الحزب والجهوية المتقدمة والنموذج التنموي ..

مصطفى المتوكل الساحلي

نظم بعاصمة جهة سوس ماسة مدينة الانبعاث أكادير بدعوة من وزارة الداخلية ندوة وطنية أولى حول الجهوية المتقدمة خلصت إلى توصيات ..، كما عرفت عقد اجتماع هيئات الاتحاد بالجهة، كتاب الأقاليم وأعضاء المجلس الوطني للحزب صدر عنه بيان هم محاور مفصلية تهم المناظرة. ونعيد نشر بيان القيادة الحزبية بسوس، كما سنرفقها بتوصيات المناظرة..
(أولا): مخرجات وتوصيات المناظرة الوطنية الأولى حول الجهوية المتقدمة:
1 – (تعزيز آليات التخطيط الترابي) في تناسق مع السياسات العامة للدولة في مجال إعداد التراب، و(العمل على التقائية وتناسق) برامج التنمية الجهوية فيما بينها ومع المخططات القطاعية
2 – (تبني العدالة المجالية كأولوية) في السياسات العمومية والترابية (من أجل تقليص الفوارق المجالية والاجتماعية.)
3 – (دعوة الجهات إلى الانخراط في التنزيل الفعلي) للمبادئ والأهداف التي حملتها المنظومة الجديدة للتدبير الميزانياتي والمالي باعتماد البرمجة متعددة السنوات التي تستحضر شروط الفعالية والنجاعة والجودة.
4 – (حث الدولة على مواصلة مبادراتها لدعم قدرات الجهات) في مجال الحكامة والتدبير المالي، والعمل على تنويع مصادر تمويل الجهات (عبر حلول مبتكرة) من أجل تمويل برامجها الاستثمارية.
5 – (إبرام عقود برامج بين الدولة والجماعات الترابية) حول الاختصاصات المنقولة (لضمان مشاركة الجميع) في برامج التنمية الجهوية وتعبئة الموارد الكافية لتنفيذها.
6 – (ضمان انخراط المصالح المركزية للقطاعات الوزارية والمؤسسات العمومية في تنزيل ميثاق عدم التركيز) من خلال إعطاء المزيد من الصلاحيات وتحويل الموارد الكافية للمصالح الخارجية قصد تمكينها من القيام بالمهام الموكولة إليها بشكل فعال وناجع.
7 – (فتح الورش المتعلق بالملاءمة التشريعية والتنظيمية للاختصاصات المخولة) لمختلف القطاعات الوزارية ذات الصلة باختصاصات الجهة المتعلقة بنفس الميادين.
8 – (تحديد حد أدنى مشترك من الاختصاصات التي يتعين البدء بنقلها إلى الجهات)، مع (إعطاء الأولوية للصلاحيات المرتبطة) بمجالات وخدمات تهم مباشرة المواطنين وتؤدي إلى تحسين مستوى عيشهم.
9 – (دعم قدرات الجماعات الترابية حول آليات الديمقراطية التشاركية والإعلام والتواصل) مع المواطنات والمواطنين والمجتمع المدني.
10 – (تعزيز انفتاح الجهة على المواطن والمجتمع المدني) لتمكينه من المساهمة بصفة عامة في التنمية الجهوية الدامجة.
11 – (الرفع من القدرات التدبيرية لإدارة الجهة) عبر تمكينها من استقطاب كفاءات عالية تهم اختصاصات الجهة، و(تعزيز جاذبية إدارة الجهة) عبر اعتماد نظام أساسي خاص بموظفي الجماعات الترابية يأخذ بعين الاعتبار خصوصيتها وطبيعة المهام الموكولة إليها.
12 – (إرساء آليات الحكامة) و(تفعيل آليات التنسيق والتواصل) بين إدارة الجهة وكافة المتدخلين.
وبناء على توصيات المناظرة الوطنية، واعتمادا على مداولات و بيان اجتماع الاتحاديين بسوس ماسة نخلص إلى بسط أولي لأسئلة منهجية وواقعية هي التي ينتظرها المجتمع وقواه الحية من أجل بناء وإرساء جهوية حقيقية تستجيب لانتظارات الساكنة مجاليا وتنمويا وحكامة ونجاعة وتوظيفا للثروة الجهوية والثروة الوطنية المشتركة، في علاقة ببناء وإطلاق مسار نموذج تنموي جديد لايحمل بذور ولا سياسة ما سبق اعتماده وتجلت مظاهر فشله وتأزيمه للوضعية الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية..، نموذج يبتعد ويقطع مع السياسات التي اعتمدت وتسببت فيما أصبحت عليه أوضاع الوطن، ويعقلن ويؤنسن فكريا وايديولوجيا الليبرالية والراسمالية والسلوك البروجوازي الذي يميل إلى الريع والمصالح الشخصية وتراكم الثروة في مجموع قليلة كما تثبت ذلك الإحصائيات الرسمية، وأن يتم الابتعاد عن السياسات اللا اجتماعية التي لاتطور مستوى الدخل والأجور ومعهما مستوى العيش ولا تحمي القدرة الشرائية للشعب،…
إننا يجب أن نناضل من أجل الوضوح في المشهد السياسي بمرجعياته الأيديولوجية والمذهبية إن كانت عندها بالفعل وتؤمن بها قولا وتنظيرا وعملا وليس انتسابا وادعاء،فالاحزاب الوطنية الاشتراكية والتقدمية يفترض أن تكون لها منظومتها الفكرية والاقتصادية والاجتماعية وفق خصوصيات الوطن، وأن تكون عندها مخططاتها وبرامجها التنموية البديلة لما هو سائد، وأن تكون متوافقة فيما بينها على برامج مشتركة تعكس حقيقة التغيير والإصلاح المنشود الذي ضحى من أجله رجالهم ونساؤهم طوال عقود …،، بدل التماهي مع التكنوقراط والسياسات الرأسمالية واللاشعبية في حكومة ومؤسسات مما يسيئ إليهم ويفقدهم قيمتهم ومصداقيتهم ومكانتهم التاريخية …
كما يفترض في أحزاب التوجهات الليبرالية وحتى عند من يطلق عليهم التكنوقراط أن تكون ليبراليتهم اجتماعية وعادلة وديمقراطية تنحاز إلى الأغلبية من الشعب الذين هم الكادحون والفقراء والطبقة العاملة والبورجوزية الصغرى والمتوسطة ،وفي علاقة بهذا الموضوع فالتنمية الفعلية لاتكون بترسيم التوسل والصدقات والبرامج الاستهلاكية التي تسمى اجتماعية.. التي يكون أغلبها إما إلى الفشل أو محدودية وضعف في النتائج.. وتتسبب في تبديد للزمن وللمال العامين…
إن قراءة ما وضعناه بين القوسين بتوصيات المناظرة الوطنية سيجعلنا نعيد طرح نفس الأسئلة المنهجية والواقعية:
أين نحن؟ وماذا نريد؟ وأية سياسة نعتمد لبناء اقتصادنا الوطني من أجل شعبنا؟ ومن يطالب من؟ ومن المعني بصياغة الإجابات؟ ومن المعني بجعل الجهوية ممارسة وثقافة وواقعا ملموسا عند الساكنة والمنتخبين وكل المؤسسات؟ وهل لما يطلق عليه الريع بقاء واستمرار في علاقة بالجهوية والتنمية ؟ وهل الثروات بالجهة ملك للقلة ورهن إشارتهم على حساب العامة؟…
هل فعليا نمتلك تصورا متكاملا عن الجهوية التي نريد؟ وهل الجهوية نظام إداري أم منظومة تركيبية ديمقراطية تنموية عادلة وشاملة تواكب باستمرار حاجات الشعب وتتفاعل إيجابا مع انتظاراته التي يفترض في المسؤولين معرفتها والعلم بها؟؟….
وهل سنستغرق عقدا من الزمن «عشرية أخرى» لنقر ليس بفشل النموذج التنموي السابق، بل بعدم فعالية النموذج الجهوي الذي نريد بسبب غموض في التصور، وعدم الجرأة في الاختيار؟ وعدم وجود قابلية ناجعة للفعل والعمل؟ وتجنب جلي للاختيارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في ارتباط بالنظام السياسي الذي سيتم اعتماده:
في علاقة بالثروة المحلية والإقليمية والجهوية والوطنية، وتوظيفها لتقدم وازدهار الشعب ، والرفع من مستوى العيش والرقي بالقدرة الشرائية ،ومأسسة العمل الاجتماعي والتضامني بعيدا عن الريع «الإحساني» المذل، والاستغلال السياسوي للفقر لأغراض انتخابوية، وجعل الدين مطية للابتزاز وتمرير المواقف والقرارات اللاشعبية، وإقرار تعليم وطني عمومي بكل أسلاكه ومستوياته كقاطرة قوية لتنمية حقيقية…
أية رأسمالية وأية ليبرالية يريدون.. ؟؟، وأية اشتراكية و عدالة اقتصادية واجتماعية نريد..؟؟
إننا من المفترض أن نكون متوفرين على تصورنا ومخططاتنا والبرامج التنفيذية العملية كاملة حول الجهوية بآليات تحقق وتصحح وتطور مساراتها بتراكم إيجابي للنجاحات وليس الإخفاقات، وباعتماد الحلول وليس أجزاء منها، وليس باعتماد التنزيل بالجرعات التي تزيد الأمر سوءا، وليس بشعارات ومبادئ لاتستطيع أن تجد لها موطئا في الهيكلة الجهوية بكل مستوياتها إداريا وموارد بشرية وكفاءات ومنتخبين وعقلنة سلطة مراقبة الشعب بتمليكه المعرفة والوعي السياسي المحصن من العبث والشعبوية …
وليس فقط بالتجاوب الشكلي والديبلوماسي مع الخطاب الرسمي للدولة وانتظاراتها وتساؤلاتها…
إن حضورنا في كل مرافق الدولة بغض النظر عن موقعنا لايعني أن ننغلق على أنفسنا ونسقط في التعصب الأعمى ونتحول إلى عدميين ، كما لايجب أن يعني أن نتماهى مع الحكومة أو المسؤولية الترابية لنقبل بما نحن مقتنعون بأنه معاكس لمبادئنا وقناعاتنا، وما ناضل من أجله أساتذتنا المؤسسون للعمل الوطني والفعل السياسي والنقابي والجمعوي الذين قدموا التضحيات الجسام طوال مسار حياتهم إبان الاستعمار وبعد عودة الاستقلال..

 

الكاتب : مصطفى المتوكل الساحلي - بتاريخ : 17/01/2020

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *