مجلس مدينة الدار البيضاء.. «البورجوازي» المغبون : ممتلكات تحولت الى أطلال، وأخرى إلى مهب «الريع»..

 

إذا تأملت جيدا في طريقة التدبير، المعتمدة في أكبر مجلس جماعي، بالمغرب ستصاب بالدهشة، وتتناسل امامك عشرات الأسئلة، التي لن تجد لها جوابا، لأن المدبرين لا يمتلكون أي جواب.
يسارع المجلس الحالي، في الوصول إلى توفير السيولة المالية، بالطرق السهلة جدا، دون عناء تفكير، ودون الدخول في غياهب ابداع وابتكار حلول، من شأنها. التنفيس على مستقبل ساكنة المدينة.
معلوم ان المجلس وصل إلى الخطوط الحمراء، فيما يخص الاقتراض، من صندوق التجهيز الجماعي، كما وصل إلى الحدود القصوى. فيما يخص «حمل الصينية» والتوجه إلى المؤسسات الحكومية لتمويل المشاريع، بل انه تعدى الحدود، ليصل عند البنك الدولي، ليقترض منه 200 مليار سنتيم، كي يفي بالتزاماته المالية، تجاه المشاريع الكبرى التي تشهدها العاصمة الاقتصادية، وهو القرض الذي سيتم تسديده على مدى 30 سنة،أي أن الدار البيضاء، ستظل رهينة لهذا البنك طيلة هذه المدة.
كما أشرنا في العنوان، فإن الجماعة الحضرية للدار البيضاء، لها من الممتلكات ما يغنيها عن الاقتراض وغيره، وهي بذلك تشبه الشريد في عائلة بورجوازية، لا يجد ما يقتني به علبة سجائر، لخطإ ارتكبه مع العائلة. لم تغفره له، وظل يتردد على نافذة المنزل ليعطف عليه أحد افراد العائلة، لما تيسر خلسة من الجميع.
الجماعة الحضرية، حتى عند اقتراضها من البنك الدولي، لم تجد ما تقدمه له كضمانة عن هذا القرض، بل الدولة من قدمت هذه الضمانة، لأن مدبري الجماعة لم يقوموا بتثمين العقار، التابع للمدينة، مع عملية تسجيله وتحفيظه. كما عجزوا عن الدخول في معركة، تتمة مشاريع متوقفة، من شأنها ان تغني الخزينة الجماعية، وتوفر الاريحية المالية لتدبير عقلاني، يذهب في استنهاض كل الطاقات والإمكانيات، للدفع في اتجاه الهدف المنشود، المتمثل في جعل الدار البيضاء عاصمة للمال والاعمال. سنقف هنا. عند بعض الأمثلة، ليفهم البيضاويون كيف تدبر مدينتهم، وكيف اصبح التقاعس عنوانا لهذا التدبير، الذي ورثنا فضاءاتنا الكثير من الاطلال بملايير الدراهم، لم يستفد منها احد.
فهناك مشاريع سكنية، خططت لها، المجالس السابقة، وهي متوقفة الآن، لأنها لم تجد الإدارة السابقة، وهي متوقفة الآن، لأنها لم تجد الإدارة الكفؤة لتحريكها، وللعجب فهذه المشاريع متوقفة منذ 20 سنة، منها مثلا، المشروع البنكي احمد الصباغ، المتواجد بعمالة مرس السلطان الفداء. هذا المشروع الممول من طرف الجماعة.
اي أنه ملك خاص وخالص لها، يضم أزيد من 250 شقة تتوزع على خمسة طوابق، هذا المشروع لا ينقصه الآن إلا (المرطوب والصباغة). لكن لا أحد يتحدث عنه ولا يقطنه الا الأشباح، العارفون بخبايا العقار، قدروا بأن قيمته المالية اليوم لن تنزل عن 12 مليار سنتيم. الا أن المدبرين، ربما يعجبهم منظره بالشكل الذي هو عليه الآن، ويفضلون الكريدي، على مباشرة إجراءات من شأنها. ان تدر على الخزينة هذه الأموال. بالاضافة إلى الضرائب التي ستجنيها عند السكن. كضريبة السكن، وضريبة النظافة. وغيرها من الرسوم التي لا تتوقف مداخيلها، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
مشروع مماثل، هذه المرة، بطريق اولاد زيان، بني منذ سنوات تتوزع شققه على طابقين، وبطبيعة الحال، من حق الجماعة ان ترخص لطوابق جديدة تبلغ قيمة هذا المشروع حاليا 2 مليار سنتيم، واذا ما تم اسكان الناس، ستتحصل الجماعة على الرسوم الضريبية وتخلق رواجا اقتصاديا. من شأنه إغناء الخزينة، كذلك الشأن بالنسبة لمشروع سيدي معروف السكني، الذي يشوه الآن الفضاء بعدما تحول إلى اطلال، رغم ان المستفيدين، قدموا تسبيقات مالية، الا انهم مازالوا معلقين، بدون الحصول على قبر الحياة. ودون ان تستفيد الجماعة الحضرية من أمواله.
اما بالحزام الكبير، فتتوسع هناك وحدات صناعية كل واحدة تحتل ما لا يقل عن 2000 متر مربع، سمحت لأصحابها، بأن يتحولوا إلى بورجوازيين حيث كانوا يكثرون هذه الهنكارات، بفتات من الدراهم، وكانت لجنة للتقويم، قد خرجت قبل سنوات، لتجديد السعر، الذي يمكن ان يجنيه مجلس مدينة الدار البيضاء، من هذه الوحدات، حيث وقف السعر في تلك الفترة، في مبلغ 2500 درهم للمتر مربع. ومعلوم ان هذه المنطقة، مسموح فيها بناء خمسة طوابق. المجلس إلى حدود الآن لم يقم ببيع هذه الوحدات، ولم يجدد دفتر تحملات الأكرية. ليظل اصحابها، يتمتعون بالغنائم، دون أي مقابل، وهذا لعمري ريع ما بعده ريع.
كان المرحوم الملك الحسن الثاني، قد تقدم لمدينة الدار البيضاء بهبة عبارة عن 100 هكتار من الارض بمنطقة سيدي مومن، بهدف، جعلها متنزها للساكنة مع احداث مشاريع اجتماعية واقتصادية، لفائدة الساكنة، لخلق الرواج الاقتصادي، واغناء خزينة المدينة. هذه الهبة اليوم ليست في قاموس أدبيات تدبير مجلس المدينة.
من المرافق، التي أحدثت، ايضا على مر السنين، لخلق فرص الشغل وإنعاش الاقتصاد، الأسواق البلدية، حيث تم تشييد حوالي 20سوقا تتوزع على تراب المقاطعات الست عشرة المؤثثة للعاصمة الاقتصادية، بمعدل 2 اسواق في كل منطقة، اكريتها، من المفروض، ان تدبر على خزينة الجماعة الحضرية، ما لا يقل عن سبعة ملايير سنتيم، الا أن الإدارة الجماعية، وإلى حدود الآن لم تقم بالتسوية الخاصة بهذه المحلات، مما جعل الملايير السبعة تتبخر، ولا تتوصل الخزينة بأي ريال من اصحاب المحلات. لان الوضعية القانونية لم تتم تسويتها. اضافة إلى هذا كله، هناك فيلات ومباني، وعقارات تابعة للجماعة، يجهل المدبرون حتى من يستفيد منها. دون ان ننسى، ان الجماعة لم تعد تتحصل على أكرية، مرافق ومحلات أخرى، منها مركب »بارادايز« والسقالة وغيرها من المنشآت.
كل هذا يضعنا أمام سؤال عريض، إلى أين تتجه الدار البيضاء؟ وإلى متى ستظل ممتلكاتها خارج كل الحسابات؟


الكاتب : العربي رياض

  

بتاريخ : 17/04/2019

أخبار مرتبطة

20 تنظيما حقوقيا يدعو رئيس الحكومة للاستجابة لمطالب ساكنة فجيج     يواصل سكان فجيج احتجاجاتهم ضد ما يعتبرونه سعيا

شكلت نتائج محطة انتخابات 2021 على مستوى جماعة كرامة بإقليم ميدلت، لحظة مفصلية للقطع مع زمن حضرت فيه الانتكاسات المتعددة

وجد العديد من أبناء مدينة عين بني مطهر بإقليم جرادة نفسهم في حيرة من أمرهم بعد وقف الدعم المالي المباشر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *