وضعيته الوبائية تضاعفت 3 مرات مقارنة بالسنة الفارطة

 اعتراف رسمي بتسجيل 5 وفيات بسبب فيروس «أنفلونزا الخنازير»

 

اعترف وزير الصحة، أول أمس الخميس، أن 5 مواطنين فارقوا الحياة بسبب مضاعفات فيروس AH1N1 المعروف بمرض “أنفلونزا الخنازير”، وجاء الاعتراف المفاجئ بعد يوم واحد عن تنظيم الدكالي لندوة صحفية بالدارالبيضاء، أصر خلالها على إنكار أية حالة وفاة بسبب الداء، وتشبث بكون الحالة الوبائية للمرض هي جد عادية مقارنة بالوضع العالمي، وهذا هو المعطى الأخير الذي لا يختلف حوله إثنان، لكن الملاحظات المسجلة التي تؤاخذ بسببها وزارة الصحة تكمن في طريقة تدبير الملف وضعف آليات التواصل والتحسيس والتوعية، التي من شأنها من جهة طمأنة المغاربة، دون تهويل ولا تهوين، ومن جهة ثانية حث الفئات التي هي عرضة للمرض ولتبعاته على اتخاذ الاحتياطات الضرورية بتلقيح نفسها واعتماد جملة من التدابير الوقائية الأخرى.
فيروس AH1N1يتأكد يوما عن يوم اتساع رقعته، وأشارت مصادر “الاتحاد الاشتراكي” إلى أن الوضعية الوبائية خلال السنة الحالية مضاعفة بثلاث مرات مقارنة بالسنة الفارطة. ويواصل الداء انتشاره بعدد من المدن المغربية، كفاس ومراكش وطنجة والرباط، وكذلك في الدارالبيضاء التي ارتفع عدد المصابين فيها بالمستشفى الجامعي ابن رشد، سواء بالنسبة للكبار أوالصغار، الذي استقبل 20 طفلا مصابا بالفيروس بعضهم غادر المستشفى بعد تلقيهم العلاج ومعافاتهم والبعض الآخر يوجد تحت الملاحظة الطبية في وضعية مستقرة، حسب مصادر طبية، باستثناء حالة واحدة التي توجد بالعناية المركزة، إلى جانب مستشفى الشيخ خليفة، وكذا مجموعة من المصحات الخاصة، ضمنها مصحة خاصة بالأطفال، حيث يتلقى المصابون العلاجات ويخضعون للمراقبة الطبية في انتظار مآل وضعهم الصحي خلال الساعات المقبلة.
وفي سياق ذي صلة، علمت “الاتحاد الاشتراكي” أن دواء “التاميفلو” الخاص بعلاج فيروس “أنفلونزا الخنازير”، سيكون متوفرا بالصيدليات انطلاقا من يوم الاثنين 4 يناير 2019، وهو الذي غاب عنها منذ 2011، إذ وجدت العديد من الأسر صعوبة في تدبره، خاصة وأنها كانت تواجه بإكراه الزمن لأن نجاعة الدواء تتطلب أن يُمنح للمريض ما بين 24 و 48 ساعة من تأكد الإصابة بالفيروس، كما أن الحصص التي كانت متوفرة بمؤسسات صحية عمومية بعينها والصيدلية المركزية انتهت صلاحيتها، أخذا بعين الاعتبار أن مركز القيادة الوطني الذي كان تحت إشراف الجنرال حسني بنسليمان خلال جائحة الأنفلونزا في 2009، كان هو الذي اقتنى هذا الدواء إلى جانب مستلزمات أخرى بعد أن خصصت الحكومة آنذاك ميزانية تقدر بـ 850 مليون درهم لمواجهة الجائحة الوبائية. وبحسب مصادر “الاتحاد الاشتراكي” فإن وزارة الصحة تدبّرت ألف علبة من دواء “تاميفلو”، من المفترض أن تكون قد سُلّمت للمستشفيات العمومية التي هي في حاجة إليها أمس الجمعة، في انتظار 15 ألف علبة من المنتظر أن يتم التوصل بها يوم الاثنين. ويؤكد أطباء متخصصون على أن هذا الدواء لا يجب أن يوصف إلا للحالات المستعصية، ويتعلق الأمر بالفئات الهشة المعنية أكثر بالمرض، وليس جميع المرضى المحتملين بالفيروس، منبهين من الانتقال إلى مرحلة “الحمى التجارية” ووصف الدواء بكيفية غير معقولة على مستوى الوصفات، محذرين في الوقت نفسه من تبعات هذه الخطوة التي قد يترتب عنها مقاومة الجسم للفيروس لاحقا في صيغته الصعبة.
تسجيل حالات وفيات بسبب فيروس AH1N1 خلق حالة من الهلع في أوساط المواطنين على الصعيد الوطني، خاصة في صفوف الآباء والأمهات، الذين باتوا يتخوفون من إرسال فلذات أكبادهم إلى المؤسسات التعليمية، وما زاد من تخوفهم هو ظهور بعض الحالات المرضية، كما هو الشأن بالنسبة لإحدى المؤسسات التعليمية الخصوصية بالدارالبيضاء، التي وبعد أن أشعرت الآباء بالخبر سارعت في وقت لاحق إلى طمأنتهم والتأكيد على أن الوضع هو عادي ومتحكم فيه. بالمقابل بادرت مؤسسات تعليمية أخرى إلى توجيه مذكرات إلى الآباء والأمهات تتضمن سلسلة من الإجراءات الوقائية وتحدد الأعراض التي يجب عليهم الانتباه إليها، ودعتهم في حال ظهورها إلى عرض أطفالهم على الطبيب وتركهم بالمنازل إلى حين تعافيهم من المرض ضمانا لعدم نقل العدوى وانتشارها. من جهتها عززت المؤسسات التعليمية هي الأخرى من تدابير الرصد والمراقبة والتوعية في صفوف التلاميذ من أجل اتخاذ التدابير الوقائية المتمثلة في النظافة وكيفية التعامل مع حالات الزكام بهدف التقليص من حدة وجسامة أية تبعات محتملة.
مسار تشخيص وتحديد الإصابة بـ “أنفلونزا الخنازير” يطرح أكثر من علامة استفهام بالنظر إلى أنه قبل اليوم لم يكن عدد من الأطباء، سواء بالقطاعين العام أوالخاص، بالمستشفيات وبالعيادات وحتى بعدد من المصحات، يحرصون على طلب القيام بتحليلة لتحديد طبيعة فيروس الأنفلونزا، وفي كثير من الحالات، يؤكد مختصون لـ “الاتحاد الاشتراكي”، كان يتم وصف أدوية مكونة من “البراسيتامول” أو المضادات الحيوية على أقصى تقدير، نظرا لأن المستشفيات العمومية لا تتوفر على الإمكانية لإجراء هذا النوع من التحاليل الذي يكلف في القطاع الخاص مابين 3 و 4 آلاف درهم، في حين أنه في معهد باستور يتم القيام به مقابل مبلغ 2000 درهم، الأمر الذي هو ليس متاحا لجميع المواطنين. ووقفت مصادر “الاتحاد الاشتراكي” عند إشكالية أخرى ترتبط بشواهد وتقارير الوفيات التي غالبا ما تشير إلى أن سبب الوفاة هو السكتة القلبية دون تحديد فعلي لمسببات هذه السكتة، ولم تستبعد أن تكون هناك حالات وفيات كانت نتيجة لهذا النوع من الأنفلونزا، الذي أقرّ وزير الصحة أنه يشكل 80 في المئة من الحالات التي تم تحديدها، في حين أن الباقي يتكون من فيروس H3n2، وكذا النوع باء من الأنفلونزا.
وفي موضوع ذي صلة عقدت عدد من العمالات اجتماعات لجان اليقظة المشكلة من عدد من المتدخلين لتتبع الوضعية الوبائية لفيروس الأنفلونزا، في المناطق التي ظهر بها، والتأكيد على المساهمة الجماعية في التحسيس والتوعية للتصدي لتبعات الداء. وعاشت منطقة عين الشق حالة استنفار يوم الخميس بعد أن تسبب مسؤول بوزارة الصحة في نقل معلومة خاطئة وهو يقدم عرضا أمام باقي المسؤولين، عن وفاة طفلة تنحدر من منطقة ابن امسيك التي تتواجد بإحدى المصحات الخاصة بسبب فيروس AH1N1، وبعد أن تم الانتقال إلى المصحة بهدف متابعة الموضوع واتخاذ الإجراءات المطلوبة تبين أن الرسالة كانت غير صحيحة وبأن الطفلة لا تزال تقاوم المرض.


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 02/02/2019