بالمباشر: أمنوا حياة لاعبينا

عزيز بلبودالي

أعادت حادثة السير التي تعرض لها أول أمس فريق فتح سباتة في طريقه من الرباط للدارالبيضاء، إلى الأذهان ما كان قد تعرض له فريق شباب أطلس خنيفرة قبل سنتين. للأسف، وجد اللاعبون أنفسهم أمام جدار الموت بدون حماية إلا من الحماية الربانية. ولحسن الحظ، أنهم أفلتوا من موت حقيقي ولو أن عددا منهم لحقته إصابات بليغة، ومنهم من حكمت عليه تلك الإصابة بالتوقف نهائيا عن ممارسة كرة القدم، وبالتالي حرم من مصدر رزق واضطر للبحث عن طرق أبواب رزق أخرى. سألت زميلي أحمد البيضي وقد تابع عبر عدة مقالات تفاصيل تلك الحادثة التي تعرض لها قبل سنتين فريق مدينته خنيفرة، لأجده يتحدث بنبرة حسرة على مصير عدد من اللاعبين رمت بهم تلك الحادثة الأليمة إلى مصير غامض غموض ملفهم التأميني الذي مايزال يراوح رفوف مكاتب القضاة في محاكمنا.
الحمد لله، لاعبو فتح سباتة نجوا من الموت وحافلتهم المملوكة لمقاطعة سباتة تصطدم بحافلة أخرى على الطريق الرابطة بين العاصمتين الإدارية والاقتصادية، وهم عائدون من مباراة ودية جمعتهم بفريق سطاد المغربي. نعم، نجوا من الموت، لكن بعضهم ستخلف الحادثة في بدنه وجسمه آثارا ربما لن تسمح له باستئناف أي نشاط رياضي مستقبلا. فماذا أعد مسؤولو الوزارة الوصية واللجنة الوطنية الأولمبية والجامعة لتأمين مصير لاعب تعرض للإصابة خارج الملعب؟ الأمر هنا لايتعلق فقط بالتعويض المالي الذي ربما يمكن أن يتحصل عليه اللاعب المصاب عبر التأمين المفروض أن يكون للحافلة، ولكن الأمر يتعلق بمستقبل هذا اللاعب الذي لن يؤمن له التعويض كيفما كانت قيمته، تلك الحياة التي اختارها وتعلق بها كمنتمي للحياة الرياضية. هل فكر مسؤولونا في منح اللاعب « المنتهية صلاحيته كلاعب ممارس» فرصة أخرى للحفاظ على شخصيته الرياضية كمتدخل في اللعبة عبر أي باب من أبواب ولوج المجال الرياضي؟
بالنسبة للتأمين، فأكيد أن الأمور لم تتغير في عالم كرة القدم المغربية، آلاف اللاعبين صغارا وكبارا، ذكورا وإناثا، يزاولون الكرة في مختلف الملاعب المتربة والمعشوشبة يوميا، في حصص تدريبية، مباريات رسمية أو ودية، بدون أن يستفيدوا من حماية تأمينية حقيقية تصونهم وتصون إنسانيتهم.
هل هناك نظام صحي تأميني متكامل وفعال في محيط رياضة كرة القدم الوطنية؟ ماهي المسطرة المتبعة في هذا الباب، وهل هناك تأمين فعلي لدى ممارسي لعبة كرة القدم، بل ولدى كل مكونات البطولة الوطنية، الكفيل بضمان ممارسة سليمة تترك مساحات من الاطمئنان لدى كل المتدخلين في رياضة كرة القدم؟
هل فكر مسؤولو الوزارة الوصية واللجنة الوطنية الأولمبية والجامعة في وضع نظام جديد للتأمين يراعي مصلحة اللاعب، والمدرب، والمسير والحكم وكل المتدخلين في اللعبة، ويقيه من دوائر الزمن؟ هل فكروا في مراجعة أو إجبار مؤسسات التأمين المتعاقد معها في تغيير أنظمتها وشروطها وهي التي ماتزال تفرض مثلا كتعويض في حالة وفاة لاعب بالملعب عشرة ملايين سنتيم فقط! فيما لايتجاوز هذا المبلغ 5 ملايين فقط بالنسبة للاعبي أندية الهواة! نعم، الوفاة لا قدر لله في الملعب، أما إن حدثت خارجه، فلأسرة المتوفى الصبر والسلوان.
شخصيا، أعرف عددا كبيرا من اللاعبين كان ينتظرهم مستقبلا واعد في كرة القدم الوطنية، تعرضوا لحوادث سير أو لاعتداءات، أصيبوا بعدها بإصابات بليغة حرمتهم نهائيا من مزاولة الكرة، لتتحول حياتهم إلى جحيم، بعد أن أصبحوا عالة على أسرهم بدون وظيفة وبدون أي مصدر للرزق!!!

الكاتب : عزيز بلبودالي - بتاريخ : 15/09/2017

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *