المينورسو: تخاطر مغربي أممي دال..!

عبد الحميد جماهري

تتعرض بعثات حفظ السلام لانتقادات عديدة، ويكاد توافق دولي داخل الأمم المتحدة أن يجمع على أنها تعاني من نقص ملحوظ في الفعالية، وبطء بيروقراطي يثقل حركيتها، إضافة إلى ما يعتري سلم أخذ القرار من خلل يصيب تسلسل اتخاذه.
وبقدر ما يكون التشخيص شبه موحد فإن الحلول التي تُقترح له تختلف، حسب زاوية التعامل معها….
بالنسبة للقوة الأولى في العالم، فالمعضلة تكمن في الوجود نفسه، ثم في الكلفة المالية التي يتطلبها إنشاؤها.
وهو موقف يكاد يكون اختزاليا يرى أن الضروري هو أن تقلص أمريكا من النفقات أو تتساوى مع الدول الأخرى، بالرغم من أنها تعرف بأن اقتصادها وقتها يفوق العالم كله..
كما أن البعض لا يرى فيها قدرة على حفظ السلام، إلا بالقدر الذي يساير أهدافها كقوة عظمى، ولاسيما المتواجدة في مجلس الأمن.
بمعنى آخر لا تقيم القوى العظمى وزنا لهذه البعثات، غير أن ذلك لا يلغي وجود رهانات استراتيجية للحفاظ على السلام… تقوم من خلالها بالتأثير على اتخاذ القرار الدولي..
ومن جهة أخرى يجد المغرب نفسه في وضع من يعطي خلاصة تجربته مع حفظ السلام، من خلال زاويتين:
الأولى: باعتباره دولة حاضنة لإحدى هذه البعثات، وهي بعثة المينورسو، بموجب القرار الأممي 690 الصادر في 6 شتنبر 1991،… وبالتالي، كدولة معنية مباشرة بعمل هذه البعثة الأممية، وفي تفاعل متواصل معها..
بل لقد كانت المينورسو، كبعثة أممية، مجالا للتفاوض، والتوتر، وتبادل الأدوار، وموضوع احتجاج رسمي مرات عديدة في تقدير عملها الميداني أو التوثيقي..
الثانية، باعتبارها دولة مساهمة في بعثات الأمم المتحدة لحفظ السلام، في كل من إفريقيا الوسطى والكونغو الديموقراطية..بل لقد تكبدت البلاد ضربات في فلذات أكبادها، بحيث سقط جنود مغاربة في ساحة الشرف أثناء أداء مهامهم ضمن الترسانة الأممية لحفظ السلام.
هذان الاعتباران يعطيان للمغرب الشرعية لتناول موضوع البعثات، في تقدير الأدوار وإعادة النظر في زوايا المعالجة ..
الرسالة الملكية أوردت، في هذا السياق، نظرة المغرب لتجاوز الانتقادات وكذا الوضع الحالي لهذه البعثات….
وركزت الرسالة الملكية الموجهة إلى الجلسة الأممية حول حفظ السلام على ثلاث نقط وستة أهداف:
* احترام الوحدة الترابية للدول وسيادتها، وموافقة الأطراف المعنية، وعدم التحيز.
* عدم استخدام القوة إلا في حالات الدفاع عن النفس أو عن المهمة الموكلة إليها.
* مهام واقعية، وعملية وقابلة للتحقيق.
* مدها بالتمويل المناسب.
* حشد المزيد من الجهود لإيجاد حلول سياسية.
* تعزيز مختلف مبادرات الوساطة والوقاية من نشوب النزاعات.
وقد كان لافتا أن الخطوط العريضة التي اقترحها الأمين العام أنطونيو غوتيريس، توافقت إلى حد بعيد مع هذه النقط الواردة في الرسالة الملكية.
بحيث دعا غوتيريس بدوره إلى:
* تحسين عمل البعثات باتجاه أكثر واقعية وفعالية.
* تعزيز الحلول السياسية.
* تزويد البعثات بالموارد اللازمة.
* الدعوة إلى المزيد من التفاوض والتعاون بين الأطراف ..
ولا يمكن أن يغيب عنا أن تقارب وجهات النظر بين المغرب والأمين العام حول عمل بعثات حفظ السلام، هو في حد ذاته «تفاوض» علني حول عمل البعثات ومنها المينورسو بالأساس التي تشمل مهامها قضية وطنية مقدسة….

الكاتب : عبد الحميد جماهري - بتاريخ : 29/09/2018

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *