محاكمة الرباط تحمل المشرع المغربي مسؤولية هدر الزمن القضائي

قضت المحكمة الرمزية،علنيا وحضوريا، بالنسبة لجهاز كتابة الضبط ، و،غيابيا، في حق بعض الأطراف، بعقلنة الزمن القضائي وتقليصه إلى حدوده الدنيا، ومن أجل ذلك قضت بضرورة فتح نقاش عمومي ومؤسساتي قصد ملاءمة المنظومة القانونية مع مقتضيات الفصل 120 من الدستور المتعلق بالحق في استصدار حكم قضائي في أجل معقول، وإعادة النظر في الأدوار التي تقوم بها مختلف المهن القضائية والقانونية، وعلى رأسها مؤسسة كتابة الضبط، وذلك وفق مقاربة ديمقراطية وتشاركية.
الحكم صدر في «محاكمة الزمن القضائي»، المنظمة من طرف ودادية موظفي العدل، مساء الأربعاء 30 ماي 2018، بالمعهد العالي للقضاء بالرباط، حيث تم توجيه الاتهام للمشرّع وتحميله مسؤولية «هدر الزمن القضائي»، حيث كشف متدخلون أن هناك قضايا من المُمكن أن تُحسم في 24 ساعة كما هو شأن قضايا «الأمر بالأداء»، أو شهر على أبعد تقدير كما هو الحال بالنسبة لقضايا «النفقة»، فنجدها وغيرها تروج في محاكم المملكة على مدى شهور، بل، أحيانا، سنوات، إذا لم يتمّ سلوك المساطر الصحيحة، مما يُضيع حقوق المتقاضين ووقتهم الذي يقضونه في التنقل بين المحاكم، بمختلف تخصصاتها ودرجاتها.
لقد كانت المحكمة الوطنية الرمزية، التي ترأس جلستها بنيونس المرزوقي، الأستاذ الباحث بكلية الحقوق وجدة، مناسبة فعلية لطرح الإشكالات الكبرى وراء هدر الزمن القضائي، إذ في الوقت الذي حمل فيه المتقاضون، ممن يعتبرون أنفسهم ضحايا تأخير قضاياهم، المسؤولية لكتابة الضبط وموظفيها، الذين لا يمارسون مهامهم بنوع في الحياد السلبي الذي من تمظهراته: عدم تعاملهم مع إجراءات التبليغ بما يلزم من السلاسة لحسن سير مساطر البتّ في القضايا المعروضة على القضاء، عدم مبادرتهم بتنبيه المتقاضين بالنقص الذي يعتري الوثائق المدلى بها من طرفهم مما قد يعرضهم إلى الحكم بعدم قبول دعواهم أوعلى أقلّ تقدير ضياع مدة زمنية ليست باليسيرة.
وكان عبد الصادق السعيدي رئيس الودادية قد تطرق، في كلمة بالمناسبة، قبل بداية الجلسة، إلى الأنشطة التي نظمتها ودادية موظفي العدل، عبر مجموعة من المحطات، وصولا إلى تنظيم المحكمة الوطنية الرمزية لـ»محاكمة الزمن القضائي»، بحضور فاعلين حقوقيين وجمعويين، وكافة المهتمين ومختلف مكونات الحقل القضائي، مشيرا إلى أن تنظيم المحكمة الوطنية الرمزية لمحاكمة الزمن القضائي تعبير مكثف عن ثقافة مهنية جديدة، وواعية بطبيعة اللحظة التاريخية، التي تمر منها منظومة العدالة، وما تعرفه من تحولات تسعى الودادية، من داخلها، لإعادة الاعتبار لمفهوم القضاء كدلالة ذات بعد وظيفي موضوعي، ينصرف للخدمة المجتمعية، التي تقدمها المؤسسات للمتقاضين، تلبية لحاجة اجتماعية تتطور يوما بعد يوم، في ربط جدلي للإصلاح القضائي بغاياته، حيث تكون شرعية أي إجراء إصلاحي رهينة بمدى اندراجه ضمن الغاية الشاملة، التي هي تقديم خدمة قضائية جيدة وفعالة للمواطن.
وقد انعقدت هيئة المحكمة الوطنية الرمزية برئاسة بنيونس المرزوقي، وعضوية المهدي منير، أستاذ باحث بكلية الحقوق السويسي الرباط، وعمر الشرقاوي، أستاذ باحث بكلية الحقوق المحمدية وإعلامي، مستشارين، وعبد السلام قايقاي ، رئيس مصلحة كتابة الضبط بابتدائية تطوان، ممثلا للنيابة العامة، ومصطفى بخبزة  منتدب قضائي، كاتبا للجلسة.


الكاتب :  محمد الطالبي

  

بتاريخ : 04/06/2018