون، حيال رؤيته للخروج من الاتحاد الآوروبي، تخيم الضبابية على شكل العلاقة المستقبلية بين الاتحاد وبريطانيا، مع اقتراب القمة الآوروبية المهمة الشهر المقبل .
وفي ظل الحالة المرتبكة وغير الثابتة حول خيارات لندن حيال بريكست، تبرز العديد من السيناريوهات المتوقعة خلال الأسابيع المقبلة:
ومن المتوقع أن تغادر بريطانيا الاتحاد الأوروبي في 31 أكتوبر إلا إذا طلبت من التكتل تأجيل الموعد ووافق قادة باقي الدول الأعضاء على ذلك.
ويرغب جونسون بإبقاء الموعد لكن العديد من النواب يخشون أن يتسبب تهديده بترك الاتحاد الأوروبي بدون الاتفاق على الشروط مع بروكسل، باضطرابات كبيرة.
وخلال الأسبوع الماضي، تبنوا قانونًا يجبر جونسون على طلب تأجيل بريكست لمدة ثلاثة أشهر حتى 31 كانون الثاني/يناير 2020، مع خيار لتأجيله أكثر.
ومن شأن ذلك أن يدخل حيّز التنفيذ إذا فشل رئيس الوزراء في الحصول على اتفاق للانفصال أو تمكن بطريقة ما من إقناع النواب بدعم الانفصال «بدون اتفاق» بحلول 19 تشرين الأول/أكتوبر.
اتفاق بريكست

بإمكان جونسون أن يبقي مهلة 31 تشرين الأول/أكتوبر إذا تمكن من التوصل لاتفاق مع الاتحاد الأوروبي يحظى بتأييد غالبية النواب، إلا أن هذه مهمة عسيرة.
وتوصلت رئيسة الوزراء السابقة تيريزا ماي لاتفاق مع بروكسل العام الماضي لكن النواب رفضوه ثلاث مرّات.
ورفض قادة الاتحاد الأوروبي حتى الآن إعادة طرح النص للتفاوض واتهموا حكومة جونسون بالفشل في عرض أي خطط بديلة ملموسة.
وأمل جونسون بأن يقنعهم تهديده بالانسحاب بدون اتفاق بإعادة التفاوض بينما يشير إلى أن سلوكيات النواب قوضت استراتيجيته.
لكنه يؤكد أنه يعتقد أن التوصل إلى اتفاق لا يزال ممكنًا قبيل قمة قادة الاتحاد الأوروبي المزمع عقدها في 17 و18 أكتوبر، قبيل موعد بريكست المقرر في 31 أكتوبر.
وقال جونسون إنه يفضل «الموت في حفرة» على تأجيل بريكست، بعد ثلاث سنوات من تصويت البريطانيين في استفتاء على مغادرة الاتحاد الأوروبي.
وأشارت حكومته إلى أنها ستبحث عن ثغرات في القانون الذي أقره النواب لإفساح المجال لانفصال «بدون اتفاق»، رغم إصرارها على تمسكها بالقانون.
وتسري تكهنات بأن جونسون يفضّل الاستقالة على طلب تأجيل موعد بريكست، لكن سيكون على شخص ما، موظف أو سياسي معارض، تقديم الطلب.
وهناك احتمال أن يمل قادة الاتحاد الأوروبي من مراوغة بريطانيا ويرفضوا تأجيل بريكست، رغم أن التكتل غير مستعد لتحمل مسؤولية انفصال غير منظّم.
انتخابات مبكرة

بعد طرده 21 من النواب في حزبه المحافظ الذين رفضوا قانون بريكست الأسبوع الماضي، لم يعد جونسون يحظى بالأغلبية في مجلس العموم الذي يضم 650 مقعداً.
وذلك يجعله في موقع صعب إذ لا يمكنه إدارة شؤون البلاد فيما بات إجراء انتخابات أمراً لا يمكن تجنبه.
وكان جونسون يرغب بأن تجري الانتخابات في 15 /أكتوبر، على أمل فوزه بما يكفي من المقاعد في مجلس العموم لتمرير خططه المرتبطة ببريكست.
لكن حزب العمال المعارض أشار إلى أنه لن يدعم إجراء انتخابات إلا إذا تم التراجع تمامًا عن خيار الانسحاب بدون اتفاق.
وعلى ثلثي النواب أن يدعموا إجراء انتخابات مبكرة، لكن أعمال البرلمان معلقة حاليًا حتى 14 تشرين الأول/أكتوبر.
وبدأ الحديث يتحول الآن إلى إجراء انتخابات في نوفمبر.
وفي حال فاز جونسون في أي انتخابات مقبلة أو تمكّن من التوصل إلى اتفاق مع حزب بريكست المناهض للاتحاد الأوروبي، فسيكون بإمكانه تحقيق بريكست بدون اتفاق خلال الأشهر المقبلة.
من جهته، تعهّد حزب العمال في حال فوزه إجراء استفتاء جديد مع خيار للبقاء في الاتحاد الأوروبي، ما من شأنه أن يفضي إلى إلغاء بريكست.
لماذا يخشى بريطانيون طريقة جونسون»؟

