بالصدى: كلية المحمدية .. الانخراط الصحي

خلقت كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية المحمدية الحدث مطلع الأسبوع الجاري، بعد افتتاح مرافق صحية بكل ماتحمل الكلمة من معنى، حتى ليخال الشخص نفسه وهو بداخلها، إذا ما انعزل عن العالم الخارجي، أنه يتواجد داخل أحد الفنادق الفخمة المصنفة، وليس بمرفق عمومي، بالنظر إلى تجهيزاتها الراقية من جهة، وإلى البعد الصحي، من جهة أخرى، الحاضر في كل شبر بداخلها.
مرافق تزامن إحداثها وفتحها في وجه عموم الطلبة واليوم العالمي للمرافق الصحية، الذي يعتبر مناسبة للوقوف عند تداعيات غيابها، الذي تترتب عنه معضلات صحية كبيرة، بالنظر إلى أنه وبلغة الأرقام، فإن شخصا من كل 3 أشخاص في المغرب هم لايتوفرون على مراحيض لائقة، ولكون أن 34 في المئة من سكان البوادي هم لايتوفرون على مرافق صحية، فضلا عن أن حوالي 6 آلاف مؤسسة تعليمية هي تفتقر لهذه المرافق، مما يؤدي إلى رفع نسبة الهدر المدرسي، إضافة إلى اكتساب جملة من الأمراض المختلفة، على اعتبار أن الحديث عن المراحيض هو لايقف عند خطوة التخلص من فضلات الجسم، وإنما ظروف وشروط القيام بذلك، وتبعات التأخر في «التصريف»، وسبل الوقاية من الأمراض المختلفة التي قد تنتج عن هذا الفعل، على اعتبار أن اليدين تنقلان 70 في المئة من الجراثيم، دون إغفال أعطاب مجتمعية أخرى تعدّ بالجملة والتي لها صلة بهذا الموضوع.
لقد وقّعت كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية المحمدية، من خلال عميدها الأستاذ جمال الحطابي وكل الطاقم الإداري، على شوط جديد من مسار يشهد له الجميع بالتميّز، من خلال هذه الخطوة التي تتطلب في من يقدم عليها أن يتوفر على بعد للنظر، والقدرة على استحضار كل الشروط المرتبطة ببنية تعليمية سليمة وسويّة، فإذا كان البعض قد يبدو له الحدث عابرا، فإنه بالنسبة للقائمين على الشأن الصحي عبر العالم، وللمهتمين بالتنمية، هو حدث بالغ الأهمية بالنظر إلى تبعاته، الأمر الذي استدعى أن يكون موضوع الصرف الصحي، مدرجا ضمن قائمة الأهداف الإنمائية للألفية، بعد تبنيه منذ سنة 2002 في مؤتمر «ريو +10» الذي انعقد في جوهانسبورغ، عقب تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة بالإجماع لصالح هذا القرار، لكون الصرف الصحي لايقتصر على المراحيض والبنيات التحتية المرتبطة بالمعيش اليومي للأشخاص، وإنما يمتد ليشمل ممارسات اجتماعية وسلوكية، فضلا عن الكلفة الباهظة التي تنتج عن خصاص من هذا القبيل والتي تتمثل في وفيات وأمراض مختلفة.
الاهتمام بالبعد الصحي بكلية المحمدية، يتبيّن على أنه رهان أساسي من طرف مسيريها، الذين لايدّخرون جهدا لتوفير كل الإمكانيات والسبل من أجل تحصيل أكاديمي جيّد، ومن ضمنها تحقيق الشرط الصحي، وهو مادفع مرّة أخرى إلى برمجة يوم تشخيصي تحسيسي في صفوف الطالبات، يومه الخميس 23 نونبر 2017، اللواتي ستستفدن من فحوصات طبية لتشخيص أية حالة محتملة لسرطان الثدي، فضلا عن فحوصات أخرى لها صلة بأمراض النساء، لتشكل بذلك هذه الخطوة أيضا، حدثا صحيا يحرص هذا الصرح الجامعي أن يكون شاهدا على كل فصوله.
مبادرة تلو الأخرى، تُوقّع بمداد المسؤولية والمواطنة، على اعتبار أن خطوة المرافق الصحية، نموذجا، البسيطة في شكلها بناء على ماهو متداول، هي تتيح بلغ الأرقام دائما، ربح ما لا يقل عن 3 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، المرتبط أساسا بزيادة الإنتاجية في المؤسسات التعليمية وأماكن العمل، وهو مايتطلب تنويها خاصا لكل من فكّر في المبادرة وحرص على إخراجها إلى حيّز الوجود، في انتظار استلهام النموذج والاقتداء بكلية العلوم القانونية والاجتماعية والاقتصادية المحمدية للنهوض بمرافق صحية بكليات ومؤسسات تعليمية وإدارات عمومية، وبالشارع العام لتجنيبنا جملة المشاهد الشائنة التي تخدش أبصارنا على مدار الساعة!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *