الاتحاد الأوروبي ينتصر لنفسه، وللشرعية، وينهي خرافة الاستنزاف القانوني!

عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr

بتصويت برلمانه على اتفاقية الصيد البحري مع المغرب، يكون الاتحاد الأوروبي قد انتصر للشرعية، وللمنطق السليم في العلاقات الدولية، ولمنطق الشراكة الرابحة، كما انتصر – ولا شك – لإرادته في تحرير نفسه من إشكالات عبثية أرادت أطراف من داخله، رغم قلتها، وأطراف متعاونة معها في الجانب الجنوبي من المتوسط، وأنصار الانفصاليين، أن يفرضوها عليه في تقدير علاقاته الدولية والاستراتيجية.
تعبيرات هذا الانتصار متعددة:
1 – يعد التكتل الأوروبي أحد أكبر التكتلات السياسية، في القرنين ا لأخيرين من عمر البشرية، وعلى وجه الكوكب، كما أنه الشريك الرئيسي للمغرب في العديد من القطاعات والاستراتيجيات.
ومن هنا كان تركيز الخصوم على هذه الساحة مزدوج الرهان:
من جهة، أي عرقلة التعاون والتوافق بين المغرب وأكبر شريك له، الأكثر قربا من أي تكتل آخر، ومن جهة ثانية، استمالة هذا التكتل في معركة الانفصاليين الدولية، سواء في الأمم المتحدة أو في غيرها من المحافل.
الشيئ الذي يجعل اليوم هزيمتهم مدوية، بعد انقلاب السحر على الساحر…
2 – التصويت جاء، بعد تتويج مسار طويل من المفاوضات، ومن تدقيق شروطه، بناء علي ماسبق، و بناء على توفير شرطين كانت المحكمة الأوربية قد وضعتهما..هما:
* الإشارة بشكل واضح إلى الصحراء، والحصول على موافقة السكان.
* استفادة السكان المحليين.
وأن التقرير،الذي صوتت عليه استراسبورغ أول أمس، قد أشار بالوضوح ذاته وبنفس الدقة إلى كون:-اللجنة اتبعت «آلية استشارة السكان المحليين (…) والأطراف المعنية»، – اللجنة حصلت على موافقة «غالبية المتحاورين» على الاتفاق الجديد.
وبالعلم أن الانفصاليين قطعوا هذه المشاورات، ورفضوها، يكون الإقرار بأن المحاورين كانوا هم سكان الصحراء، وهم الذين يتحدث عنهم التقرير باعتبارهم السكان المحليين والأطراف المعنية بالاتفاق، وهم الذين أخذ برأيهم في مايتعلق بالموافقة على الاتفاق..
ولهذا تنتهي أسطورة التمثيلية الأحادية من طرف البوليساريو ومن يشايعه في المحفل الانفصالي…
وعليه، فالخلاصة أنه لم يعد من الممكن أن يدعي أيا كان، أن أوروبا لا تعلم بمواقف الساكنة، بل الأساس في القضية، أن اللجنة قد أقامت الدليل على أن الاتفاق حظِي بأغلبية الساكنة، وهو تطور إيجابي بخصوص التمثيلية الحقيقية، الانتخابية وفق المعايير التي تومن بها أوروبا نفسها، هذه التمثلية تعود إلى المغرب
التصويت الذي نحن بصدده، تصويت، في معركة، كانت قد فرضت على الاتحاد الأوروبي، بمحاولة تطويقه بمحكمته وقضائه..وتأويل الأحكام الأوروبية ضدا على المصالح الأوروبية…
واليوم، يعتبر المغرب أنه ساعد الاتحاد الأوروبي على الإفلات من توجهات أقلية.
3 – تزامن التصويت مع الحكم الذي أصدرته المحكمة الأوروبية.
إذ أعلنت محكمة الاتحاد الأوروبي، في اليوم نفسه، عن رفضها لطلب البوليساريو، الذي حاول إلغاء التفويض الممنوح في أبريل الماضي لمجلس الاتحاد الأوروبي، من أجل التفاوض، حول اتفاق الصيد البحري موضوع الحديث.
و«قضت المحكمة بعدم قَبول طلب البوليساريو، الذي ادعى أن مجلس الاتحاد الأوروبي، لا يملك صلاحية التفاوض حول اتفاق مع المغرب يشمل مياه الصحراء المغربية، لتحسم المحكمة بذلك في هذه المسألة بشكل قاطع»…
وبذلك تكون البوليزاريو، قد تلقت -منذ الآن- جوابا عما كانت تعتزم القيام به باللجوء إلى محكمة أوروبا من جديد.
فقد صرح محمد خداد، عضو الأمانة الوطنية لجبهة البوليساريو لفرانس برس بأن «هذا يشكل تمردا على قرارات محكمة العدل» مؤكدا أنه سيتم دعوة هذه الهيئة مرة أخرى لتنظر في القضية».!
الجواب جاء في نفس اليوم من التصويت:لا داعي لكي تأتوا مجددا، فقد سبق الحكم من الآن.
وعليه، تكون نهاية مسلسل عبثي، أرادته القُوى المناهضة للحق المغربي، أن يظل «سيف ديموقليس» على رأس أوروبا، وتكون معركة الاستنزاف القضائي، حول الثروات، قد منيت بفشل ذريع، في أوروبا…
على المغرب الآن، أن يتوجه إلى الأمم المتحدة، كما فعل عند التصديق على الاتفاق الفلاحي، ويضع الوثيقة بين يدي من يهمه الأمر..
فقد كان السفير الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة، عمر هلال، قد وجه في شهر يناير الماضي، رسائلَ إلى الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، وإلى أعضاء مجلس الأمن، يبلغهم فيها أن «البرلمان الأوروبي اعتمد، في 16 يناير 2019، في ستراسبورغ، تبادل الرسائل المتعلقة بالاتفاق الفلاحي المبرم بين المغرب والاتحاد الأوروبي»، وبمبررات أقوى، عليه أن يتوجه إليهم باتفاقية الصيد البحري الحالية..باعتبارها أيضا » تتويجا لمسلسل طويل من المفاوضات التقنية، والمشاورات السياسية، والمشاورات مع الممثلين الشرعيين للساكنة المحلية، والموافقات القانونية، التي تمت بين المغرب والاتحاد الأوروبي».

الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 14/02/2019

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *