نجاح النموذج التنموي رهين بتوفر إرادة جماعية لمحاربة التفاوتات

«مسار آخر للمغرب» لعبد العالي بنشقرون ونور الدين السعودي

«إن تنفيذ التنمية المنشودة يجب أن يكون جزءًا من دينامية شاملة للتغيير، والتي يتعين أن يكون المدخل لها الاعتماد «التوافقي» لميثاق اجتماعي، قادر على تحقيق التعبئة المجتمعية التآزرية (الدولة ، والأحزاب السياسية، والنقابات، ورجال الأعمال، والمنظمات غير الحكومية ذات التمثيلية، وجماعات المواطنين …)، وإصلاح سياسي ومؤسساتي عميق» بغية تحقيق دولة الحق والقانون فعليا، وفصل السلط، والحكامة الديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، والمحاسبة… إلخ»، والقطيعة مع نظام الريع، والرشوة، والتداخل بين السلطة السياسية والسلطة الاقتصادية».
بهذا قدم الأستاذان عبد العالي بنشقرون ونور الدين السعودي لكتابهما الجديد الصادر في هذا الشهر «مسار آخر للمغرب» الذي جاء نتيجة تجاوب القراء مع الأوراق التي كان ينشرها المؤلفان بالفرنسية في أغلبها،على صفحات وسائل التواصل الاجتماعي لضمان تفاعل أوسع من لدن رواده ، بلغت إجمالا 25 ورقة، أثارت عددا من التعليقات والمساهمات « التي ارتأينا – يقول المؤلفان – أن ندرج أهمها ضمن هذا الكتاب، باعتبارها مساهمات لإغناء للنقاش الذي توخيناه. حتى وإن كانت لا تسير في نفس اتجاه تحليلنا الخاص.
و لقد تطرقت هذه الأوراق إجمالا، للمواضيع التالية: التربية-التكوين، البحث العلمي، التوجهات الاجتماعية-الاقتصادية، الصحة، إشكالية الماء، الحكامة، اللا مساواة، البطالة، تمويل التنمية، الجباية، الاقتصاد الاجتماعي والتضامني، دور العامل الثقافي، القراءات المستحبة للإسلام بعلاقة مع إشكالية التنمية المجتمعية…إلخ. والتي تم تناولها بارتباطها مع النقاش العام حول توجهات التنمية أو ما يطلق عليه «نموذج التنمية».وفي ما بعد، كان علينا أن نقوم بهيكلة لتلك الأوراق اعتمادا على تصميم وتبويب شامل حتى نؤمن للنص الانسجام الضروري والتسلسل العملي الذي اتخذه هذا العمل في النهاية».
لقد أُتيحت الفرصة لمؤلِّفي هذا الكتاب لإنجاز عمل مشترك في إطار مناظرة دولية حول موضوع الفقر، الذي يعد موضوعا مركزيا بالنسبة لإشكالية التنمية. فكانت تجربة خصبة وغنية ورافعة لتعميق المغرفة المتبادلة بين المؤلفين، مما بعث بينهما دينامية تفاعلية ومتعاضدة ومثمرة وأيضا تكاملا في تحليل الوضع والموضوعات المتقاطعة مع التفاوتات الاجتماعية والمجالية، و»نموذج التنمية» والصيغ الأولية للتوجهات البديلة المقترحة من قبلهما.
تجدر الملاحظة أولا الى أن الفقر يتم تقديمه أو مقاربته في غالب الأحيان من طرف باحثين وهيئات دولية، كظاهرة مستقلة عن المنظومة الشاملة للإنتاج والمجتمع، دون بذل المجهود اللازم من أجل ربطها ربطا ملائما بسياقها، فيتم نفي أن الفقر هو ظاهرة «طبيعية» لنموذج التراكم المجحف وانتشار هذا الفقر في سياق المجتمع و في نطاق ميزان ملموس للقوى.
وبحكم طابعها الراهن والدقيق، فإن هذه الموضوعات مطروحة بإلحاح على الهيئات السياسية (الدولة والأحزاب السياسية) والاقتصاديين، والباحثين في شتى الميادين، والنقابات والفاعلين الاقتصاديين وجمعيات المجتمع المدني. وفضلا عن ذلك، فإن موضوع الفقر وعدم المساواة الاجتماعية تهم الكاتبَيْن بصورة أشمل، بالنظر لمسارهما وانخراطهما وتجربتهما إبان ما يُعرف بـ»سنوات الرصاص» بالمغرب.
من كل هذه المنطلقات انبثقت فكرة العمل على مشروع هذا المؤلَّف الذي نأمل أن يساهم في النهوض بالنقاش العام المنشود حول الأبعاد المختلفة للتنمية.


بتاريخ : 25/01/2020

أخبار مرتبطة

صدر حديثًا عن دار أكورا للنشر والتوزيع، طنجة، المغرب، بدعم من وزارة الشباب والثقافة والتواصل ـ قطاع الثقافة كتاب «الأفق

عن دار «أكورا للنشر والتوزيع»، صدرت للكاتب محمد صوف رواية بعنوان» أولاد الكاريان». يتقمص المكان في هذه الرواية دور الشخصية

عنوان مثير لرواية تكشف في تفاصيل سردها عن أقسى اللحظات، أفظع ما قد يصادف إنسانا في بداية حياته، حيث يمارس

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *