20 يوليوز : التاريخ، الذاكرة.. والحراك! 2/1

عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr

لا تسعف أدخنة القنابل المسيلة للدموع في قراءة المشهد بوضوح!
لا يسعف الضحايا في تأويل الحدث، بعقل هادئ وبارد و كجراح محترف !…
لكن وسط التوتر والصيف الذي لا يشبه نفسه هناك إمكانية لقراءة لا تردد البدهيات الحقوقية نفسها والمقولات نفسها..بالضرورة!
وترى في الحدث، بين دموع المحتجين وإصرار الدولة على حقها في تأويل الفضاء العمومي، هناك مياه كثيرة تحت جسور مقطوعة!
فقد سمحت أحداث الحسيمة بأن تعود ،
الذاكرة إلى حاضنتها التاريخية، في تعالق واضح بين ذكرى معركة أنوال ورمزياتها التي تتجاوز الأحزاب والطبقات و…بين الحراك،
بين المكان والحمولة المهيكلة له
بين النسيان والسياسة..
** في القضاء والحراك… والنيابة العامة أولا!
فالسياسة كانت أمامها فرصة لكي تعود إلى جوهرها كما هي في الأصل ، بحث عن الحلول لأزمات العلاقة بين الدولة والمجتمع..
وليس صدفة أن التزامن المغربي، يربط بين النقاش العمومي حول .. القضاء
وبين المنع وبين السياسة
وبين القوة والفضاء العمومي..
ليس صدفة أيضا أن أسئلة غير مسبوقة تعد لطرح نفسها، لأن الذي يحدث هو أن السياسة تحررت من جزء كبير من الأجندات الخاصة بالهيئات السياسة (أطرتها مقولات التحكم، والتديين السياسي للفضاء العمومي، والدولة العميقة.. والترابط بالخارج وخرافة الربيع العربي.. إلخ )، لتعود إلى صلب المطالب التي تلهب مشاعر الناس: أي جدول الأعمال الاجتماعي والاقتصادي.. والحقيقة أن الذي «أغنى« الأجندة، وأضاف لها ما لم يكن في الأصل، هو الاعتقال السياسي…
ولهذا عندما تقف القضية كلها في قرار، واحد ووحيد هو ضرورة إطلاق السراح، يصبح اللعب ، سياسيا محشورا في الزاوية..
في الوقت الحالي يتم نقاش حول النيابة العامة التي تم فصلها عن وزارة العدل: لا يهم صحة القرار ضمن الشروط الحالية ، كخطوة إلى الأمام أو خطوة إلى الوراء، لكن من شروط إنجاح هذه الخطوة، كما يقول المختصون في القانون الذين تحدثوا طوال الأسبوع حول الموضوع، الاعتقالُ الاحتياطي: الآن يتضح أن إنجاح فصل النيابة العامة عن الأحزاب في الحكومة والأحزاب والحكومة ، يمر عبر إقرار بدائل للاعتقال الاحتياطي، للمتابعة ضمن حالة سراح إذا اقتضى الأمر..
وكان يمكن أن يكون هذا خلال الحراك وليس على هامش البرلمان فقط!
لكنه لا يناقش من زاوية التوتر الاجتماعي بقدر ما يطرحه أهله من زاوية «الانسجام الشكلاني« مع تصورنا للديمقراطية…
*** في المصالحة والتطور والحراك ثانيا…
وتعود هذه الثلاثية لكي تتحرك على ضفاف المصالحة المعنوية الكبرى، بعيدا عن قواميس التوتير والتأزيم…
وقد اتضح أن كل ما يهم الريف يهم المغرب( والعكس صحيح أيضا)، وأن ما يولد في الريف لا يمكن ألا يصب في المغرب ، أو يظل محصورا بين جباله أو وديانه وخلجانه…
حدث ذلك في الزمن القديم ويحدث اليوم
وقد يحدث غدا في الزمن والمكان المغربيين ، لهذا اعتبر الناس أن التواجد في الحسيمة واجب عين، وأنه دليل على حيوية وطنية شاملة تتجاوز النطق المجالي أو الجغرافي للاحتجاج..
لأن بند المصالحة ما زال مطروحا، وأضيفت إليه هوامش تتعلق بالتدبير الآني لمتفرعاته الاجتماعية والاقتصادية..
لا توجد الدولة لتدبير الحالات الهادئة… فقط
ولا الديمقراطية لمعالجة الوضع الطبيعي الهادئ…
بل الدولة والديمقراطية معا، توجدان أيضا لحظة الإمتحانات والتوترات ، وإلا فلا معنى للبحث عن تدبير سلمي للخلافات الموجودة..ولتدبير معلقات التاريخ في الراهن اليوم..

***
لعلها المرة الأولى التي نخلد فيها الذكرى ببيانين، بيان للمندوبية السامية للمقاومة وجيش التحرير ، التي تستعيد الملحمة من زاوية وطنية واسعة وبيان سلطات الحسيمة التي ترسم لوحة الحاضر في يوم الذكرى عبر حديث عن عشرات المصابين، أمنيين ومدنيين ، في صراع الحاضر…. مع الحاضر الذي يليه!!!
في المسافة بين البيانين مسافة في تأويل التاريخ، و»تقنين«… الحاضر !
في المسافة بين البيانين ، تنويع في المقيمين في التاريخ من يراه مكانا لتمجيد الذاكرة ،من يراه حضورا دائما لتمجيد القوة الاحتجاجية وخلفية للهوية الكفاحية …
وأي محاولة لتفضيل هاته على تلك محاولة تنذر بالخطر…

الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 22/07/2017

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *