أيها المتبرعون  احذروا  «النصابة» !

محمد الطالبي

 

ضبطت مصالح الأمن أربعة أشخاص ممن لم يتورعوا عن القيام بعمليات نصب مثبتة مستغلين المأساة الإنسانية المسماة وباء كورونا المستجد، بل وصل بهم الأمر إلى حد انتحال صفة رجال سلطة، لأجل طلب إتاوات تحت مسمى مساعدات لمواجهة الآفة مستغلين طيبوبة المغاربة وسعيهم لدعم الجهد العام والتضامن مع بلدهم وشعبهم منذ أعلنت الحكومة، طبقا لتوجيهات ملكية، تخصيص حساب خاص لجمع التبرعات، وكذا إعلان الحسا1919بلتلقي مساهمات المواطنين من مختلف المستويات الاجتماعية والاقتصادية.
وقد حذرنا منذ البداية من أمثال عديمي الضمير وتجار المآسي هؤلاء ، ونجدد التذكير بأن المساهمات والتبرعات، ولضمان النجاعة، لها طريق واحد هو عبر المؤسسات الرسمية وفقا للقرارات والإجراءات المتخذة . وكل محاولة خارج الضوابط القانونية قد تؤدي إلى عكس المرجو من فعل الخير والتضامن، والتقيد بالإجراءات فيها هو من صميم عمل أجهزة الدولة والحكومة التي على عاتقها تحديد الحاجيات والناس الذين هم في حاجة في الزمان والمكان المناسبين.
إن مواجهة الآفة وتحديد الفئات التي تستحق الاستفادة من التضامن الشعبي الكبير وكيفيتها ، يتطلب الكثير من الاحتياط، حتى لا تستغل الأمر جهات تتستر، سواء خلف الدين أو العمل الخيري، وتحت أي مسمى كان، لأن تجار الحروب والمآسي يتحينون الفرص ويظهرون في الوقت المناسب. واتخاذ الاحتياطات الضرورية سيسهل عمل أجهزة الدولة المخول لها بحكم القانون تنظيم هذه العمليات.
إن السبب الأبرز الذي دفعنا للمطالبة بمراقبة أموال التبرعات العينية وغيرها في عز المأساة، أن الأموال التي قد تجمع تحت عناوين إنسانية عريضة كالمساعدات والتبرعات، قد تسرق من طرف أشخاص سيستفيدون من غياب آليات صارمة للمراقبة، خاصة بالنسبة للعمليات التي تتم في السر بدعوى كتمان أعمال الخير.
ان ما نطالب به هنا هو أن تخضع كل الجمعيات والشخصيات المنوط بها هذا العمل الإنساني لقانون الدولة في هذا المجال، من أجل سد الذرائع والحجج عند من يفكر بأي فعل يخل بالأمن المحلي، وكذلك قطع الطريق على كل نفس ضعيفة لا تصمد أمام المال فتقوم بسرقته تحت عناوين التبرعات وغيرها.
إن إخضاع مال التبرعات لمراقبة الدولة وتحت عين القانون، يضمن للمتبرع حقه في السؤال عن مالهِ أين سيذهب وكيف سوف يستخدم، كما يضمن للمحتاج وصول كافة التبرعات الخيرية إليه وفق القانون، والأهم من كل ذلك، ضمان عدم تسرب الكثير من أموال التبرعات وغيرها إلى جهات مشبوهة أو إرهابية تقوم بتمويل نفسها من أموال الناس.
الدولة مطالبة اليوم أن تكون أكثر يقظة في هذا المجال، وأن تفتح أعينها على كل أموال التبرعات.
فلا مجال للعواطف الساذجة في هذه الأجواء المتلبدة، فالقانون يضمن حق الجميع ولا يقيد حق أحد.
المغرب يتوفر على قوانين صارمة في هذا المجال والسلطات لها يد قانونية طويلة، لكن أقوى ضمانة هي وعي المواطن أولا وأخيرا من أجل سد الباب وإتاحة الفرصة للسلطات للقيام بأعمالها على أكمل وجه، هي أموال يجب أن تساعد في فك الحصار ودعم صمود المجتمع والدولة لا أن تصبح عبئا إضافيا…
أيها المغاربة احذروا من أن تصبح تبرعاتكم بيد النصابين والدجالين والمرتزقة.

الكاتب : محمد الطالبي - بتاريخ : 06/04/2020

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *