من طنجة إلى باريس، على خطى الأطفال المغاربة التائهين

في باريس أصبح العشرات من اليافعين المغاربة أطفال شوارع، يعيشون في الغالب حياة التسكع والتسول رافضين أية رعاية، ما يثير ردود أفعال ضدهم من طرف المجتمع والسلطات على حد سواء.
وكالة الأنباء الفرنسية تتبعت خطوات هؤلاء الأطفال من طنجة ونشرت تقريرا مفصلا عن محاولات الوصول إلى أوروبا انطلاقا من سبتة المحتلة.
وحول حياتهم في باريس نشرت يومية « لوموند» روبورتاجا مطولا عن حياة التسكع التي يعيشها هؤلاء وردود الفعل الرافضة التي خلفوها في أوساط سكان عاصمة الأنوار.
وحسب الاستطلاع، فإن هؤلاء الأطفال المغاربة، منبوذون، متعاطون للمخدرات، ظهروا فجأة قبل عدة أشهر في العاصمة، ناشرين الرعب في جميع أركان وشوارع الدائرة 18.
لا أحد يعرف من هم، بحسب ما أورده بلاغ من طرف جمعية «تراجيكتوار-Trajectoires»، يحمل إجابات في طياته من طرف عمدة باريس.
كنا نعتقد بأنهم أطفال شوارع، لكنهم كانوا يمتلكون عائلات يهربون منها دون علمهم، وقد انتقلت ‘لوموند-Le Monde» الفرنسية لطنجة للبحث في ماضيهم. الأغلبية منهم هاجروا من أجل مساعدة أمهاتهم «العاملات في المصانع»، وهو يمثلون الوجه الآخر للعولمة.
ولم تشهد باريس مثل هذا من قبل، أطفال ظهروا من عدم وعليهم آثار عنف وحروق في أجسادهم، مخدرين ووحيدين داخل الدائرة 18 بمدينة باريس، لا يعرفون كلمة بالفرنسية وينشرون الرعب والخوف داخل حي شهد نفس الشيء من قبل، فقد ظهر الأوائل منهم منذ ما يناهز العام والنصف وكانوا في حدود العشرين طفلا، لكنهم رحلوا بعدها ليعودوا بأعداد أكبر وصلت للستين طفلا حاليا، 10 سنوات لأصغرهم سنا و 17 للأكبر عمرا كتقدير فقط.
وفي محاولة منها للتحدث معهم قامت بلدية باريس بجميع المحاولات للتقرب منهم، مستعينة بمساعدة مجموعة من المربين ومؤسسات الرعاية، وجمعيات مدنية ودور استقبال وعائلات مضيفة.. لكن دون جدوى، إذ يعودون لنفس المكان داخل منطقة «جوت دور- Goutte D’or»، ممارسين عدة افعال غير لائقة لعمرهم، لحساب عدة شبكات صغيرة تمدهم بمضاد الصرع «ريفوتريل-Rivotril»، حيث يصبحون بعدها مدمنين عليه بشكل قوي وبوتيرة دائمة. لا أحد يعلم شيئا عنهم وعن أسباب قدومهم أو من أين أتوا، لكن تم التوصل إلى أنهم مغاربة وفي الأغلب قاصرين، حيث انتقلوا من اسبانيا نحو فرنسا.
لكن تقرير لجمعية «تراجيكتوار-Trajectoires»،والتي تدرس وجهة النازحين وطالبي اللجوء في أوروبا، يحمل بعض الأجوبة عن الأسئلة المطروحة بخصوصهم. وقد قامت بلدية باريس قبل ستة أشهر بالإشراف على هذه الدراسة، حيث قامت بتتبع وجهات هؤلاء الأطفال دائمي التنقل بين المدن الفرنسية (باريس، رين، بريست…) ومن بلد أوروبي لآخر (السويد، الدنمارك، بلجيكا، المانيا…)، دون أية وجهة محددة. «يتم طردهم من بلد لآخر، ويتيهون في أوروبا دون وجهة محددة مسبقا، ويعتبرون من بين النازحين الأكثر حركة في أوروبا»، بحسب ما قاله عالم الاجتماع اوليفيي بايرو.


الكاتب : المهدي المقدمي / صحفي متدرب

  

بتاريخ : 19/05/2018