شهدت بريطانيا خلال اليومين الماضيين سجالا ساخنا في البرلمان، لمواجهة مساعي رئيس الوزراء، بوريس جونسون، للمضي بالبلاد إلى خارج الاتحاد الأوروبي، سواء عبر اتفاق أو بدونه.
وتمكن مجلس العموم من منع «جونسون» تعطيل عمل البرلمان، كما أنه مرر قانونا يجبر الحكومة على التوصل إلى اتفاق مع الاتحاد الأوروبي بحلول 19 أكتوبر المقبل، أو طلب تأجيل موعد الخروج، المحدد حاليا بنهاية الشهر نفسه، إلى 31 يناير 2020.
وفي ضربة ثالثة، رفض المجلس طلب رئيس الحكومة إجراء انتخابات مبكرة، بهدف الحصول على أغلبية برلمانية أكثر تماسكا تمهد له تنفيذ خطته، في تحد واضح للمعارضة، لا سيما حزب العمال بقيادة جيرمي كوربين.
إلا أن «هزائم» جونسون لا تعني بالمقابل انتهاء شبح «بريكست بدون اتفاق»، إذ إن التأجيل المحتمل سيكون الثاني، حيث كان من المقرر أن يتم الخروج في نهاية مارس الماضي، بعد عامين من المفاوضات، عقب استفتاء 2016، في ظل إصرار لندن وبروكسل على مواقفهما.
ومن جهتها، لا تريد بريطانيا البقاء تحت رحمة الاتحاد، خاصة بشأن الحدود بين إيرلندا الشمالية وجمهورية إيرلندا، فيما يصر الأوروبيون على مواقفهم للحد من تأثيرات «بريكست» السلبية، لا سيما الاقتصادية منها، وخشية تأثير خروج «ناعم» للمملكة المتحدة على مستقبل الاتحاد، عبر تعزيز حظوظ اليمين الشعبوي في مختلف دوله، بحسب خبراء في معهد «كارنيغي».

بريطانيا «صغرى»؟

يخشى بريطانيون من تسبب بريكست، وخاصة «بدون اتفاق»، بقلاقل في إيرلندا الشمالية، إذ يعزلها عن شطر الجزيرة الجنوبي، جمهورية إيرلندا، العضو في الاتحاد، لتعود بذلك ظلال الحرب الأهلية التي استمرت عقودا، وانتهت باتفاق «الجمعة العظيمة»، عام 1998.
والثلاثاء، نقل تقرير لـ»بي بي سي» عن عضوة البرلمان والسياسية الإيرلندية الشمالية المخضرمة، ليدي هيرمون، اتهامها رئيس الوزراء بخرق اتفاق «الجمعة العظيمة»، وتحذيرها من عواقب ذلك، رغم كونها من الداعمين للوحدة مع المملكة المتحدة.
ويشدد ذلك الاتفاق على ضرورة إشراك الإيرلنديين الشماليين في أي قرار يؤثر على مصيرهم، خاصة حين يتعلق بالعلاقة مع جمهورية إيرلندا، ويتيح للأخيرة حق المشاركة في بحث تلك القضايا.
أما في أسكتلندا، فإن الدعوات تتزايد لإجراء استفتاء جديد على الانفصال عن لندن (أجري الأول عام 2014) والبقاء بالاتحاد الأوروبي، وهو ما توقع الكاتب البريطاني، بيل بتروورث، أن تدعمه بروكسل بشكل كبير في المرحلة المقبلة، مشيرا إلى تحذير وزير الخزانة السابق فيليب هاموند، من تحول بريطانيا العظمى إلى «صغرى».
من جانب آخر، فإن الخروج بدون اتفاق يلقى معارضة أغلبية الناخبين (44% مقابل 38%، 11% يدعمون خيارات أخرى، و10% ليست لديهم فكرة)، بحسب رصد حديث، ما يعكس تغيرا في المزاج العام، لا سيما في أوساط من صوتوا بـ»نعم» في استفتاء عام 2016 (52% مقابل 48%)، وأغلبهم في إنجلترا وويلز، ما يعني حدوث انعكاسات اجتماعية وسياسية داخلية حادة في حال تمكن «جونسون» من تنفيذ خطته.
وعلى المستوى الاقتصادي، فإن «بريكست بدون اتفاق» سيكلف بريطانيا 16 مليار دولار سنويا، على الأقل، في قطاع التجارة، بحسب تقرير للأمم المتحدة، حيث إن نصف تبادل البلاد التجاري هو مع دول الاتحاد، و16% أخرى منه مع دول تجمعها ببروكسل اتفاقيات تجارة حرة.
وفي قطاع الأعمال، حذرت تحالفات شركات عالمية، تضم أكثر من أربعة ملايين شركة تنتمي لثماني دول، من عواقب وخيمة على ثقة المستثمرين بالمملكة المتحدة في حال مضى جونسون بالبلاد إلى خارج الاتحاد دون اتفاق، مشيرة إلى احتمال خروج استثمارات بعشرات المليارات.
ترقب لحظة السقوط

بالتزامن مع كشف رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، مؤخرا، عن عزمه تعطيل عمل البرلمان للمضي بالبلاد إلى خارج الاتحاد الأوروبي، سواء عبر اتفاق أو بدونه، تحدث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، عن تحضيره لصفقة «كبيرة» مع لندن بعد إتمام «طلاقها».
إلا أن «تبشير» ترامب بما بعد خروج لندن من الاتحاد دفع زعيم المعارضة البريطانية، جيرمي كوربين، إلى التحذير من سقوط البلاد في فخ الارتهان للولايات المتحدة وشركاتها العملاقة.
وفي السياق ذاته، تحدثت ماليزيا عن «فرصة تاريخية» أمام بريطانيا لعقد اتفاقيات تجارية مع الدول الصاعدة، لا سيما في جنوب شرق آسيا، بعد التحلل من القيود الأوروبية، التي وصفتها بالحمائية.
وعلى غرار «كوربين»، حذرت صحيفة «الغارديان» أيضا من مسارعة البلاد لعقد اتفاقيات تجارية وصفقات، قد تكون مجحفة بحقها من جهة، وتؤثر من جهة ثانية على المعايير الصحية والبيئية والإنسانية.
ورغم أن الصين قد تحصل على جزء من تلك الكعكة، ولن يكون صغيرا بالتأكيد، بحسب تقرير للمعهد الأوروبي للعلاقات الدولية، إلا أن بكين تتحدث في المقابل عن رغبتها بشراكة تجارية استراتيجية مع كتلة أوروبية موحدة، لتخفيف اعتماديتها الكبيرة على السوق الأمريكية، ما يعني محاولتها الموازنة بين دعم بروكسل من جهة ومحاولة استثمار «بريكست» من جهة ثانية.
وبالتأكيد، هنالك روسيا، التي تتهم بلعب دور في التأثير على نتائج استفتاء عام 2016، وتترقب حدوث انشقاق في أوروبا لتتمكن من المناورة بحرية أكبر، بحسب تقرير لمجلة «فوربس».
ويوضح التقرير أن موسكو واجهت عقوبات وعزلة منذ أزمة أوكرانيا عام 2014، وتم إقصاؤها من مجموعة الثماني، إلا أن استعداد ترامب لإعادتها، كما كشف عن ذلك في قمة السبع الأخيرة بفرنسا، وإمكانية تحرر لندن من الدبلوماسية الأوروبية الموحدة، وربما حاجتها لشراكة مع روسيا، قد يهيئ للأخيرة العودة إلى العديد من الميادين الدولية، وبقوة أكبر.
ويعني ذلك في المقابل أن دولا أوروبية في شمال وشرق أوروبا ستتضرر جراء أي تفكك في الموقف الأوروبي تجاه الجار العملاق.


الكاتب : وكالات

  

بتاريخ : 17/09/2019